Site icon IMLebanon

نبض الحكومة على “كفن المندسّين” سياسياً وشارعياً!

beirut-manifestation-2

 

لم تسقط الحكومة انما سقطت هيبتها على رغم الافراط في استعمال القوة التي لم تتمكن من ضبط مندسين تسللوا طوال يومين ليخطفوا حراكاً مدنياً حضارياً، وبدت المواجهة حتمية بين الرئيس تمام سلام والفريق المؤيد لاستمرار العمل الحكومي بوتيرة انتاج أفضل، و”المندسين” سياسياً لمحاصرة الحكومة السلامية وفرض واقع جديد عليها وعلى البلاد بمجملها بدءاً من تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، مرورا بتعطيل العمل الحكومي، وصولاً الى تعطيل التشريع، مما يدخل البلاد في أزمة فراغ قد تستكمل فصولها الخميس المقبل مع اصرار العماد ميشال عون على المواجهة مع سلام، الامر الذي قد يدفع الاخير الى الاستقالة لئلا يكون شاهداً على الانهيار كما قال امس، وهو ما يدفع في اتجاه مؤتمر تأسيسي كان دعا اليه الامين العام لـ”حزب الله” وأيده فيه عون.

وبدا واضحاً ان “القوى التي تعطل مؤسسات الدولة وتجمّد البلد تريد ركوب موجة الاحتجاجات الشعبية ما انعكس خشيةً من تحويل ساحة رياض الصلح إلى ساحة رسائل متبادلة وتصفية حسابات بين القوى السياسية واستغلال المتظاهرين لهذا الغرض” كما قالت محطة “ان بي ان” التابعة للرئيس نبيه بري ملمحة الى “التيار الوطني الحر”.

الرئيس نبيه بري، قال امام زواره: “عندما يشل البرلمان ولا يستطيع القيام بدوريه التشريعي والمحاسبة، من الطبيعي ان يطالب الشعب بوكالته. من حق اللبنانيين ان يصرخوا ويعبروا عن آرائهم ويتظاهروا وهذا حق مشروع”. وسئل عن المطالبة باستقالة الحكومة، فأجاب بري: “ما هو البديل غير الفراغ، الا يكفينا الشغور الرئاسي؟”.

وأبلغت مصادر وزارية “النهار” أن الرئيس سلام تلقى امس من سفراء الدول الكبرى والاتحاد الاوروبي اتصالات تؤكد عليه وجوب عدم الاستقالة. وحض هؤلاء رئيس الحكومة على أن يصمد وأن يواجه التطورات بسبب الخوف من أن تتطور الامور نحو إدخال لبنان في الفوضى العربية وهذا الامر ممنوع بقرار دولي. وشارك في هذه الاتصالات عدد من سفراء الدول العربية الاساسية الذين اتصلوا أيضا بعدد من القيادات الفاعلة طالبين منها دعم الحكومة وإلا فإنها تتحمل مسؤولية سقوط الاستقرار في لبنان وتالياً دخول لبنان في فوضى المنطقة.

وتحدثت المصادر عن معلومات مفادها أن اتصالات أميركية أجريت مع إيران من أجل الحفاظ على الاستقرار في لبنان، وهذه المعطيات تبلّغها العماد عون كي لا تكون هناك محاولة استقطاب في خضم ما يجري من تطورات.
ونقلت “النهار” عن اوساط مطلعة ان الواقع الحكومي صار منذ السبت وخصوصا بعد المواقف التي اعلنها الرئيس سلام في ما يمكن وصفه المربع الأخير او الفسحة الاخيرة التي امهل عبرها رئيس الحكومة القوى السياسية حتى موعد جلسة مجلس الوزراء الخميس او ربما قبله في حال تقديم موعد الجلسة.

وما لم يطرأ في الساعات المقبلة ما يبدل في ملامح المشهد المأزوم ترسم الاوساط لوحة مشدودة للعد العكسي الذي بدأ في رأيها للمصير الحكومي برمته. فالرئيس سلام قام البارحة باطلاق اعنف صرخاته اطلاقا منذ تشكيل الحكومة في وجه القوى السياسية الى حد انه تعمد عدم ادانة التجاوزات والاعتداءات التي شابت التظاهرة في وسط بيروت لئلا تتخذ منها قوى سياسية اي ذريعة من اجل التمادي في تسخير التدهور للتصفيات السياسية.

بل ان الاوساط تذهب ابعد في تأكيدها ان سلام يملك الكثير من المعلومات والمعطيات التي تكشف اسباب لجوء القوى الامنية الى الافراط في استعمال القوة ولكنه حجب هذا الامر وتركه لمجريات تحقيقات بدأت فعلا في الساعات الاخيرة لتحديد المسؤوليات والمحاسبة وهي مسألة لن يكون فيها تساهل او تغطية على احد ولكنها قد تكشف ايضا جوانب حجبت تحت وطأة الانفعالات الساخنة وسيأتي وقت ملائم لكشفها. واذ بدا سلام كأنه بلغ من الصبر آخر حدوده، فإنه بتعمده الاعلان جهرا وصراحة انه يقف مع الناس والى جانبهم ضد “النفايات السياسية ” انما بعث باقوى تحذيراته الى القوى السياسية، حليفة كانت ام معطلة، وان ما فهمه الجميع من صرخته هذه انه بات جاهزا لقلب الطاولة بالاستقالة ما لم تفض الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الى قلب المشهد الدراماتيكي اقله باعادة الاعتبار والانتظام الى جلسات مجلس الوزراء ووقف لعبة التعطيل القاتلة من جهة واحترام اولويات الناس وتحييدها عن الصراع السياسي من جهة اخرى.

وبمعزل عن مجريات المعالجة لموضوع المتظاهرين والمعتصمين في ساحة رياض الصلح من الان وحتى موعد جلسة مجلس الوزراء المقبلة تقول الاوساط ان اختبارا حاسما مصيريا بالكامل سيكون الان برسم سائر القوى السياسية ولا سيما منها القوى المعطلة لمجلس الوزراء من دون تنزيه القوى الاخرى وتخفيف مسؤوليتها هي الاخرى عن المسارعة الى مبادرات فورية تجنب البلاد كأس فراغ حكومي قد يكون الاشد خطرا في سلسلة الفراغات الدستورية التي تحكم بقبضتها على الواقع المتدهور منذ حلول الفراغ الرئاسي. ولا حاجة الى تصور تداعيات هذا الفراغ بعد الانذار المتقدم الذي دقه رئيس الحكومة بازاء خطر اعلان لبنان دولة فاشلة على مختلف المستويات وتعداده “بنود لائحة الانهيارات” فيما هو يرسل الى القوى السياسية جدول اعمال القضايا الملحة التي يبدأ عبرها لجم التدهور.

ومن المتوقع أن تشهد السرايا الحكومية اليوم حركة كثيفة من اللقاءات والاتصالات للتضامن مع المواقف التي أعلنها الرئيس سلام وسط توجه الى فض عروض المناقصات الخاصة بالنفايات فورا وانعقاد مجلس الوزراء قبل الخميس وإجراء التحقيق في مصدر إطلاق النار على المتظاهرين السبت وإعلان أسبوع أمني في بيروت الكبرى تحسبا لدخول جهات إرهابية على الخط.

وفي إطار متصل، ذكرت “الجمهورية” أنّ اتصالات حثيثة حصلت في الساعات الماضية شاركَ فيها سفَراء دوَل كبرى، للمحافظة على الحكومة وثنيِ رئيسها عن أيّ تفكير في الاستقالة. كذلك طلبَ عدد من السفراء العرب في اتصالات بقيادات لبنانية المحافظة على الحكومة، محَمّلين أيّ فريق يُقدّم استقالته منها المسؤولية عن أيّ شيء يحصل في لبنان. كذلك تلقّى سلام اتصالاً مِن الرئيس سعد الحريري وآخَر من جنبلاط تأييداً لمواقفه ووضعَا إمكاناتهما بتصرّفه للخروج من الأزمة القائمة.