سلوى بعلبكي
مع الازدحام المروري الذي تشهده الطرق من بيروت الى الشمال والجنوب والبقاع تبرز الحاجة الى قطارات سكك الحديد لوصل هذه المناطق بالعاصمة، بما يؤدي الى التخفيف من زحمة السير والتلوث البيئي اضافة الى أهميتها في وقف النزوح من القرى.
مطلع سنة 2015 تقدمت جمعية Train Train التي تسعى وفق ما يقول رئيسها الياس معلوف، الى احياء السكك الحديد والنقل المشترك والمحافظة على ما تبقى من تراث القطاع (قطارات ومحطات قديمة)، بعدد من الطلبات لمصلحة السكك الحديد لاعادة احياء خط السكة بين البترون وجبيل، وتنفيذ مركز للارشيف والبحوث في محطة مار مخايل، وترميم المحطة في رياق وتحويل جزء منها متحفاً للقطارات. إلا أن طلباتها قوبلت بالرفض الضمني بما حدا بها الى الطعن أمام مجلس شورى الدولة.
وفيما تنتظر الجمعية رأي مجلس الشورى، تقرر منع اعضاء الجمعية من الدخول الي المحطات لدرس المواقع واعداد تقارير شهرية لمعرفة ما تبقى من موجودات ومحتويات فيها. علماً بأن محطة مار مخايل التاريخية تحولت ملهى ليلياً ومحطة عاريا مكباً للنفايات. أما المحطات الأخرى وفق معلوف، فيتم سرقة ما توافر من حديد فيها فيما تحول بعضها الآخر الى مراع للمواشي. مع الاشارة الى أن الجمعية قامت في الآونة الاخيرة بحملات تنظيف لهذه المحطات.
وفيما سأل معلوف عن الـ 300 موظف في المصلحة الذين يفترض أن يكونوا حراساً لهذه الخطوط”، تطرق الى ميزانية مصلحة السكك التي تبلغ نحو 12 مليار و240 مليون ليرة، في حين أن الموظف في السكك لا يتجاوز راتبه المليون و400 الف ليرة، “اي أقل من 10% من حجم الموازنة”. وهنا يسأل معلوف اين يصرف بقية المبلغ، علماً بأن ثمة ايرادات اضافية للمصلحة من ايجارات المطاعم والملاهي والنشاطات التي تقام على محطات السكك، عدا عن ان قسما كبيرا من السكك الحديد يؤجر مواقف للسيارات واستثمارات موقتة (مرائب للسيارات ومشاريع سياحية وتجارية). اضافة الى المبالغ الاضافية نتيجة بيع أكثر من 300 باص كخرضوات وبعض قطع السكك.
وقال “اذا جمعنا ميزانية السكك لنحو 35 سنة وهي عدد الاعوام التي لا وجود لها فيها، يكون المبلغ اكثر من كاف لترميم 400 كيلومتر من السكك وحفر الانفاق بين بيروت والبقاع وشراء القطارات وتأهيل المحطات.
وتحدث معلوف عن مشروعين أحدهما للبنك الدولي لتحويل مسار السكك الحديد بين بيروت وطبرجا الى خطوط مخصصة للباصات. و أجرى دراسة لهذا المشروع عام 2001 على اساس أن يتم تنفيذه في 2002، ويستمر حتى 2015 على أن يتحول بعدها الى سكك حديد. أما بنك الاستثمار الاوروبي فقد تبرع للدولة بمليوني اورو لدرس اعادة احياء خط السكك بين بيروت وطرابلس. ووعد أنه بعد تنفيذ الدراسة، سيمول 50% من تكلفة هذا المشروع، مشيراً الى أنه وقع الاختيار على شركة Egis real الفرنسية لدرس الخط، متوقعاً أن تنجز الدراسة في 2016، ومستغرباً كيف أن هذين المشروعين يسيران ضمن المسار نفسه ويتضاربان في الوقت عينه.
وتجول الجمعية حاليا في عدد من الدول للتحالف من كبار شركات السكك الحديد العالمية لإجراء دراسات حول اعادتها واعداد دورات تدريبية حولها لمهندسين لبنانيين، على أمل أن يعملوا في لبنان لاحقا.
موزانة السكك الحديد لا تكفي!
عام 1961 انشئت مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك لبيروت وضواحيها وعهدت اليها ادارة الخطوط الحديدية واستثمارها: خط عريض يمتد من الناقورة الى طرابلس فالحدود اللبنانية السورية بطول 233 كلم تقريباً، خط جبلي ضيق بين بيروت ورياق والحدود السورية بطول 82 كلم تقريباً، خط عريض من رياق الى القصير بطول 91 كلم تقريباً.
جاءت الحرب اللبنانية لتوقف حركة هذه السكك، ولكن المصلحة بقيت مع موظفيها الذين وزع البعض منهم على الادارات العامة، فيما بقي نحو 300 موظف بميزانية تقدر بنحو 12 مليار و240 مليون ليرة. إلا أن رئيس مجلس إدارة المدير العام لمصلحة السكك الحديد والنقل العام زياد نصر، اعتبر أن هذه الميزانية غير كافية، لا بل المطلوب تخصيص المصلحة بميزانية أكبر بنحو اربع مرات. وبرر ذلك بالقول ان “قطاع النقل العام له اهميته على صعيد تعزيز الاقتصاد الوطني على نحو غير مباشر، إذ يخفف من فاتورة النقل على المواطنين ويربط المناطق بعضها ببعض ويحد من النزوح بإتجاه المدن”.
وإذ اعاب البعض أن موظفي المصلحة يقبضون الرواتب من دون أن يكون لهم عمل، لفت نصر الى أن المصلحة توصلت الى خطة متكاملة للنقل المشترك والسكك الحديد وتم رفعها الى مجلس الوزراء. “على صعيد النقل المشترك، بعدما تعذر التمويل الداخلي تم التواصل مع البنك الدولي لتمويل شراء باصات وأنظمة معلوماتية حديثة وكل ما تحتاجه خطة النقل المتكاملة التي وضعت أخيراً، وقد رفعنا المشروع الى مجلس الوزراء للموافقة على القرض. وبالنسبة الى السكك الحديد ثمة دراسة متقدمة لإعادة احياء خط السكك بين طرابلس وبيروت، ومن ثم بين طرابلس والحدود السورية وتم تكليف مجلس الانماء والاعمار باجرائها بهبة من البنك الاوروبي للتثمير. ومن المتوقع أن تنتهي الدراسة بعد سنة ونصف السنة ومن ثم توضع الكرة في ملعب الحكومة لإتخاذ قرار التنفيذ.