IMLebanon

تعثر البورصة المصرية يربك الخطط الاقتصادية للحكومة

EgyptStockMarket
محمد حماد

أجمعت الأوساط المالية المصرية على أن المشاكل التي تعاني منها البورصة المصرية، تتجاوز تداعيات التقلبات العالمية الكبيرة، وأنها تمتد إلى ارتباك السياسات وقلة جاذبية مناح الاستثمار للأموال المحلية والأجنبية. وتلقت البوصة ضربات شديدة في الأيام الماضية لتخسر نحو 10 مليارات دولار من قيمتها منذ بداية الشهر الجاري.
وقال الخبراء إن موجة الهبوط القوية التي طالت البورصة المصرية من شأنها التأثير سلبا على مناخ الاستثمار بوجه عام، لأن البورصة من أهم الأدوات لجذب الاستثمارات غير المباشرة.

وانتقد متعاملون صمت مسؤولي سوق المال وعدم طرح أدوات مالية تشجع المستثمرين على تكوين مراكز مالية، وقالوا إن ذلك يرسل إشارة سلبية، في وقت انحدرت فيه مؤشرات السوق إلى أدنى مستوى لها خلال 20 شهرا.

وأكد رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية لـ”العرب” أن البورصة المصرية ليست بمعزل عن الأسواق العالمية، وقد تأثرت بموجة الهبوط التي شملت غالبية البورصات العالمية.

وشدد على ضرورة تبني حملات رسمية لنشر ثقافة الاستثمار في البورصة بوصفها مرآة الاقتصاد، وقال إنه ليس من المنطقي أن نستهدف معدلات نمو قوية، في ظل انهيار البورصة، الذي ينذر بكارثة تهدد الاقتصاد.

وأعلن محمد عمران رئيس البورصة المصرية بداية الأسبوع أن القوائم المالية لنحو 135 شركة، أظهرت أنها حققت أرباحا بقيمة 1.9 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي.

وقال إيهاب رشاد العضو المنتدب لشركة مباشر-مصر للأوراق المالية لـ”العرب”، إن البورصة تعكس الوضع الاقتصادي وأن مؤشراتها تستطيع أن تقرأ المستقبل الاقتصادي لنحو 6 أشهر.

وأوضح أن الأوضاع الاقتصادية سيئة، بدءا من سعر الجنيه المصري، حيث لم ينجح البنك المركزي المصري في السيطرة عليه، وهو عاجز عن توفير الدولار للمستثمرين بالقدر الكافي.

وأشار إلى تراجع الاحتياطات النقدية، التي بلغت نحو 18.5 مليار دولار في نهاية يوليو الماضي، لأن البلاد لم تجذب أي استثمارات أجنبية حقيقية، فضلا عن أن البيئة الاستثمارية لا زالت غير مهيأة لدخول المستثمرين.

وأوضح أن الحكومة لا تتحرك لمساندة البورصة، وهي لم تروج للاستثمار فيها، كما أنها لم تستغل الأنباء الإيجابية الخاصة بافتتاح قناة السويس الجديدة، ولم تجذب شركات للبدء في مشروعات تنمية محور قناة السويس.

وأكد أن تصريحات المسؤولين، تخالف المحقق على أرض الواقع، فمثلا مشروعات المؤتمر الاقتصادي، لم يتم البدء في أي منها خلال الفترة الحالية. ونظمت مصر المؤتمر الاقتصادي العالمي في مارس الماضي وطرحت على المستثمرين نحو 60 مشروعا استثماريا في مختلف المجالات.

وقالت رانيا يعقوب العضو المنتدب في شركة “ثري.واي” لتداول الأوراق المالية لـ”العرب”، إن البورصة ليست ضمن أولويات مسؤولي الحكومة، الذين يقفون في صف المتفرجين على التراجعات القياسية التي يشهدها السوق.

وأوضحت أنه لا توجد تحركات نحو عقد اجتماعات مع مديري صناديق الاستثمار ورجال الأعمال، مثلما حدث من جانب الحكومة الصينية عندما تراجعت بورصتها بشدة، ونفس الأمر قامت به الحكومة الروسية، كما لم يتم التحرك لإنشاء صندوق سيادي، لمساندة السوق وضخ سيولة جديدة.

وأكدت أن تأخر صدور القانون الخاص بتأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة كان له مردود سلبي منذ فترة على السوق، لأن العديد من المؤسسات المالية فضلت الخروج من السوق، رغم الموافقة على القانون منذ نحو 3 أشهر.

وأصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي يوم الأحد قرارا يقضي بتأجيل الضريبة على الدخل الناتج من التعامل في الأوراق المالية المقيدة في البورصة لمدة عامين.

وأشارت إلى أن ذلك التأخير أثر سلبا على تعاملات المستثمرين العرب والأجانب، وعمق الفجوة بين اتخاذ القرار وتنفيذه على أرض الواقع، الأمر الذي تسبب في عدم وضوح الرؤية وانتشار الشائعات في السوق.

وقال عمرو الفقي من شركة القاهرة للاستثمارات المالية لـ”العرب” إن سوق المال المصري، يعاني من غياب ثقافة الاستثمار من خلال صناديق الاستثمار، مثلما هو موجود في الأسواق المتقدمة.

وأشار إلى هناك سيطرة من جانب الأفراد على التعاملات، ما أدى إلى سيطرة تعاملات القطيع على السوق، التي تؤدي إلى التدافع في عمليات البيع والشراء بشكل عشوائي.

وأضاف أن على المستثمر أن يدرك أن الأجل القصير للاستثمار، يتراوح بين يوم و6 أشهر، أما الأجل المتوسط فيتراوح بين ستة شهور وعامين، أما المدى الطويل فيتراوح بين عامين و10 سنوات، ومن ثم فالأرباح لن تتحقق خلال أسبوع أو أسبوعين كما يتصور البعض.

وأكد كريم عبدالعزيز من شركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار لـ”العرب” أن غياب دور البنوك المصرية في مساندة البورصة، من خلال إنشاء صناديق استثمار مغلقة ساهم في انهيار البورصة.

وأوضح أن صناديق الاستثمار المغلقة يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة رغم هبوط السوق. وانتقد عدم السماح للأجانب بالدخول والخروج من السوق بسهولة، وكذلك تأخير صدور قانون تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية، مستنكرا اتهام البعض للمؤسسات بأنها سبب انهيار السوق.