كشفَ قطب بارز لصحيفة “الجمهورية” أنّ هناك اتّصالات على مستويات عدّة بهدف إعادة فتح مطمر الناعمة لنقل النفايات إليه، أوّلاً لأنّ فضّ العروض المتعلّقة بالنفايات الذي سيتّم اليوم لن يؤدّي إلى المباشرة بنقلها ومعالجتها في اليوم التالي وإنّما يحتاج 6 أشهر حتّى تتمكّن الشركات المشاركة في المناقصات من البدء بعملها، وثانياً لأنّ البدء برفع النفايات سيؤدّي إلى انكشاف ما إذا كانَ هدف المتظاهرين هوَ الوصول إلى هذا الأمر، أو أنّهم يتحرّكون لغايات وأهداف سياسيّة، قد يكون منها إسقاط الحكومة أو إسقاط النظام، خصوصاً أنّ البعض “لعِبَ تحتَ الطاولة”.
وفيما تَعقد لجنة فضّ عروض المناقصات للنفايات اجتماعَها بعد ظهر اليوم، بعدما قدّم وزير البيئة محمد المشنوق موعدَه من مساء غد إلى اليوم، قالت مصادر وزارية لـ”الجمهورية”: “إنّه عند كلّ اجتماع لفضّ العروض يتعاظم الضغط وتُزخّم التظاهرات والاعتصامات بالناس وبالشعارات وبالوسائل ذات الكلفة، ما يترك مجالاً للارتياب المشروع”. واستغربَت وجود بعض الذين قدّموا العروض بين المشاركين في التظاهرات والاعتصامات. وقالت: “إنّهم معروفون، فبعض القوى السياسية تأكل من الزبالة”.
صحيفة “الأخبار” كتبت: “17 ائتلافاً لشركات لبنانية وأجنبية تنتظر نتائج العروض التي قدمتها إلى المناقصات، التي أطلقها مجلس الإنماء والإعمار في ست مناطق خدماتية، تشمل مختلف المحافظات اللبنانية، من تقدم للمناقصات؟ وكيف جرت عملية التقويم؟ والسؤال الأهم: أين حددت المطامر؟.
في خطوة ترتبط بالاعتصام المفتوح لحملة «طلعت ريحتكم»، أعلن وزير البيئة محمد المشنوق، أمس، أنه بناءً على طلب رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، قُدِّم موعد فض عروض المناقصات من مساء غد الثلاثاء إلى بعد ظهر اليوم الاثنين.
احتاجت المناقصات إلى ثلاث دورات لكي تكتمل. الدورة الأولى أُعلنت في ٢٦ أيار الماضي، ونتج منها تقدم ثلاثة ائتلافات إلى مناقصة المنطقة الخدماتية الثانية التي تضم أقضية جبيل وكسروان والمتن.
ثلاثة ائتلافات تتنافس على الفوز بهذه المناقصة هي: ائتلاف شركة بيوتيك المملوكة من نزار يونس، وإندفكو المملوكة من نعمت افرام، وشركة Pizzorno الفرنسية، ائتلاف شركة آراكو المملوكة من جهاد العرب، وشركة Soriko البلغارية، ائتلاف شركة «لافاجيت ــ بتكو، المملوكة من أنطوان أزعور، وشركة خوري المملوكة من داني خوري، وشركة Daneco Impianti الإيطالية.
الدورة الثانية من المناقصات التي أُعلنت في ١٣ تموز الماضي، نتج منها تقدم ١١ ائتلافاً إلى أربع مناطق خدماتية. المنطقة الخدماتية الثالثة، وتضم أقضية الشوف وعاليه وبعبدا. ائتلافان يتنافسان على هذه المنطقة، الأول يضم شركة الجنوب للإعمار المملوكة من رياض الأسعد، وشركة Hera الإسبانية، والائتلاف الثاني يضم شركة الاتحاد للهندسة والتجارة CET المملوكة من كبريـال وميشال الشويري وشركة Vetalia الرومانية.
أما المنطقة الخدماتية الرابعة، التي تضم محافظتي الشمال وعكار، فيتنافس عليها ائتلاف شركة «لافاجيت ــ بتكو، وشركة خوري، وشركة Daneco Impianti الإيطالية، وائتلاف شركة الجهاد، وشركة Soriko البلغارية.
وفي المنطقة الخدماتية الخامسة، التي تضم محافظتي الجنوب والنبطية، تتنافس أربعة ائتلافات هي: ائتلاف شركة الدنش المملوكة من محمد حسن دنش، وشركة لافاجيت ــ بتكو، وشركة Daneco Impianti الإيطالية، ائتلاف شركة الموارد المائية والتنمية Ward المملوكة من شريف وهبي، وشركة التنظيف الكويتية، ائتلاف شركة الجهاد، وشركة Soriko البلغارية، وائتلاف شركة يامن المملوكة من محمد عيراني، وشركة Saterm الفرنسية.
أما المنطقة الخدماتية السادسة، التي تضم محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل، فتتنافس عليها ثلاثة ائتلافات هي: ائتلاف شركات حمود للمقاولات، المملوكة من قاسم حمود، شركة الجهاد، وشركة Soriko البلغارية، ائتلاف شركات الموارد المائية والتنمية Ward وشركة التنظيف الكويتية، وائتلاف شركة خوري، وشركةDaneco Impianti الإيطالية.
الدورة الثالثة والأخيرة من المناقصات، التي جرت في ٧ آب الجاري، حسمت هوية الشركات المتقدمة، في المنطقة الخدماتية الأولى التي تضم بيروت والضاحيتين الشمالية والجنوبية. ثلاثة ائتلافات تتنافس على هذه المنطقة، هي: ائتلاف شركة الاتحاد للهندسة والتجارة CET، وشركة الساحل الغربي لخدمات التنظيف (الإماراتية) وشركة Saubermacher النمسوية، ائتلاف شركة الجنوب للإعمار وشركة AMA الإيطالية المسجلة في مصر، ائتلاف شركة لافاجيت ــ بتكو، وشركة Daneco Impianti الإيطالية.
كيف جرت عملية تقويم العروض الفنية لهذه الشركات؟ ترك قرار مجلس الوزراء حرية اختيار تقنية معالجة النفايات، واشترط أن تجري معالجة ٦٠ بالمئة من إجمالي النفايات، وأن يُطمر ٤٠ بالمئة في السنوات الثلاث الأولى، على أن ترتفع نسبة المعالجة إلى ٧٥ بالمئة في السنوات الأربع الباقية للعقد، المزمع توقيعه مع كل شركة، مع إمكانية تجديد العقود ثلاث سنوات إضافية، في ضوء التقدم في إطلاق مناقصات المحارق التي يخطط لها أن تبدأ العمل في غضون عام ٢٠٢٢. وبالاستناد إلى الشرط الأول، ترك قرار مجلس الوزراء للمتعهدين أن يختاروا مواقع المعالجة والطمر، والزمهم أن يقدموا في العروض تعهدات بتوفير الأراضي اللازمة لاستضافة هذه المواقع.
وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإن الاستشاريين الدوليين الذين راجعوا العروض الفنية، رفضوا أن يوقعوا الشرط الذي يلزم المتعهد ببناء معامل المعالجة خلال ستة أشهر، ورأوا أن هذا الشرط تعجيزيّ وغير قابل للتطبيق. في المقابل، أصر مجلس الإنماء والإعمار، على إبقاء هذا الشرط، لأنه ورد في دفتر الشروط، ولا يمكن تعديله!
ووجد الاستشاريون أيضاً أن اشتراط دفتر الشروط إلزامية توفير الأراضي من جانب العارضين، يستدعي إسقاط أي عرض لا يتضمن اقتراح موقع للطمر، ولقد حصل خلاف داخل اللجنة الوزارية بشأن هذه النقطة، بين رأي يقول بضرورة قبول عرض الشركة، التي لم تقترح مطمراً وانتقالها إلى مرحلة فضّ الأسعار، وآخر يطالب باستبعادها، علماً بأنّ اقتراح المطمر من جانب المتعهد لا يعني قبوله من البلدية المعنية ومن المجتمع المحلي.
وبالعودة إلى قرار مجلس الوزراء، يتبين أيضاً أن الحكومة وافقت على مساعدة المتعهد من خلال وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار، على إيجاد المطمر المطلوب في حال فشله في هذه المهمة، وهنا تكمن النقطة الأساسية، التي يُتوقع أن تكون رأس جبل الجليد الذي سيسقط على الجميع، ويهدد جميع المناقصات بالفشل. مطمر في كسروان مرفوض! وفي الإقليم أيضاً! وفي الجنوب لم يجرؤ أحد على التسمية، وفي البقاع الخلاف محتدم بين بعلبك وبر الياس. أما بيروت، التي تركت بلا مطمر أساساً، فإن المتعهد الفائز بهذه المناقصة يجب عليه التفاوض مع الفائزين في جبل لبنان لقبول طمر نفايات بيروت والضاحيتين بالتساوي، بين جبل لبنان الجنوبي والشمالي، أي قرابة ٤٠٠ طن لكل منطقة يومياً.
وفيما لم تتضح الآلية المستخدمة من قبل الاستشاريين الذين درسوا العروض، تؤكد معلومات أن التقويم الأخير الذي جرى خلال هذا الأسبوع كان شكلياً، بدليل عدم تلقي أيٍّ من العارضين ملاحظات فنية من الاستشاريين، على عكس ما حصل في المرحلة السابقة. ويشكك المتابعون في أن هناك الكثير من الثُّغَر التي جرى تجاوزها لمصلحة «سلق» النتائج وتظهير إنجاز ما، على وقع التظاهرات المطالبة بإسقاط الحكومة، التي قد لا تسقط في الشارع، لكنها من المؤكد أنها ستسقط في امتحان المناقصات التي ستعود إلى النقطة الصفر مجدداً، حالما يبدأ النقاش الجدي حول مواقع المطامر ومدى قبول البلديات والمجتمع الاهلي لوجودها في مناطقهم.
صحيفة “السفير” كتبت: “في حين انتهت قدرة الاستيعاب في المواقع المختارة لجمع نفايات العاصمة في الكرنتينا، وفيما معامل شركة «سوكلين» تنتهي قدرة استيعابها يوم غد الأحد، تعود الأزمة مطلع الأسبوع المقبل في بيروت الى النقطة صفر.
وقالت: “تراكم النفايات سيبدأ مجددا في الحاويات، في ظل فشل الأطراف كافة في إيجاد الأماكن البديلة او في ابتداع خطط مخففة من الأزمة. أما في بقية المناطق من جبل لبنان، فما تزال الأزمة هي نفسها، بين إبقاء النفايات متراكمة في أماكنها او رميها في مكبات عشوائية في الوديان او التخلص منها عبر الدفع لأصحاب شاحنات، من دون السؤال إلى أين تذهب.
اما جديد هذه التصرفات العشوائية فهو البدء برمي النفايات في البحر على ساحل المتن الشمالي قبالة شاطئ منطقة الزلقا. يحصل كل ذلك فيما لا يزال مكب برج حمود الضخم والتاريخي صامدا ومقفلا.
وتسأل أوساط بيئية: هل من المنطق او المعقول ان يتم استحداث مكبات جديدة على الشاطئ، ومكب برج حمود الذي تم إقفاله العام 1997 وقبل ان يطمر بالردميات والأتربة، موجود بطوله الذي يبلغ اكثر من 700 متر على الشاطئ وعرضه الذي يمتد ما يقارب 500 متر وارتفاعه البالغ ما يقارب 47 مترا عن سطح البحر؟!
وسط ذلك، كان نواب المتن، بعد رفض «حزب الطشناق»، قد رفضوا اقتراحات اللجنة الوزارية المشكلة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 74 بتاريخ 27/3/2014 والتي كانت تنص على إنشاء معامل لفرز وتسبيخ النفايات في منطقة برج حمود مقابل معالجة المكب الضخم بمبلغ 40 مليون دولار، تمهيداً لتحديد وجهة استعماله لاحقاً بما فيها حديقة عامة بمساحة إجمالية تبلغ 160٫000 متر مربّع.
بعد هذا الرفض، الذي يمكن اعتباره اليوم من احد الأسباب لازمة النفايات التي نعيشها الآن ولفشل الدولة في إمكانية تامين البديل عن مطمر الناعمة او التخفيف عنه قبل سنة من موعد إقفاله، بكون الخطة المقترحة كانت تقضي بزيادة عمليات الفرز والتسبيخ والتقليل من حجم النفايات التي كانت تذهب إلى مطمر الناعمة، عاد البحث اليوم في إمكانية الاستفادة من هذا المكب.
لكن البحث يتم على قاعدة إعادة إحياء ما كان يسمى مشروع «لينور»، لترتيب ساحل المتن، أي إنشاء مشروع استثماري (او ما يسمى «منطقة اقتصادية») اسوة بما حصل في منطقة النورمندي لمعالجة المكب، وإعطاء المتعهد مساحات مهمة من الردميات في البحر.
وتقول مصادر وزارية معنية لـ «السفير» ان الاقتراح نقل رسميا الى رئيس الحكومة، كجزء من اقتراح حل لازمة النفايات. هكذا، يظهر مرة جديدة مدى برودة القوى السياسية المتحكمة بالقرارات وبمصير اللبنانيين، تحت عنوان “الاستثمار أولا”، ولو على حساب الصحة العامة وسلامة البيئة، في وقت يختنق جبل لبنان وأهالي المتن وساحله يوميا من اشتعال النفايات المتراكمة في الشوارع، منذ أكثر من شهر!.
وتسأل مصادر بيئية معنية: «هل قام نواب المتن وقواه السياسية باستطلاع رأي اللبنانيين عموما والمتنيين خصوصا، لاسيما في هذه الظروف الكارثية بالذات، اذا كانوا يريدون حديقة عامة والمحافظة على منطقة الردميات الجديدة كملك عام لكل الناس ومعالجة أزمتهم الآن، ام انتظار صفقة ما للاستثمار في المكان؟.
يأتي ذلك مع العلم أن مشروع «لينور» توقف منذ أكثر من عشرين سنة، ولم تتم معالجة المكب لان بعض المستثمرين الطامحين، بالتنسيق مع القوى السياسية المتحكمة بقرارات المنطقة آنذاك، وجدوا ان مياه الشاطئ التي يفترض ردمها والاستفادة من الأمتار المردومة بعد فلش المكب، عميقة نسبيا ولن يستفيد المتعهد من الأمتار المربعة المردومة كثيرا بعد عمليات الردم.
وبالتالي، لا توجد جدوى اقتصادية كبيرة منه، لاسيما ان المستثمر في المناطق المردومة المجاورة في ضبيه (مارينا جوزف خوري) لم يسجل، آنذاك، بيعا سريعا في الأراضي، كما تأخر وكلف كثيرا معالجة مكب النورمندي، مما يعني عدم وجود ظروف مشجعة للاستثمار.
لذلك، ولأسباب أخرى لن ندخل فيها، تم غض النظر عن مشروع «لينور» وبقي مكب برج حمود جبلا بشعا وقنبلة موقوتة دون معالجة، فما سيكون الموقف الآن، اثر هذه الأزمة الكبيرة والخانقة التي وصلنا اليها، وقد ظهر أمس مكب وليد جديد على الشاطئ المتني، ومكب برج حمود الهرم يتفرج بحسرة!؟.