Site icon IMLebanon

عن حقوق المسيحيين “المهدورة”.. واستهدافهم

 

 

كتبت دنيز عطاالله حداد في صحيفة “السفير”:

تتناوب الاحزاب المسيحية على المطالبة بحقوق المسيحيين. يلبسونها في كل يوم لبوسا جديدا. فتارة يعتبر إشراك الشباب بالانتخابات عن عمر 18 عاما يشكل تهديدا لتلك الحقوق، وتارة تهدر تلك الحقوق في حال اعطت المرأة اللبنانية الجنسية لابنائها، وطورا يشكل التباكي على ما «سُرق» من صلاحيات مدخلا للعب دور المستهدف والضحية.

اليوم ترتفع نبرة الشكوى من هدر حقوق المسيحيين واستباحتها تحت عنوان التفريط بالشراكة الوطنية وعدم انتخاب «القوي» رئيسا للجمهورية.

فهل فعلا حقوق المسيحيين مهدورة؟ وهل ينسجم خطاب الاحزاب مع سلوكياتها في استرجاع حقوق المسيحيين؟

في لبنان اجماع لدى المواطنين – الرعايا من كل الطوائف، أن حقوقهم مهدورة. لا يحتاج الامر الى استفتاء او بحث ودراسة للتأكد. هو القرف معمما من الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. يشفع فقط بعض امن مستتب وسط جنون العنف من حولهم. فهل من خلاص للمسيحيين وحدهم؟ هل يمكنهم ان ينجوا بأنفسهم فقط، في وطن يتآكل وينهار؟

يغرق قلة من الباحثين الموارنة في البحث عن أجوبة. يفتشون عن مقاربات جديدة. عن لغة غير مستهلكة في مخاطبة العقول لا الغرائز. يعمل هؤلاء في فيء احدى جامعاتهم بصمت، لعلّهم يجدون عناوين تُجمِع على استرجاع حقوق اللبنانيين جميعا.

يقول أحد السياسيين المطلعين على فحوى تلك الدراسات والمشاريع إن «من حسن الحظ أن هناك عقلاء ما زالوا يؤمنون بأن الافكار قادرة على تغييّر العالم، وأن البحث عن حلول لأزماتنا يكون جماعيا ولمصلحة كل اللبنانيين او لا يكون».

في رأي أحد الاساقفة الموارنة أن «المدخل الاساسي للحفاظ على حقوق المسيحيين يكون بالتمسك بالدولة. هي حصانتهم واطار حمايتهم الوحيد. لذا عليهم اليوم أن يعملوا على تكثيف جهودهم وتوحيدها من اجل استعادة المؤسسات لدورها والقيام بمسؤولياتها. في طليعة تلك المسؤوليات انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لم يعد من مجال لترف الصراعات وشدّ الحبال. تجاوز الموضوع كل ذلك ليصبح قرارا مصيريا لوقف التدهور الى قعر لا قيامة من بعده».

يجزم الأسقف الماروني «ان انتخاب رئيس يعيد ضخ الروح في المؤسسات، فتتشكل حكومة فاعلة ومنتجة وفق برنامج انقاذي محدد يعيد صياغة الاولويات. بعدها يتم التوافق على قانون انتخاب متوازن وعصري يفتح الباب أمام تكوين سلطة جديدة مطعّمة بوجوه تحمل رؤى وأفكاراً نهضوية تضع خططا ومشاريع وتلتزم بتنفيذها». ويؤكد الاسقف أنه «لا تنقصنا الدراسات ولا الطروحات الجدية والعملية لاعادة تكوين مثل هذه السلطة، والجامعات مستعدة لتقديم المساعدة في هذا المجال».

في رأي الأسقف نفسه أن «من أولويات العمل الوطني اليوم اعتماد اللامركزية بشكلها الموسع والمضبوط مما يتيح اطلاق مبادرات انمائية محلية تنعكس حكما على السلطة المركزية وأدائها. هذا يساعد ايضا على فرز نخب وطنية ويساعد على الانماء المتوازن والصحي، الذي ينعكس بدوره استقرارا على اكثر من مستوى. فقد أصبح معيبا أن تتمحور الصراعات، على ما نراه اليوم، حول النفايات وصولا الى صحة التمثيل وتكوين السلطة». يتابع الاسقف رسم خريطة الطريق مشيرا الى أن «من يتوهم الخلاص وحده في هذا البلد واهم. فاما ننجح معا في بناء دولة قوية مستقلة وعادلة، واما نغرق جميعا. وان لم نتعلم أن في لبنان لا غلبة لفريق على آخر، واننا محكومون بايجاد الصيغ التي تؤمن الشراكة الكاملة لكل الاطراف تحت سقف القانون، فان الحروب والمآسي التي مرت علينا ستتكرر».

وكما يرفض الاسقف فكرة «الخلاص الفردي للمسيحيين» يرفض ايضا فكرة «وجوب أن يجدوا هم الحلول ويطلقوا المبادرات وحدهم». يقول: «هي مسؤولية وطنية مشتركة. على الجميع أن يقدموا فيها الافكار والمبادرات، كما التنازلات، ليستعيدوا بلدهم قبل فوات الآوان».