اشارت مصادر عين التينة لصحيفة «الجمهورية» الى ان أهمّ الاسباب التي دفعت برئيس مجلس النواب نبيه بري الى اتخاذ موقف الداعي إلى إعادة النظر بالمناقصات هي:
أوّلاًـ إنّ دفتر الشروط يتضمن فجوةً أساسية، وهي عدم تأمين المطامر، ما يَعني أنّه سيكون هناك خللٌ في إدارة الشركات لمعالجة النفايات كونها ستقف امام عقبة الأمكنة التي ستطمر فيها. وقد ظلّت هذه الفجوة قائمة في إجراء المناقصات.
ثانياًـ الكلفة التي كان يدفعها لبنان لمعالجة النفايات وكنسِها وجمعِها والتي كانت تعتبَر باهظة جداً تضاعَف سعرُها مرّتين، وقفزَت من 220 مليون دولار الى أكثر من 400 مليون دولار. ثمّ إنّ هذه الاموال التي ستدفعها الدولة ستُقتطَع من أموال البلديات التي يطالب بعضُها بأن يتسلّم بنفسه إدارة نفاياته بكِلفة أدنى بكثير وبوسائل حديثة للمعالجة أهمّ بكثير، مثلما يحصل في اتّحاد بلديات صور.
ثالثاًـ عملية التجميع والكنس لم تُحسَم بدفاتر الشروط.
وكتبت صحيفة “الحياة” أنّه منذ أن بدأت المواجهة بين المتظاهرين في ساحة رياض الصلح وبين القوى الأمنية مساء السبت الماضي، أبدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري خشيته من أن يستفيد خصوم تفعيل العمل الحكومي، وأن تنعكس التطورات على دعوة رئيس الحكومة تمام سلام التي كان وجهها صبيحة ذلك اليوم الى انعقاد مجلس الوزراء الخميس المقبل. فبعد أن شاهد استخدام القوى الأمنية خراطيم المياه ضد المتظاهرين انشغل باله من أن “خصومك يسعون الى الإفادة من أمر تقع أنت فيه…”.
إلا أن بري، وفق مصادره، أصر على مواصلته دعم دعوة سلام مجلس الوزراء الى الانعقاد، مكرراً كلامه عن أن وزراءه سيكونون آخر من يخرجون من جلسة الحكومة إذا رفع رئيسها الجلسة نتيجة الخلاف المعروف مع وزراء “التيار الوطني الحر” وحلفائهم على طريقة اتخاذ القرارات وإصرارهم على بند التعيينات الأمنية ورفضهم اتخاذ القرارات بالأكثرية بدل الإجماع في القضايا الملحة التي أضافها سلام على جدول الأعمال: النفايات، اعتمادات لرواتب الموظفين، الهبات والقروض، وبند تمثيل لبنان في التحكيم في الدعوى المقدمة من شركة طيران بريطانية، إضافة الى البنود العالقة من جدول الأعمال السابق.
ومع إبلاغه زواره تأييده وتفهمه تحرك الناشطين احتجاجاً على أزمة النفايات، فإن بري أجرى الأحد اتصالاً بالرئيس سلام، بموازاة استمرار هذا التحرك اقترح عليه خلاله تقديم موعد فض عروض الشركات لمعالجة النفايات، وتقديم موعد جلسة مجلس الوزراء لمزيد من الجدية في متابعة الملف الذي من حق المواطنين الاعتراض على تأخر الدولة في البت به. وجدد بري التأكيد أمام زواره أنه “لولا الطائفية في هذا البلد لكان المحتجون سحبونا من بيوتنا”، في إشارة الى أن التأزم السياسي الذي يَحُول طابعه الطائفي دون الوصول بالاحتجاجات على إهمال شؤون الناس إلى نهايتها… كما أيد بري في اتصاله مع سلام ضرورة تفعيل المؤسسات والبرلمان وانتخاب رئيس جمهورية.
وقال بري لزواره: “لو سمعوا مني حين اقترحت قبل 3 أشهر اعتماد السلسلة الشرقية لجبال لبنان لاختيار مطامر ومكبات، لأن تلزيمها لشركات متخصصة يفضي الى بقاء 8 في المئة فقط من هذه النفايات بعد معالجتها، لطمرها بطريقة بيئية”.
ولم يشأ بري توقع ما سيحصل في جلسة مجلس الوزراء المرتقبة إذا قرر سلام اعتماد التصويت وإنفاذ القرارات بالأكثرية، في انتظار مجريات الجلسة، لكنه جدد تأييده سلام في وجوب بت القضايا الملحة، على رغم اعتراضات “التيار الحر” وحلفائه على صيغة الأكثرية. لكنه قال: “لننتظر ما سيكون موقفهم في الجلسة. وإذا اتخذت قرارات في البنود الأربعة الضرورية نستطيع الاكتفاء بذلك وتأجيل الجلسة بشأن البنود الأخرى” (تفادياً لمزيد من التأزم).
وحين سئل عما إذا كانت المخارج التي يتم بحثها على شكل سلة تشمل ترقية 22 ضابطاً إلى رتبة لواء أو رفع سن التقاعد لقوننة التمديد للقيادات العسكرية مقابل تفعيل المجلس النيابي وفتح دورة استثنائية… قال بري لزواره: “سمعي خفيف هذه الأيام. لم أسمع شيئاً في شأن الاقتراحات التي تطرح. وعلى كل حال، كل أمر من هذه الأمور يحتاج إلى قانون في البرلمان. كيف يجتمع لإقراره وهم يعتبرونه غير شرعي؟ نحن أولاد حرام ولسنا شرعيين بنظرهم. ليعترفوا بشرعية المجلس النيابي أولاً… ومعلوماتي أن “تيار المستقبل” و”اللقاء النيابي الديموقراطي” لا يحبذان فكرة ترقية الضباط”.
وعما إذا كان تفاؤله بمرحلة ما بعد الاتفاق على النووي الإيراني وانعكاسه إيجاباً على حوار إيراني- سعودي يسهل انتخاب رئيس للجمهورية ما زال قائماً، يقول بري إن “علينا أن ننتظر موعد 16 كانون الأول، التاريخ النهائي لإقرار الاتفاق النووي في واشنطن وطهران، ومن بعدها يمكننا أن نأمل بالالتفات الى الأزمات الإقليمية، ومنها لبنان وإنهاء الشغور الرئاسي”.
لكن بري يعود ويؤكد دعمه دعوة سلام مجلس الوزراء الى الانعقاد بالقول: “لدى رئيس الحكومة غطاء ميثاقي للجلسات الحكومية لأنها تحظى بتأييد فرقاء مسيحيين مهمين وأساسيين، خلافاً للموقف المسيحي المعترض على التوقيع على مرسوم دورة استثنائية للبرلمان من أجل تفعيل التشريع، ما يجعل الميثاقية غير مؤمنة، نتيجة اعتراض “الكتائب” و”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، كل لأسبابه وشروطه”.
وذكرت صحيفة “الأنباء” الكويتية أنّ معلومات وأقاويل سرت في أوساط المتظاهرين والإعلاميين ومنظمي التحرك عن مشاركة مناصري حركة “أمل” التي يتزعمها الرئيس نبيه بري الوافدين خصوصا من الخندق الغميق وقيامهم بأعمال الشغب والفوضى، ما تسبب بتوتير الأجواء واستفزاز قوى الأمن وتشتيت التظاهرات بعدما حرفت عن مسارها السلمي.
حركة “أمل” نفت في بيان كل ما تنشره وسائل الإعلام عن مشاركة مناصرين لها في الاعتداء على القوى الأمنية والممتلكات العامة والخاصة.
وتؤكد مصادر بري لصحيفة “الأنباء” الكويتية أنه غاضب من هؤلاء المتظاهرين، وتجزم بأنه لا صلة للحركة بهم، وبأنهم يتحركون من دون أي قرار حزبي. على العكس من ذلك، رئيس المجلس لن يصدر أي موقف، “وتصفية الحسابات في الشارع لا تعنينا، وكل هذه الاتهامات مش قابضينها”.
هذه الردود الحاسمة يقدمها المقربون من بري ردا على اتهامه بأنه يريد إفشال التحرك، وإحراج جميع القوى ودفعها إلى تفعيل مجلسي النواب والوزراء، وصولا إلى انتخاب رئيس للجمهورية، بما يطيح مواقف العماد ميشال عون وحظوظه الرئاسية.