طوني رزق
لن يستطيع اللبنانيون إغفال التغييرات الاستراتيجية الكبرى التي تجتاح الشرق الاوسط. من الربيع العربي الى الى انهيار اسعار النفط وصولا الى الاتفاق النووي الايراني. كلها ملفات تنعكس على الوضع الاقتصادي في لبنان.
تأخذ التطورات في الشرق الاوسط منحى سلبيا متواصلا وعلى خطوط عدة . ولا بد لهذه التطورات السلبية ان تعبث باقتصاديات دول المنطقة وحتى الاكثر صلابة وثروة منها . ويبدو ان ثروات المنطقة بدأت تستنزف بقوة.
تطورت الأمور لتأخذ منحى اكثر قساوة وهدرا للمداخيل من باب انخفاض اسعار النفط من اكثر من مئة دولار للبرميل الى نحو 40 دولارا في الوقت الراهن وذلك من دون استبعاد هبوط الاسعار الى مستويات تاريخية سوف تقلب كل المقاييس في اكثر من دولة.
ان تقييم كل ذلك يوضح مدى الضغوط التي تتعرض لها الدول النفطية في المرحلة الراهنة، خصوصا انها تعتمد في مداخيلها على الايرادات النفطية، والتي تراجعت اكثر من 50 في المئة. ولم تقف الامور عند هذا الحد ايضا بل جاء الاتفاق النووي الدولي- الايراني ليزيد الامور سوءا ويرفع امام الدول العربية تحديات جديدة كبيرة وخطيرة تستلزم الكثير من الحنكة لتجاوز تداعياتها.
هذه الصورة المعقدة لمنطقة الشرق الاوسط لا بد ان تعني الكثير لمختلف الدول ومن بينها لبنان. اذ ان دول الخليج التي بدأت تعاني من تداعيات تراجع النفط، يمكن ان تؤثر على الوضع اللبناني. وهناك الاف اللبنانيين العاملين في الخليج، والذين يحولون شهريا الى لبنان مئات ملايين الدولارات، وهناك المساعدات المالية الخليجية الى لبنان.
يبقى ان الشرق الاوسط يتغير مع تحوّل الدور الايراني من دور محدود الى دور اكثر شمولية. واذا كان سعر برميل النفط تراجع الى 40 دولارا قبل البدء الفعلي بضخ النفط الايراني الكامل في الاسواق العالمية، فان استكمال ايران لعودتها الى المجتمع الدولي سوف يشكل تغييرا استراتيجيا يعيد خلط الكثير من الاوراق الشرق الاوسطية وبالتالي اللبنانية ايضا، فهل يستطيع اللبنانيون الجمع بين القوى الكبرى في المنطقة لتحقيق الافادة القصوى من هذه التغييرات او انهم سوف يتشرذمون اكثر لتنطبق على لبنان نهائيا مقولة «دولة اضاعة الفرص».
وهنا لا بد من تسليط الضوء على خبر نقله موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية على الانترنت عن وزير النفط الايراني بيجن زنغنه الذي قال امس إن عقد اجتماع طارئ لمنظمة أوبك قد يكون «فعالا» في وقف هبوط أسعار الخام.
وقالت الجزائر في وقت سابق هذا الشهر إن أوبك ربما تعقد اجتماعا طارئا لمناقشة انخفاض أسعار الخام لكن مندوبين آخرين في المنظمة قالوا إنه ليس هناك أي اجتماع مزمع.
وبحسب الموقع قال زنغنه للصحفيين في طهران «إيران تؤيد عقد اجتماع طارئ لأوبك ولن تعارض ذلك.» وتراجعت أسعار النفط الأميركي الى أقل من 40 دولارا للبرميل يوم الجمعة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية في 2009 تحت ضغط مؤشرات على وفرة المعروض في الولايات المتحدة وبيانات ضعيفة عن قطاع الصناعات التحويلية في الصين. ومن غير المقرر أن تجتمع أوبك قبل الرابع من كانون الأول.
وفي حين تقول قواعد المنظمة إن موافقة الأغلبية البسيطة من الاثني عشر عضوا تكفي لعقد اجتماع طارئ فإن بعض المندوبين يقولون إن من المستبعد عقد مثل هذا الاجتماع ما لم توافق السعودية على ذلك.
وكانت السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم ودول خليجية أخرى وراء التحول في استراتيجية أوبك العام الماضي للدفاع عن الحصة في السوق بدلا من خفض الإنتاج لدعم الأسعار. والمنتجون الخليجيون في وضع أفضل للتعايش مع هبوط أسعار النفط عن إيران وفنزويلا وأعضاء أوبك الأفارقة.
ويرى مندوبون في أوبك أن تغيّر سياسة المنظمة من الدفاع عن حصتها في السوق يبدو احتمالا ضعيفا رغم أن الهبوط الأخير في أسعار النفط بدأ يؤثر سلبا على معنويات الشركات.