توصّلت اللجنة الامنية الفلسطينية العليا التي اجتمعت في شكل طارئ اليوم على وقع المعارك التي شهدها مخيم عين الحلوة منذ ليل أمس، الى اعلان وقف لاطلاق النار رسميا ابتداء من الواحدة من بعد الظهر، فانسحب على الاثر المسلحون من الشوارع وساد المخيم هدوء حذر، في وقت دارت اتصالات سياسية فلسطينية مكثفة لتثبيت الهدنة. من جهته، واصل الجيش اجراءاته الامنية عند مداخل عين الحلوة.
وأعلنت اللجنة بعيد اجتماعها في مركز النور ان تم “الاتفاق على تشكيل لجان ميدانية عدة لتأكيد الالتزام فيه حيث ستقوم بجولة ميدانية على الارض واحدة في اتجاه فتح مؤلفة من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية واخرى نحو الاسلاميين المتشددين مؤلفة من “حماس” والقوى الاسلامية، وثالثة نحو مفرق سوق الخضار مؤلفة من القيادة العامة و”حركة الجهاد الاسلامي” ورابعة من اجل صياغة البيان واعلانه في المساجد على ان يتولى الشيخ جمال خطاب متابعة كل اللجان”.
وكانت الاشتباكات التي اندلعت ليل امس واستمرت حتى صباح اليوم، تركزت في منطقة الطوارئ حيث معقل الاسلاميين المتشددين والبركسات حيث معقل الفتحاويين اضافة الى حي الطيرة مقر كتيبة شهداء شاتيلا في الشارع الفوقاني وصولا الى حي حطين عند الطرف الجنوبي. واستعملت خلالها الاسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية التي سمعت في اجواء مدينة صيدا، وسجل سقوط قتيلين من فتح هما فادي خضير وعلاء عثمان ونقل الاول الى مستشفى الراعي في صيدا اضافة الى عدد كبير من الجرحى توزعوا على مستشفيات صيدا.
وبدأت المعارك عندما تم الاعتداء على “فتح” ليلا من خلال هجوم شنته مجموعات “جند الشام” وقاده الارهابيان بلال بدر وهيثم الشعبي على مقار الحركة ومعقلها في البركسات، وانطلق من حي الطوارئ وبستان القدس. فما كان من “فتح” الا ان قاتلت على كل المحاور ودفعت بقيادييها الكبار من امثال اللواء صبحي ابو عرب ومنير المقدح والعميد سعيد العرموشي، الى القتال وادارة المعركة، فيما قاتلت قوات اللينو الى جانب “فتح” التي خسرت ضابطا جديدا وسقط لها 12 جريحا. واشارت مصادر فلسطينية الى ان “وبالرغم من المعارك داخل مخيم عين الحلوة، لا يزال كل طرف يحافظ على مواقعه من دون أي تقدم رغم شن الهجمات المتبادلة بين الحين والآخر لكل من حركة فتح والاسلاميين المتشددين”. وكشفت ان بلال بدر شخصيا مع 5 عناصر احرقوا مقر القوة الامنية المشتركة قبالة مفرق سوق الخضار.
وفي غضون ذلك، تبين الثلاثاء حجم الاضرار الكبير في الممتلكات داخل المخيم فيما بقيت مئات العائلات الفلسطينية نازحة من منازلها حيث باتت ليلتها في مساجد مدينة صيدا. واذ نزحت مئات العائلات الفلسطينية من المخيم في اتجاه مدينة صيدا حيث فتحت المساجد ابوابها لاستقبالهم، أعطى رئيس بلدية صيدا محمد السعودي تعليماته لفتح أبواب القصر البلدي في المدينة لإيواء العائلات. وقامت شرطة بلدية صيدا وفرق البلدية بتقديم المساعدة للعائلات من أجل مبيت ليلتها بانتظار وقف الإشتباكات وعودة الهدوء إلى المخيم.كما تمركزت سيارات إسعاف تابعة للجمعية الطبية الإسلامية داخل باحة القصر البلدي لتقديم المساعدة الطبية في حالة الضرورة للعائلات والأطفال.
وفي المقابل، شدد الجيش اللبناني من تدابيره الامنية على مداخل المخيم تحسبا لاي تطور امني بعدما طال رصاص القنص المناطق التي يتمركز فيها، وتأثرت صيدا والجنوب بالاشتباكات فتراجعت الحركة التجارية وشلت الحركة خصوصا وانه خلال مرور سيارة النائب نواف الموسوي فجرا بالقرب من المخيم اصيبت برصاصة من حي الطوارئ ما ادى الى اصابة مرافقه محمود حلال، وحولت القوى الامنية السير على الاتوستراد البحري لصيدا بعيدا عن الاوتوستراد الشرقي المحاذي للمخيم، حفاظا على سلامة السيارات والمارة.
وأثبتت الاشتباكات التي دارت بعنف في مخيم عين الحلوة بين فتح والارهابيين من جماعتي جند الشام وفتح الاسلام وبقايا تشكيلات اسلامية متشددة ان الارهابيين تنامت قوتهم وانهم باتوا يملكون اسلحة ثقيلة استخدموها ليلا ووصلت قذائفهم الى محيط سرايا صيدا والى دوار الاميركان ومنطقة الفوار في صيدا ما يعني ان خطرهم لم يعد مقتصرا على مخيم عين الحلوة انما تخطاه الى المنطقة الجنوبية المجاورة للمخيم في صيدا الامر الذي يطرح علامات استفهام عديدة ويحمل في طياته رسائل متعددة تفيد ان تلك المجموعات باتت قادرة على القنص على طريق الاولي – سينيق وعلى صيدا ما يستدعي عملا عسكريا من قبل “فتح” لاستئصال هذه المجموعات التي اشترت سلاحا وذخائر مؤخرا من تجار دخلوا الى المخيم، ما يعني ان مشروعها المستقبلي هو السيطرة على عين الحلوة من الداخل وتهديد صيدا والجنوب .
وأعلنت مصادر في المخيم لـ”المركزية” ان “فتح” ما تزال تمسك بزمام المبادرة وتقاتل وحدها فيما حركة حماس وعصبة الانصار الاسلامية “تتفرجان” ومرد ذلك انهما البيئة الحاضنة لنمو تلك المجموعات التكفيرية كما ان امام مسجد النور في المخيم الشيخ جمال الخطاب الذي يتزعم الحركة الاسلامية المجاهدة والتي لا تضم سوى 5 عناصر في صفوفها تتفرج هي الاخرى لان الشيخ الخطاب شرعن المجموعات الارهابية في المخيم واطلق عليها تسمية الشباب المسلم.
من جهتها، أكدت النائب بهية الحريري ان الاستقرار في مخيم عين الحلوة جزء من امن واستقرار صيدا ولبنان، وان تثبيت الأمن والهدوء في المخيم مسؤولية مشتركة بين جميع القوى الحريصة على الشعب الفلسطيني وقضيته المحقة والحريصة على السلم الأهلي في لبنان.
وأملت ان تنجح القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية في تثبيت وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه ظهر الثلاثاء وتحصينه بخطوات عملانية من خلال الأطر الفلسطينية الجامعة بما يعيد الثقة بهذه الأطر.