Site icon IMLebanon

بأي صورة سيذهب سلام إلى الأمم المتحدة؟!

 

 

 

أثار التخبط الواسع الذي أحاط بالمعالجات الحكومية الجارية لملف النفايات مزيداً من الارباكات على مجمل الوضع الحكومي ومن خلاله على مسار الازمة الحكومية والسياسية في وقت بدأت تتنامى فيه بقوة معالم الخشية من انهيارات اقتصادية واجتماعية في البلاد لم يعد لدى احد شك في اقتراب استحقاقاتها. ولعل اكثر ما شكل نقطة تساؤلات واستغراب لدى المعنيين بمراقبة سلوكيات القوى السياسية المشاركة في الحكومة هو ان غالبية هذه القوى باتت تتحدث او تتصرف بازدواجية لا مكان لها في المألوف من السوابق الحكومية بحيث يصح في هذه السلوكيات المثل القائل بأنها “تضع رجلاً في الفلاحة ورجلاً أخرى في البور”، بما يضع رئيس الوزراء تمام سلام اكثر فاكثر امام اقترابه من ترجمة تلويحه مراراً في الآونة الاخيرة بامكان استقالته متى وصل صبره الى النهاية المحتومة. ويلفت هؤلاء المعنيّون الى ان الواقع الحكومي الداخلي بلغ في ظل موجات التظاهرات والحركة المتدحرجة الجارية في الشارع في الايام الاخيرة مرحلة متقدمة جدا من التحلل لم تكن في هذا المستوى من التدهور قبل هذه الموجات على رغم ان واقع الانقسام السابق على خلفية الشروط العونية المدعومة من “حزب الله” كانت تعطل الحكومة، ولكنها لم تكشف مستوى الانهاك الذي حل بها إلاّ في الايام الاخيرة. تبعاً لذلك يطرح المعنيون جملة تساؤلات وملاحظات قلقة تبدو منطقية للغاية في سياق استكشاف مدى الدعم الحقيقي الذي لا يزال يحظى به الرئيس سلام او استمرار الحكومة سواء من حلفائه او من خصوم حلفائه باعتبار انه ليس من المنطقي ابدا ان يكون للرئيس سلام الذي جاء باجماع قل نظيره أي خصم في الحكومة.

أبرز هذه الملاحظات ان جبهة الحلفاء لا تبدو على تماسك الحد الأدنى المفروض أمام مجموعة الملفات الضاغطة التي تحاصر الحكومة وهو واقع غالباً ما بات ينكشف عند كل محطة مفصلية مثل ملف النفايات او واقع المواجهات التي حصلت بين القوى الامنية والمتظاهرين حيث اندلعت على اثرها سجالات بين الحلفاء انفسهم او بعضهم المحسوب في خانة دعم رئيس الحكومة. كما ان الكثير من ملابسات ملف النفايات الذي شهد بالامس انتكاسة شديدة السلبية على صورة الحكومة لجهة التراجعات عن مناقصات لم تجد فجأة من يدافع عنها بعدما كثر التبشير عقب اجرائها بمقارنات بينها وبين الواقع الذي سبقها شكل ارتدادات سيئة على الحلفاء كما على الاطراف الآخرين في فريق 8 آذار مما يعني فقدان الحد الادنى من التحسب والاستشراف والتخطيط السليم والدقيق والتسليم لمنطق ردود الفعل الفورية والارتجالية.

ومن هذه الملاحظات ايضا فقدان الرؤية الموحدة لموجبات مواجهة السياسات التعطيلية الامر الذي ينعكس في بروز اجندات مختلفة ولولا الخشية من ان يكون وراء التعطيل المتمادي اهداف تستهدف ربما تغيير النظام لكانت تمايزات الحلفاء برزت بقوة أكبر. ويقول المعنيون في هذا الاطار ان التحولات الاقليمية الاخيرة لم تقابل من فريق الحلفاء ولا سيما منهم فريق 14 آذار بما يقتضي على تصويب النظرة الواحدة لمواجهة تداعيات هذه التحولات المحتملة على لبنان بدءا من الاستحقاق الرئاسي وازمة الفراغ اذ لا يكفي ان يبقى هؤلاء يردّدون فقط لازمة اتهام الفريق المعطل للمؤسسات باستهداف النظام فيما تنكشف جبهتهم عن افتقار الى الحد الأعلى المفروض من التماسك وتوحيد الرؤية.

أما في مقلب الفريق التعطيلي فإن المعنيين يعتقدون ان واقعه لا يقل التباساً عن خصومه وخصوصا بعدما احدث موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري ارباكاً عميقاً لدى هذا الفريق لجهة تمسكه بما يسميه العودة الى الكتاب او الدستور. ذلك ان هذا الموقف كشف هشاشة الحيثيات التي لا يزال الفريق التعطيلي يتبعها في مكابرة واضحة تهربا من تبعة تعطيل الانتخابات الرئاسية فانبرى الى تمديد رقعة التعطيل بتهديده الواقع الحكومي الذي يشكل المتراس الأخير أمام تهاوي الواقع الدستوري برمته.

في ظل هذه القراءة يقول المعنيون ان منع سقوط أو اسقاط الحكومة لا يزال على رغم كل شيء خطاً أحمر ممنوع تجاوزه في المدى المنظور على الأقل. ولكن ذلك لا يعني تجاهل عوامل الانهاك والضعف الكبيرين اللذين باتا يتهددا الحكومة امام تضخم الاستحقاقات فيما يصعب جدا على رئيس الحكومة خوض معركة مفصلية في كل جلسة لمجلس الوزراء على قاعدة الاحتكام الى محاولات المساومات التي يرفضها الفريق المعطل او اتباع قاعدة الاحتكام الى تأييد 18 وزيراً في وقت تشن عليه هجمات من الفريق الآخر بتهمة خرق الميثاقية باعتبار ان مجلس الوزراء يتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة. وتتساءل بعض الأوساط السياسية هنا عن الصورة التي سيحملها الرئيس سلام معه الى الأمم المتحدة في الثلث الاخير من ايلول المقبل لدى مشاركته في افتتاح اعمال الدورة العمومية للامم المتحدة وإلقاء كلمة لبنان فيها. ذلك انه يفترض ان يحض الرئيس سلام المجتمع الدولي على مساعدة لبنان في النواحي الأساسية من معاناته ولا سيما منها ممارسة الضغوط اللازمة على الاطراف الاقليميين المؤثرين في ازمته الرئاسية وكذلك تحريك المساهمات الدولية في مساعدته على تحمل اعباء اللجوء السوري الكثيف في أرضه وهي أمور لم تعد مرئية الآن أمام الغرق التصاعدي في الاهتراءات الداخلية. فبأي صورة سيطل الرئيس سلام حينها على المجتمع الدولي؟

وأشارت مصادر سلام لصحيفة “الأنباء” الكويتية الى ان رئيس الحكومة فوجئ بالجدار المركب في الليل، والذي قررته القوى الامنية بموافقة وزير الداخلية نهاد المشنوق، واذا به يعطي عكس النتائج المتوخاة منه، حيث بدأ المعتصمون في الساحة يطرحون فكرة الانتقال الى منازل الوزراء والاعتصام امامها، كما ان الاصداء الديبلوماسية للجدار لم تكن مشجعة ما حمل رئيس الحكومة على تقرير إزالته، فيما هرع الناشطون البيئيون الى تسجيل خواطرهم وافكارهم ورسوماتهم عليه والتقاط الصور التذكارية قبل أن تستكمل الرافعات إزالته، فيما اعتبره الناشطون انتصارًا للحركة الشعبية.