من الكثير الذي كتب عن تظاهرات بيروت التي أعادت الى الذاكرة تظاهرات شعبية في دول عربية وفي بدايات الربيع العربي، نورد هذه النماذج والعينات:
1 ـ كتب المحلل سمير السعداوي: السجال المستحق الآن هو حول آفاق هذا التحرك الذي ربما يكون حمل أكثر مما يتحمل لجهة الرهان عليه مشروعا يتيما خارقا للطوائف والانقسامات، في حين لا يستطيع مضاهاة الطبقة السياسية تنظيما وقدرة على الحشد وإثارة الغرائز.
والجدل أيضا حول جدوى رفع شعارات من نوع «إسقاط النظام» من دون وجود بدائل وآليات مناسبة للتغيير.
المأزق أن المطالب التي رفعها بعض المتظاهرين لجهة «إسقاط النظام» تبدو غير ناضجة، فماذا لو استقالت الحكومة ومعها المجلس النيابي؟ من يسير أمور البلاد حينها؟ وهل ستبقى بعدها هيبة لشرطي أو رجل أمن لتدارك فوضى واعتداءات محتملة على الأملاك العامة والخاصة؟ ربما أوحت الأحداث في شوارع بيروت نهاية الأسبوع الماضي، بأن هناك ربيعا تهب نسائمه على البلاد، لكن أي ربيع متوقع في ظل الشواهد المخيفة في المنطقة، ومن دون قيادات سياسية تتبنى مشروعا لدعم الحرية والتداول السلمي، وأيضا تضبط سلوك المجتمع وتقدم نفسها نموذجا ومرجعية للقيم، لينعكس ذلك على أداء المؤسسات.
2 ـ الصحافي والكاتب حازم الأمين شارك في تظاهرة وسط بيروت وكتب تعليقا تحت عنوان «تظاهرة بيروت: اشتباك بين بري وعون»: تظاهرة بيروت كانت من دون «لغة سياسية».
ذروة السياسة تمثلت في شعار «الشعب يريد إسقاط النظام».
ما هو النظام في لبنان؟ ومن هو النظام الذي أردنا إسقاطه؟ هو شيء غير محدد على الإطلاق، ومن المؤكد أن اثنين من المشاركين لم يكونا متفقين على هوية النظام الذي يريدان إسقاطه.
من المؤكد ان النظام ليس تمام سلام، فالرجل من هامشه، كما أنه ليس عناصر الأمن الذين وقعت المواجهات بيننا وبينهم، ذاك أن عددا منهم شرعوا في البكاء وهم يحملون هراواتهم.
ومن جهة أخرى النظام كان يتظاهر معنا، فها هم العونيون المشاركون في النظام وفي الحكم وفي الحكومة يشاركوننا غضبنا عليه، ونبيه بري أيضا، وهو ركن النظام و«عموده» كان معنا في التظاهرة.
ربما كان محقا من قال ان ميشال عون عجز عن التظاهر على مدى أسبوعين دعا خلالهما لتظاهرات ولم يستجب أحد دعوته، فقرر أن يركب موجة التظاهرة وأن يحول مسارها، فما كان من خصمه نبيه بري إلا أن أعاق مسعاه وأفشل التحرك.
فقد أرسل نبيه بري «شعبا» صغيرا إلى شعب التظاهرة، وأرسل ميشال عون «شعبا» آخر.
3 ـ يرى المحلل السياسي ـ الاجتماعي سامر فرنجية أن تحرك المجتمع المدني الأخير في لبنان، المعترض أو «الثائر» على الحكومة اللبنانية نتيجة أزمة النفايات وبوادر أزمة الكهرباء، جاء ليظهر بعض الحيوية المطلبية غير المتوقعة.
بيد أن هذه الحيوية لم تنجح في إخفاء أزمة تحركات اعتراضية كهذه في لبنان، وهي أزمة عبرت عنها خطابات التحرك وشعاراته.
أظهر التحرك الأخير إشارات عدة تنم عن استمراره في النهج المأزوم للمجتمع المدني اللبناني، أكان في اختيار مكان التجمع أو شعاراته أو مطالبه واستكمل التحرك الأخير منطق بدايات ما سمي بـ «المجتمع المدني» في التسعينيات، حيث شكل تجمع الفاعليات والمنظمات والأحزاب المنضوية تحت شعاره، مشروعا بديلا عن الطبقة السياسية.