Site icon IMLebanon

ما هي الخطة البديلة عن إلغاء المناقصات؟

 

 

 

 

كتبت صحيفة “السفير” أن “جدار المناقصات” الذي تسلّقه كبار القوم من السياسيين بالتواطوء مع الشركات الفائزة بـ”النفايات” سقط، قبل أن يعود ويتهاوى سريعاً تحت وطأة المحاصصة العلنية والأسعار الخيالية.

وقالت: “لقد كانت المحاصصة، بتركيبتها وكلفتها، فاقعة جداً هذه المرة، الى حد أنه لم يكن بمقدور حتى المنتفعين منها أن يغطّوها، فسارعوا جميعاً الى الانقلاب عليها والتنكّر لها، قبل صياح الديك، لينتهي الأمر بإلغائها وطمرها في مجلس الوزراء. وإلغاء نتائج المناقصات هو إنجاز يُسجل بشكل أو بآخر للحراك الشعبي الذي لا يزال يُمسك بالمبادرة، مصّراً على الرقابة والمحاسبة في الشارع، بعد إقفال مجلس النواب المعني بهذين الدورين”.

وربما يصحّ القول إنه لولا انتفاضة 22 آب وهزّاتها الارتدادية المتواصلة، لكانت المناقصات قد مرّت في ليل، شأنها شأن المحاصصات السابقة التي اعتادت على سلوك «الخط العسكري»، من دون أن تتوقف على أي حاجز قانوني او دستوري.

ولئن كان سقوط المناقصات قد منع التمادي في خطيئة الحلول المشوّهة والمشبوهة، فإن التحدي يكمن الآن في التقاط الفرصة الجديدة واستكمال الضغط على الحكومة لتصويب مسار المعالجة، على اساس قواعد علمية وسليمة، يشارك في وضعها الخبراء من أصحاب الاختصاص، بدل حصر هذه المهمة بسياسيين من أصحاب المصالح.

لكن مصدراً وزارياً بارزاً أبلغ «السفير» أنه يتخوف من أن يكون ملف تجديد المناقصات قد طوي حتى إشعار آخر، معرباً عن اعتقاده بأن ما حصل ليس سوى توطئة لإعادة تعويم شركة «سوكلين» وليس لإجراء مناقصات جديدة على اسس صحيحة.

ولعل المحك الأدق الذي يواجه الحكومة الآن يتمثل في مدى قدرتها على تنفيذ قرارها باعتماد مكبّ سرار كـ«مطمر صحي» للنفايات، بالترافق مع اتخاذ قرار بمنح عكار 100 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، وهذا قليل مما تستحقه تلك المنطقة المهملة والمحرومة.

والمفارقة، أن المطلوب من عكار ان تستقبل النفايات فوراً، في حين ان المشاريع الانمائية ستنفذ فيها بالتقسيط طويل الأجل، هذا إذا صدقت الدولة في وعودها، وهي المعروفة برشاقتها في الهروب الى الأمام والتهرّب من الاستحقاقات.

وقال الوزير نهاد المشنوق لـ«السفير» إن الإنماء هو حق مشروع لأهالي عكار، بمعزل عن ملف النفايات، مشددا على ضرورة عدم تصوير الامر وكأنه مقايضة، ولافتا الى انه يجري نفض الغبار عن كل المشاريع التي تخص عكار والمنسية في ادراج الادارة.

وأضاف: أما في ما خص المطمر، فنحن امام محاولة جدية للاستفادة من المكب المصنّف من قبل الدولة، بعد إخضاعه الى معايير بيئية وصحية ممتازة، ونحن نتشاور بهذا الصدد مع جميع فعاليات المنطقة، والمسألة لم تنته بعد.

في المقابل، رفض العديد من الجمعيات والأوساط العكارية «الرشوة المالية» لعكار، ودعت حملة «عكار منا مزبلة» الى «التصدي لقرار الحكومة الجائر» عبر اعتصام في ساحة العبدة. كما أعلن المجلس المدني لإنماء عكار عن رفضه استقبال أي نفايات من خارج عكار، بينما سجل انقسام في صفوف البلديات بين موافق ومعترض.

وفيما اعتبر الرئيس تمام سلام خلال جلسة الحكومة أنه «إذا باشرنا فوراً باعتماد المشاريع التنموية لتعزيز أوضاع أهلنا في عكار، نستطيع أن نتواصل معهم لمساعدتنا على إيجاد حل سريع لموضوع النفايات»، علمت «السفير» ان وزيري «حزب الله» دعما بشكل كامل منح عكار مبلغ 100مليون دولار، وأكدا ضرورة إعطائها الأولوية الإنمائية في هذه المرحلة.

وتعليقاً على إلغاء المناقصات، قال الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس، أنه دفع بقوة في هذا الاتجاه نتيجة عدم قناعته بالاسعار المرتفعة التي انتهى اليها فض العروض، نافيا بشدة ان يكون شريكاً في أي محاصصة. وتابع: لقد حاولوا إلباسي تهمة أنا منها براء، وقد أتى قرار مجلس الوزراء ليرفع الشبهة المفتعلة عني.

ولفت الانتباه الى «أنني أعرف معظم رجال الاعمال في الجنوب، وبالتالي فإذا رست أي مناقصة على أحدهم لا يعني ذلك انني شريك فيها». وأضاف: عندما زارني شريف وهبي ( الفائز في الجنوب) قلت له: لا تفرح كثيرا، هذه المناقصة لن تمر.

وأكد بري ضرورة ان تساهم البلديات في معالجة أزمة النفايات.

وقال وزير البيئة محمد المشنوق لـ«السفير» إنه لن يدافع كثيرا عن الأسعار التي انتهت اليها عملية فض العروض، موضحا ان اللجنة الوزارية ستعاود اجتماعاتها لاعادة درس الموضوع بعد رفض مجلس الوزراء نتائج المناقصات. وأشار الى ان الرهان الان هو على خيار عكار كخيار شبه وحيد للخروج من الأزمة.

وأكدت مصادر بيئية لـ«السفير» أن مجلس الوزراء تأخر كثيرا وأضاع الكثير من الوقت في الرهان على هذه المناقصات التي كانت ناقصة منذ اللحظة الأولى، ومخالفة لقواعد ومبادئ استراتيجية تقوم على التخفيف من حجم النفايات عبر الفرز من المصدر، إضافة الى ان الدولة لم تحدد التقنيات المسموحة والأماكن للمعالجة ولا أشركت السلطات المحلية والمؤسسات والأفراد في الحلول.

وشددت المصادر على ان المطلوب ايجاد خطة طوارئ سريعة، تدمج بين الاستراتيجي والآني والطارئ لرفع النفايات المتراكمة منذ اكثر من شهر، بالإضافة الى رفعها من الأماكن المؤقتة التي جمعت فيها قبل بداية موسم الأمطار، لئلا ننتقل من كارثة كبرى الى كارثة اكبر.

صحيفة “الأخبار” كتبت: “تستعجل الحكومة فتح «مطمر المئة مليون دولار في عكار». وإذا قدّر لهذا الخيار أن يبصر النور في الأيام المقبلة، فلن يكون لخطوة إلغاء نتائج المناقصات، التي أُعلنت أمس، أي مفاعيل سلبية. خياران لا ثالث لهما: إما إعادة إطلاق المناقصات بهدف الحصول على أسعار أرخص، أو إطلاق مناقصات المحارق التي سيحتاج إتمامها سبع سنوات. وعكار وحدها تقرر مصير أزمة النفايات التي باتت تقض مضاجع أهل السلطة والثائرين عليها.

وأضافت: “أسباب فشل المناقصات يعود أساساً إلى دفتر الشروط المسلوق والمبتور، والشروط التعجيزية التي تضمنها وتهرب الحكومة من الاستثمار المباشر في القطاع من خلال بناء المعامل وشراء الأراضي لإقامة مراكز المعالجة والطمر. وهذا ما أدى إلى الوصول إلى هذه الأسعار المرتفعة في المناقصات، فضلاً عن أن القرار نفسه قد حصر الاستثمار بفترة سبع سنوات، آملاً أن يكون قد أتمّ مناقصة التفكك الحراري للنفايات (المحارق) وبدأ العمل فيها.

ماذا يمكن أن تطرح اللجنة الوزارية من بدائل؟ إذا نجح حل ترحيل النفايات إلى عكار كبديل لمطمر الناعمة ـ عين درافيل بعد الهبة ـ الرشوة التي قدمت إلى محافظة عكار، يمكن مجلس الوزراء أن يأخذ وقته في التفكير بحلول جذرية تعيد تصويب الخلل الكبير الذي نتج من القرار رقم ١ ومفاعليه التي أظهرتها نتائج المناقصات. وتؤكد مصادر واسعة الاطلاع أن المطروح أمام اللجنة سيكون خيارين لا ثالث لهما: إما إعادة إطلاق المناقصة ضمن دفتر الشروط الحالي، وبالتالي القول بوضوح للشركات التي تقدمت: «اخفضي الأسعار وتقدّمي مرة جديدة»، أو إلغاء دفتر الشروط برمته ومراجعة دفاتر التلزيم لمناقصات التفكّك الحراري التي سيسلّمها الاستشاري الدانماركي (رامبول) في 24 من الشهر الجاري، واتّخاذ القرار المناسب بشأنها لجهة العدد، السعة، الموقع/المواقع، وصولاً إلى إطلاق المناقصات والتلزيم لتكون جاهزة للتشغيل خلال فترة تراوح بيين ٥ إلى ٧ سنوات.

وتقترح خطة المحارق، التي أُقرت عام ٢٠١٠ ولم تنفذ، طرح مناقصة عالمية، وتمويل كافة الإنشاءات من قبل الدولة، على أن يقوم ببنائها القطاع الخاص الذي سيتولى بدوره عمليتي التشغيل والصيانة مقابل مبلغ يتقاضاه عن كل طن من النفايات. ورغم أن كلفة الطن لم تحدد بشكل دقيق، فليس من المتوقع أن يكون أقل من الكلفة التي طرحت في المناقصة الحالية، لا بل يمكن أن يتجاوزها بأشواط إذا أصرت الحكومة على عدم بناء المعامل وترك كامل كلفة الإنشاء على عاتق العارضين. وتبلغ كلفة إنشاء أربع محارق 950 مليون دولار، فيما تبلغ كلفة تشغيل كافة الإنشاءات 114 مليون دولار سنوياً. واحتُسبَت كلفة التشغيل والصيانة للمحارق بعد حسم مردود إنتاج الطاقة الكهربائية البالغة 50 دولاراً للطن الواحد، كذلك تبلغ كلفة إنشاء مطامر ومراكز معالجة جديدة ضمن خطة المحارق قرابة ٥٧ مليون دولار، نت دون احتساب كلفة الاستملاك. علماً بأنه لا يمكن احتساب كلفة استرداد بيع الكهرباء إذا لم يقر قانون يؤمن حق القطاع الخاص بإنتاج وبيع الطاقة المنتجة من حرق (تفكيك) النفايات، وعلى أن يتم الأمر قبل إنجاز دفتر الشروط الخاص بتلزيم هذه الأشغال.

يقتضي تبني خيار مناقصة المحارق الاعتراف بأنّ ما تُسمّى مرحلة «تسيير مرفق النظافة الحيوي لغاية توقيع عقود المناقصات» ستمتد إلى سبع سنوات مقبلة، لا إلى ستة أشهر كما كان مقترحاً إذا ما تم السير بالمناقصات الحالية. الدليل الحسي على أن هذا الخيار هو الأقرب إلى التطبيق، أن مبلغ المئة مليون دولار لا يمكن أن يكون قد جرى التوافق على إنفاقه في مشاريع تنمية في محافظة عكار مقابل قبول بلدياتها ونوابها باستقبال النفايات لفترة ستة أشهر. فهذه الهبة قد قُدِّرَت قيمتها بالاستناد إلى أن المرحلة الانتقالية ستمتد لسنوات، لا لأشهر. وإن كمية النفايات التي ستدخل يومياً إلى عكار ستشمل نفايات بيروت وجبل لبنان، بما فيها قضاء جبيل، وقد يُقفل مكب طرابلس وتُنقَل نفايات أقضية محافظة الشمال أيضاً إلى العقار المنوي تحويله إلى مكب في منطقة سرار في عكار.

وبالعودة إلى المادة 11 من المرسوم الرقم 1917 تاريخ 1979/4/6 المتعلق بتحديد أصول توزيع أموال الصندوق البلدي المستقل وقواعده، يتبين أنها تنص على أن «تستفيد كل بلدية يُنشأ في نطاقها مطمر صحي أو معمل معالجة للنفايات الواردة من البلديات الأخرى من زيادة على حصتها في العائدات التي تترتب لها من الصندوق البلدي المستقل، ما يوازي قيمة ستة دولارات أميركية بالعملة اللبنانية عن كل طن من النفايات الواردة للمطمر الصحي من البلديات الأخرى». وإذا أسقطنا مفاعيل هذا المادة التي تعتبر النص التشريعي الوحيد النافذ لإعطاء حوافز مقابل قبول إنشاء مطامر للنفايات، على الهبة الحكومية البالغة قيمتها ١٠٠ مليون دولار، فإن ذلك يعني أنه يمكن الحكومة أن تدفن في عكار قرابة 16.5 مليون طن من النفايات، ما يعني أن هذا المطمر يمكن أن يتحول إلى مكب يخدم لعشر سنوات على الأقل جميع النفايات الناتجة من مختلف المناطق اللبنانية والبالغ قرابة ٦٥٠٠ طن يومياً، أو أن يُكتفى باستخدامه لمحافظات بيروت وجبل لبنان والشمال فقط. وبمعزل عن ما يخطط للفترة الزمنية والكمية التي سيستقبلها «مطمر المئة مليون» في عكار، فإن الحكومة تستعجل فتحه بأقصى سرعة ممكنة، بعدما عادت النفايات إلى التكدس في شوارع العاصمة خلال اليومين الماضيين. أما الموعد الممكن لإقفاله، فهو ما لا يمكن التكهن به على الإطلاق.

من جهتها، نقلت مصادر وزارية لصحيفة “المستقبل” أنه حين فتح الرئيس تمام سلام المجال أمام المداخلات السياسية بادر الوزير جبران باسيل والوزير الياس بوصعب كل بدوره إلى إبداء رفض ما جرى من توقيع رئيس الحكومة و18 وزيراً 70 مرسوماً عادياً، لاعتبارهما أن في ذلك “إساءة لصلاحيات رئيس الجمهورية ولحقوق المسيحيين”. ثم انضم إليهما وزيرا “حزب الله”، الحاج حسن الذي رأى في الموضوع “تجاهلاً كلياً” قائلاً: “إذا كنتم تتجاهلوننا فليتحمّل الكل مسؤولياته”، وفنيش الذي تمنى “وقف هذه المراسيم لأنّ تمريرها سيضاعف الأزمة” محذراً: “إذا كنتم ستتجاوزون موقفنا فلا وجوب لبقائنا في مجلس الوزراء وسنتخذ الموقف المناسب”.

من ناحيته، لفتت المصادر إلى أنّ الوزير رشيد درباس طالب المعترضين على صدور المراسيم العادية إلى الطعن قضائياً بصدورها أمام مجلس شورى الدولة، وهو طرح أيده فيه رئيس الحكومة مع إبداء استعداده إلى إلغائها إذا صدر حكم قضائي بذلك. ثم طلب باسيل الكلام فأعاد لازمة “انتهاك حقوق المسيحيين وصولاً إلى التعرّض لقداسة البابا خلال الجلسة الماضية” غامزاً من قناة ما قاله درباس حينها عن كونه لم يسمع من البابا ما يشير إلى أنّ حقوق المسيحيين تُنتهك إذا لم تتم الاستجابة للمطالب العونية، فأصر درباس على الرد على باسيل رغم محاولة رئيس الحكومة ثنيه عن ذلك فقال: «هناك تسجيلات في المجلس وأتحداك أن تجد في كلامي كلمة واحدة تتعرض لقداسة البابا.. وأنت (باسيل) لا تمثل المسيحيين ولا تهمني بركتك”.

أما في ما يتعلق بالنقاش الذي حصل حول ملف المناقصات، فأشارت المصادر إلى أنّ عدداً من الوزراء أكد على شفافية المناقصات التي حصلت في ملف نفايات بيروت والمناطق، وتوافق مجمل أعضاء المجلس على كون المشكلة الأساس تكمن في أسعارها المرتفعة بسبب اقتصار مدة التعاقد مع الشركات مقدمة العروض على 7 سنوات، ما يضطر هذه الشركات إلى رفع الأسعار ربطاً بحاجتها الربحية إلى تعويض الأموال التي ستموّل بها استثماراتها من كلفة الأرض وتكاليف المطامر الصحية وإنشاء معامل الفرز.

ولفتت المصادر الانتباه إلى أنّ وزير البيئة محمد المشنوق هو من اقترح إلغاء نتائج فضّ المناقصات، مع تشديده في الوقت عينه على وجوب التوضيح أمام الرأي العام أنّ ذلك يعود حصراً إلى الأسعار المرتفعة منعاً لتسرّب إيحاءات وأجواء تدعي وجود صفقات وسمسرات معينة وراء قرار الإلغاء. الأمر الذي أيده معظم الوزراء الذين توافقوا على ضرورة محاولة تخفيض الأسعار لعدم تحميل خزينة الدولة أعباء مالية إضافية في هذا الملف، وسط إشارة المصادر إلى أنّ الاتجاه في سبيل تحقيق ذلك هو نحو رفع مدة التعاقد مع الشركات من 7 سنوات إلى نحو 15 سنة بغية تمكين الشركات المعنية من تخفيض السعر الذي ستتقدم به في المناقصات الجديدة المزمع إجراؤها.

وتؤكد مصادر واسعة الاطلاع لـ”الأخبار” أنّ “المطروح أمام اللجنة الوزارية المكلفة بحث المناقصات لملف النفايات سيكون خيارين لا ثالث لهما: إما إعادة إطلاق المناقصة ضمن دفتر الشروط الحالي، وبالتالي القول بوضوح للشركات التي تقدمت: “اخفضي الأسعار وتقدّمي مرة جديدة”، أو إلغاء دفتر الشروط برمته ومراجعة دفاتر التلزيم لمناقصات التفكّك الحراري التي سيسلّمها الاستشاري الدانماركي (رامبول) في 24 من الشهر الجاري، واتّخاذ القرار المناسب بشأنها لجهة العدد، السعة، الموقع/المواقع، وصولاً إلى إطلاق المناقصات والتلزيم لتكون جاهزة للتشغيل خلال فترة تراوح بيين ٥ إلى ٧ سنوات”.