أعلنت وزارة الدفاع العراقية، اليوم، عن إلغاء 16 عقد تسليح سابقة تشوبها قضايا فساد، تبلغ قيمتها حوالى 4 مليارات دولار، كان من المزمع أن تسهم في بناء الجيش العراقي، ورفد متطلبات المعركة التي يخوضها مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. وقال وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، في بيان وصلت “العربي الجديد” نسخة منه، “تم إلغاء 16 عقدا سابقا لتسليح الجيش العراقي، تصل قيمتها إلى 4 مليارات، تشوبها قضايا فساد، وبعض هذه العقود لا تشكل ضرورةً، لبناء الجيش ومتطلباته الحربية، وأنَّ أكثر من مليار و600 مليون دولار استغلت عبر 36 عقدا أبرمت جميعها لإدامة زخم المعركة ضد تنظيم “داعش”. وأضاف “تمكنت وزارة الدفاع من إلغاء 16 عقداً وصلت قيمتها إلى 3.424 مليارات دولار، لأسباب يتعلق بعضها بشبهات فساد، فضلاً عن أنَّ بعض تلك العقود غير ضروري لرفد آلية بناء الجيش، في ظل الموارد المحدودة للدولة”. وأفاد بأن وزارته “استغلت مبلغ 1.6 مليار دولار بعد إلغاء تلك العقود، ووفرت مبلغ ملياري دولار لخزينة الدولة العامة”. وأوضح العبيدي أنَّ “هذه الخطوات تأتي ضمن الإصلاحات الحكومية التي أطلقها رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لمحاربة الفساد وترشيد الموارد العامة واستثمارها، بما يوفر متطلبات المعركة وزخمها”. وكانت لجنة الأمن في البرلمان العراقي أعلنت، في يونيو/حزيران الماضي، عن تسبب الفساد في صفقات الأسلحة في ضعف أداء الجيش العراقي، وسقوط مدينة الموصل في أيدي “داعش”. وكشفت اللجنة، في تقرير سابق، عن “عدة ملفات تم فتحها والتحقيق فيها تشمل عقود تسليح مع الولايات المتحدة والتشيك وبلغاريا، وملف أجهزة كشف المتفجرات وسيارات السونار، ويأتي ذلك بعد الانتكاسة الكبيرة التي تعرض لها الجيش العراقي في الموصل وصلاح الدين والأنبار، خلال العام الماضي”. بينما قال نواب عراقيون إنَّ صفقات الأسلحة تعتبر من أكبر عمليات الفساد الإداري والمالي في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي، نوري المالكي، ومن الصفقات المشبوهة شراء 50 ألف بندقية تشيكية العام الماضي بقيمة 36 مليون دولار، قبل أن يتبين أنها غير صالحة للاستعمال.
وعصفت بالبلاد أكبر فضيحة تتعلق بملفات تسليح الجيش العراقي، وإبرام عقود للتسليح مع مختلف دول العالم، بعضها كانت عقودا وهمية وأخرى شملت أسلحة غير صالحة للاستعمال وأجهزة لكشف المتفجرات، تبين فيما بعد أنها أجهزة للكشف عن بقايا مواد التنظيف وكرات “الغولف”، بحسب مراقبين. وباشرت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، منتصف أغسطس/آب الجاري، فتح ملفات الفساد للعديد من القضايا، وأولها قضية الفساد في صفقة الأسلحة الروسية والأوكرانية. وأوضحت اللجنة، في بيان سابق، أنَّ “مليارات الدولارات أهدرت بسبب السياسات الخاطئة والاستثناءات غير المدروسة التي منحت للجان المشرفة على تنفيذ العقود”. وقال الخبير العسكري السابق، عادل الدليمي، لـ”العربي الجديد”، إنَّ “صفقة الأسلحة الروسية في عهد رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، كانت من أكبر فضائح الفساد التي شهدها تاريخ العراق الحديث، بعد قيام وزارة الدفاع العراقية بإبرام عقود تسليح مع شركة أوكرانية لشراء 440 ناقلة مدرعة بكلفة 477 مليون دولار، تبين فيما بعد أنَّ شركة التسليح الأوكرانية هي شركة وهمية”. وتابع “حدث حينها تغيير سياسي مفاجئ في أوكرانيا كشف عن تلك الشركة الوهمية، ليتضح أنَّ صاحب الشركة الأوكرانية هو رجل أعمال أوكراني متخصص في إدارة المراقص والملاهي الليلية، فيما تبين أنَّ الشركة المصنعة الحقيقية للمدرعات هي شركة حكومية، وكانت هناك عمولات لمسؤولين عراقيين وضباط كبار مقابل الصمت عن عيوب التصنيع وقلة الكفاءة”. إلى ذلك، أوضح محللون أنَّ قضايا الفساد في صفقات التسليح كان من أكبرها صفقة أبرمت عام 2008، إذ عقدت الحكومة العراقية صفقة بقيمة 66 مليون دولار مع شركة بريطانية لصناعة أجهزة كشف المتفجرات، تبين فيما بعد أنَّ صاحب الشركة رجل أعمال بريطاني محتال، وأنَّ أجهزة كشف المتفجرات لم تكن سوى أجهزة خاصة للكشف عن كرات “الغولف”، وقتل بسبب تلك الأجهزة المزيفة آلاف من العراقيين.