أجبرت مقاطعة شعبية نظمها مواطنون كويتيون على مواقع التواصل الإجتماعي شركات الصيد والتجار على تخفيض أسعار الأسماك المحلية التي ارتفعت خلال الآونة الأخيرة بشكل مبالغ فيه.
وانطلقت الحملة التي اتخذت شعار “خلوها تخيس” -أي دعوها تفسد- على موقع تويتر ذي الشعبية الكبيرة في الكويت وسرعان مع تجاوبت معها قطاعات واسعة من المواطنين والمقيمين وانتقلت إلى الغالبية العظمى من السكان عبر الرسائل المجانية لتطبيقات الهواتف الذكية مثل واتس آب وفايبر وذلك بعد أن وصل سعر سمك الزبيدي المفضل لدى الكويتيين إلى 15 دينارا (نحو 50 دولارا) للكيلوجرام الواحد.
وفي مؤشر على قوة الحملة تراجع سعر الزبيدي إلى ما دون عشرة دنانير في سوق شرق بالعاصمة والذي يعتبر أكبر سوق لبيع الأسماك في الكويت حيث تراجعت أعداد رواد السوق واشتكى البائعون من قلة الزبائن وضعف الطلب منذ انطلاق الحملة قبل عدة أيام.
وقال محمد العلي المنسق العام للجمعية المدنية لحماية المستهلك لرويترز إن الحملة التي وصفها بالناجحة انطلقت لأن “أسعار الأسماك في تضخم واضح.”
وأضاف أن الأسعار بلغت مستويات يعجز معها المستهلكون عن شراء الأسماك.
ورغم المستوى المرتفع للدخول في الكويت البلد النفطي عضو منظمة أوبك إلا أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية وتضاعفت اسعار الأسماك بسبب الطلب المتزايد عليها وتضاؤل المعروض منها وعدم إقبال المستهلكين بقوة على الأسماك المستوردة.
وتجاوبا مع الحملة أصدر مجلس الوزراء عقب اجتماعه الأسبوعي يوم الاثنين بيانا أكد فيه تكليف لجنة الخدمات العامة بدراسة أسباب ارتفاع الأسعار تمهيدا لاتخاذ كل التدابير اللازمة الكفيلة بضمان السعر العادل للمواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها المواطن والعمل على توفيرها لتكون في متناول الجميع وتأمين سبل الحياة الكريمة لهم.
وتقدم الكويت لمواطنيها دعما للعديد من المواد الغذائية كالأرز والزيت والسكر والطحين وحليب الأطفال وغيرها من المواد وحتى اللحوم الاسترالية المستودة تبيعها شركة المواشي الكويتية بأسعار تحددها الحكومة. لكن الكويت لا تدعم الأسماك.
وتمضي الكويت قدما في خطة لترشيد أنواع الدعم المختلفة التي تقول إنها لا تذهب لمستحقيها. واتخذت خلال العام الماضي العديد من الخطوات منها إلغاء الدعم عن الديزل والكيروسين ووقود الطائرات حيث بدأ تطبيق الأسعار الجديدة منذ بداية العام الحالي كما تدرس إلغاء الدعم عن البنزين والكهرباء والماء.
ولا تظهر أرقام التضخم الرسمية المعلنة من قبل الحكومة طفرات لكن المواطنين يشكون من ارتفاع السلع والخدمات بشكل يرونه مبالغا فيه.
ويعتقد كثيرون أن الحملة نجحت في تخفيض أسعار الأسماك لكنهم يطالبون باستمرار الضغط والمقاطعة لتحقيق المزيد من المكاسب كما يطالب العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بتوسيع نطاق الحملة لتشمل سلعا أخرى.
وقال المواطن صلاح العنزي الذي كان يقف في السوق بعد أن اشترى احتياجاته “الحملة أثبتت جدارتها وحققت الجدوى منها” حيث انعكس ذلك بشكل واضح على الأسعار.
واضاف “لو تستمر (الحملة) أسبوعا اضافيا يمكن أن تنزل الأسعار أكثر وأكثر.”
لكن مواطنة كويتية أخرى تحدثت بكل غضب معتبرة أن الاسعار لا تزال مرتفعة لاسيما أسعار الزبيدي وقالت بينما كانت تهم بالخروج من سوق الأسماك دون شراء ما تحتاجه “العائلة الكويتية هل يكفيها كيلو أو اثنين؟ (بالقطع) لا يكفي.. بكم نشتريها؟ بثلاثين أو 45 (دينارا)؟”
واضافت أن هذه الأسعار يمكن أن يشتري بها المواطن “سوارا أو قلبا (من الذهب) أحسن وليس زبيدية يأكلها في يوم.. حرام عليهم … عسى يخيس (يفسد) ولا يقعد.. حرام عليهم.”
وقال إبراهيم محمد مرسي الذي يعمل دلالا بسوق شرق إن الحملة تسببت في هبوط أسعار الأسماك بنسبة تصل إلى أربعين في المئة مبينا أن الهبوط شمل كل الأنواع.
وقال إن تزامن الحملة مع موسم الاجازات الصيفية ساهم إلى حد كبير في نجاحها حيث يقضي كثير من المواطنين الكويتيين والوافدين عطلاتهم خارج البلاد.
وقال جلال الشمري رئيس مجلس الإدارة بالإنابة في الاتحاد الكويتي لصيادي الأسماك لرويترز إن ارتفاع الاسعار يعود إلى نفوق كميات كبيرة من سمك الميد رخيص الثمن بسبب التلوث وهو ما رفع الطلب على باقي الأنواع اضافة لتوقيف السلطات لنحو 90 قاربا ومنعها من الصيد.
وأكد أن الصيادين ليسوا سببا في ارتفاع أسعار الأسماك مبينا أنهم محكومون بمواسم معينة للصيد اضافة لعوامل الطقس التي تتحكم فيهم “وفي النهاية نحن نعتبر مجتهدين لخدمة المواطن والمقيم.. لتوفير الأمن الغذائي وهذا شرف لنا أن نوفر الأمن الغذائي لأهلنا أهل الكويت.”
وبدا العلي من الجمعية المدنية لحماية المستهلك سعيدا بالنجاح الذي حققته حملة “خلوها تخيس” وقال بثقة “أي سلعة ترتفع أسعارها بدون أي سبب واضح أو من خلال ارتفاع مصطنع سوف نشن حملات ثانية ضدها.”