Site icon IMLebanon

هل توقع الحكومة صفقة النفايات؟

 

 

 

تقاسم أصحاب النفوذ والشهيات المفتوحة استثمار النفايات، في صفقة مكشوفة، «طلعت ريحتها» منذ ان بدأ الإعداد لها في الغرف السوداء.

والمحاصصة هذه المرة كانت علنية ومفضوحة، بالاسم والشهرة، وعلى عينك يا تاجر. لم تكن هناك حاجة لبذل جهد كبير من أجل تبيان ارتباطات الفائزين في المناقصات مع النافذين السياسيين في المناطق التي تتوزع عليها الشركات الرابحة.

في ملف توزيع أرباح النفايات، تحققت كل شروط التوازن والشراكة والعدالة والمناصفة والتمثيل الصحيح. تعرف الطبقة السياسية جيداً كيف تتقاسم المغانم على «المسطرة». ربما تتأخر الصفقة قليلاً في إطار سعي كل طرف الى تحسين شروطه ومكاسبه، لكنها تُنجز في النهاية.

كان البعض يفترض ان انتفاضة 22 آب ستفرض على الطبقة الحاكمة مراجعة خياراتها وتعديل سلوكها، أقله من باب الانحناء التكتيكي أمام العاصفة، لكن ما حصل هو العكس تماماً، إذ إن المعنيين استغلوا الحراك الشعبي للتسريع في إتمام محاصصة النفايات، بحجة ضرورة التعجيل في معالجة الازمة والاستجابة لمطالب الناس!

والأسوأ، ان كلفة معالجة الطن الواحد من النفايات عبر الشركات الفائزة، هي أكبر من تلك التي كانت تتقاضاها شركة «سوكلين»، ما دفع الى طرح العديد من علامات الاستفهام والتعجب، فيما سارع الرئيس نبيه بري الى المطالبة بإعادة النظر في المناقصات، نسبة الى الأسعار المرتفعة وتحميلها الخزينة أعباءً إضافية كبيرة، «وإلا إلغاء المناقصات.»

ولاحقاً، أوضح وزير البيئة محمد المشنوق «أن هذه الأسعار تشمل إقامة معامل للمعالجة وتحضير وتجهيز المطامر في وقت كانت «سوكلين» تشغّل معامل موجودة ، كما أن هذه الاسعار تشمل موضوع الكنس الذي لم تكن «سوكلين» تقوم به خارج بيروت».

وقال خبراء بيئيون معترضون على أداء الحكومة لـ«السفير» إن تسويات حصلت وتقاسم للمناطق جرى، إما بين السياسيين أو بين العارضين أنفسهم، او بين هؤلاء جميعاً، لافتين الانتباه الى ان الأسعار التي تقدم بها الفائزون كانت في معظمها اعلى من أسعار «سوكلين» التي كانت تتراوح بين 140 و150$ للطن الواحد.

واعتبر الخبراء المعارضون لطريقة مقاربة أزمة النفايات أن المحاصصة كانت نافرة، مشيرين الى انه ليس خافياً أن الفائزين في المناقصات مصنفون في خانات مرجعيات سياسية، إذ إن جهاد العرب محسوب على الرئيس سعد الحريري وأطراف أخرى، وشريف وهبي مقرَّب من الرئيس نبيه بري، وانطوان أزعور (شقيق الوزير السابق جهاد أزعور) محسوب على الرئيس فؤاد السنيورة وجهات أخرى، ورياض الأسعد مقرَّب من النائب وليد جنبلاط، ونعمة افرام منفتح على قوى مسيحية عدة.

وإذا كان فض العروض هو نصف الكوب، فإن النصف الآخر الذي لا يزال فارغاً يتعلق بتحديد مواقع الطمر، وهذا ما سيكون مادة بحث وخلاف في جلسة مجلس الوزراء اليوم، وسط محاولات لتهريب مواقع الطمر، من دون ضجيج، خوفاً من رد فعل الناس في المناطق التي قد يتم اختيارها لطمر النفايات فيها.

ويفتقد الإعلان عن نتائج المناقصات أي إشارة إلى كيفية تأمين «البديل المؤقت» في انتظار ان يكتمل التعاقد مع الشركات الفائزة والبدء في التنفيذ خلال الفترة الانتقالية التي حددها وزير البيئة بـ 6 أشهر، علماً أن الخبراء يتوقعون أن تحتاج الشركات الى قرابة سنة لإجراء العقود والبدء بالإنشاءات المطلوبة، وذلك إذا نجحت هذه الشركات او الحكومة مجتمعة في إقناع الناس بالمواقع المختارة للطمر، لا سيما في المناطق الحساسة في جبل لبنان!

وإعتبرت أوساط سياسية متابعة لصحيفة “الأنباء” الكويتية، أنه إذا كان من منتصر في معمعة النفايات السياسية، فهي حكومة تمام سلام، التي تجاوزت خطر السقوط وعجّلت بإجتماعها الأسبوعي بدل أن تؤجله.

وذكرت صحيفة “النهار” أنّ مناقصات النفايات رست على أسعار راوحت بين سقف أعلى 205 دولارات وسقف ادنى 123 دولاراً للطن الواحد. وبرر وزير البيئة محمد المشنوق ذلك بأن هذه الاسعار تشمل اقامة معامل للمعالجة وتحضير وتجهيز المطامر، وقت كانت شركة “سوكلين” تشغّل معامل موجودة، كما أن هذه الاسعار تشمل موضوع الكنس الذي لم تكن سوكلين تقوم به خارج بيروت. وقال مصدر معني بالمناقصات لصحيفة “النهار” إن دفتر الشروط طلب من العارضين تحديد سعر الجمع والمعالجة وكذلك الكنس وهو الذي تسبب بالفارق مع السعر الذي تتقاضاه “سوكلين”، في حين ان ثمة خفضاً في بعض المناطق مثل كسروان والمتن وجبيل حيث بلغ سعر طمر الطن 123 دولاراً في مقابل 160 دولاراً تتقاضاه “سوكلين”.

وقالت مصادر قريبة من وزير البيئة ان الوزير سيقدم الى مجلس الوزراء جدول مقارنة بين أسعار “سوكلين” وأسعار المناقصات تلحظ وضع الكنس جانباً لان عقد “سوكلين” لا يشمل الكنس الا في بيروت الكبرى بما يظهر ان الاسعار متقاربة والعمل افضل.

وأشارت مصادر وزارية لصحيفة “الجمهورية” الى ان جلسة النفايات ستكون جلسة صاخبة جداً، كونها تأتي بعد أحداث 22 و23 آب وما رافقَها من تقاذفِ مسؤوليات وتبادل اتّهامات، وتقصير في مقاربة ما جرى ومعالجته بسرعة. كذلك فإنّ قوى سياسية عدّة تعترض على نتائج المناقصات وترفضها. وأكّدت المصادر أنّه يعود لمجلس الوزراء اتّخاذ القرار المناسب بهذا الشأن، فإمّا إعادة إجراء المناقصات آخِذاً بملاحظات المعترضين، وإمّا الذهاب إلى التصويت.

وأوضحَت مصادر وزارية أخرى أنّ جلسة اليوم لا علاقة لها بالجلسة العادية التي ستُعقد قبل ظهر الخميس المقبل للبحث في جدول أعمال من 38 بنداً بعد شطبِ بَند النفايات.