Site icon IMLebanon

“الهيئة المنظمة للإتصالات” معطّلة.. و”الخلاف ليس شخصياً”

Telecommunications-Regulatory-Authority
حنان حمدان

انتهت جلسة الحكومة أمس، ولم تُقر السلفة المخصصة لـ “الهيئة المنظمة للإتصالات”. 35 موظفاً لم تدفع إلا نصف رواتبهم الشهر الفائت، إذ نفدت أموال صندوق الهيئة التي أصبحت في حالة عجز وتعطيل إداري وتقني. أمس، وافق مجلس الوزراء على فتح إعتمادات لتغطية الرواتب والأجور، ومن خلالها سيتم دفع رواتب الموظفين في الهيئة، وفق ما أكده مستشار وزير الإتصالات يوسف حويك في حديث لـ”المدن”.

يحصل هذا في وقت يوجه فيه وزير الإتصالات بطرس حرب إلى رئيس “الهيئة المنظمة للإتصالات” عماد حب الله، العديد من الإتهامات، تتمحور جميعها حول شرعية مهامه. وهي اتهامات يعتبر حب الله أنها تأتي في سياق “محاولة السيطرة على قرار الهيئة”، فيما يؤكد أن “الهيئة قد حوربت في صلاحياتها ما أنتج هذا الوضع”. إلا أنه يعود لينفي أن يكون الخلاف القائم بينه وبين الوزير شخصياً. فما هي حقيقة هذا الخلاف؟ وما الذي أدى إلى تفاقم الأمور وصولاً إلى تعطيل عمل الهيئة؟ وهل سينعكس ذلك سلباً على الموظفين أم سيتم تحييدهم عن كل ما يجري؟

بداية، إنطلق حرب من إتهامه لحب الله، بأن الأخير قام بصرف سلفات بلغ مجموعها نحو 32 مليار و500 مليون ليرة لبنانية لغير الغاية المخصصة لها، وأنه لم يقم بتسديد السلفات للوزارة. ويؤكد حب الله في حديث لـ “المدن” أن هذه “الإدعاءات غير صحيحة وغير مسندة الى أي دليل. فقد تم تسديد 7 سلفات من أصل 10 بلغت قيمتها أربعين مليار ليرة كانت قد حصلت عليها الهيئة. وهناك سلفة لم تستحق بعد، أما السلفتان الباقيتان فلا تزال أوراقهما غير مكتملتين”.

الإدعاءات هذه ترافقت مع توجيه حرب كتاباً إلى حب الله حمل الرقم 1/3722 في 20 أب 2015، طلب بموجبه من الأخير، الكف الفوري عن القيام بأي عمل في إدارة الهيئة. مستنداً بذلك إلى انتهاء مدة ولاية الرئيس والأعضاء منذ تاريخ 21 شباط 2012. وجاء في الكتاب أن قرار كف اليد إستند إلى “أحكام المادة السادسة من قانون الإتصالات، والتي تنص على أن مدة ولاية رئيس واعضاء الهيئة محددة بخمس سنوات غير قابلة للتجديد أو التمديد”. ومستنداً أيضاً إلى “الرأي الإستشاري الرقم 11/2012 الصادر عن ديوان المحاسبة، الذي اعتبر أن إستمرار عمل الهيئة، رغم انتهاء مدتها مناط برئيسها واعضائها مجتمعين”. في حين استقال إثنان من أعضاء الهيئة وتركها العضوان الآخران يوم انتهاء ولايتهما.

إلا أن حب الله اعتبر أن الكتاب يشكل “مخالفة فاضحة للقانون، لصدوره عن مرجع غير صالح لأخذ القرار”. إذ أن حب الله قد تم تعيينه بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء. قانوناً، فإن الجهة الصالحة لتعيين الرئيس هي من يحق لها إبطال عمله. وهنا فإن تعيين رئيس “الهيئة المنظمة للإتصالات” قد تم بمرسوم في مجلس الوزراء. ما إستدعى من الهيئة إعادة كتاب كف اليد الى الوزير لتعذر تنفيذه.

لكن ما يلفت الإنتباه أن الوزير نفسه قد رشح حب الله لتمثيل لبنان في أكثر من مؤتمر دولي ولرئاسة مجموعة دولية في العام الماضي، وهو استمر منذ العام 2012 في مهامه بموافقة ديوان المحاسبة ووزراء الإتصالات السابقين. إضافة إلى أن إستناد حرب إلى المادة السادسة من قانون الإتصالات مشروعاً منذ العام 2012 وتحديداً عندما ترك الهيئة عضوان فيها. فلماذا انتظر الوزير كل هذا الوقت؟ أم أن هناك قطبة يسعى الطرفين إلى إخفائها.

من ثم، وبعيداً من كل هذه الخلافات التي لها مثيل في الإدارات العامة اللبنانية، لا بد من تحييد الموظفين عن كل ما يجري، ويجب تأمين دفع رواتبهم. ووفقاً لحويك، فإن مراجعات متكررة حصلت من قبل الوزارة في هذا المجال، إلا أن أموال الهيئة إستنفدت وأفرغ صندوقها من الأموال، ولا يمكن إعطاء سلفة جديدة ما لم تقم الهيئة بتسديد السلفات السابقة”.

فإن كان فعلاً الخلاف القائم هو حول شرعية بقاء حب الله في مركزه، فلماذا لم يقم الوزير بالدعوة الى تعيين مجلس إدارة جديد؟ أو أقله لما لم يطلب من مجلس الوزراء أمس إصدار مرسوم إبطال تعيين حب الله. وإذا كانت الأمور المستعجلة طغت على مسار الجلسة أمس ولامست متطلبات لا يمكن تأخيرها، فإننا بانتظار ما ستؤول إليه الأمور في الجلسات المقبلة. فيما يؤكد حب الله بقاءه في رئاسة الهيئة إستناداً إلى مبدأ إستمرارية المؤسسات الإدارية، وانطلاقاً من عدم قانونية قرار الوزير بتوقيفه.

عن الهيئة:
هي مؤسسة عامة مستقلة، تأسست بموجب القانون الرقم 2002/431، وانيط بها تحرير وتنظيم وتطوير قطاع الإتصالات في لبنان. باشرت عملها إثر تعيين مجلس إدارتها المؤلف من رئيس وأربعة أعضاء في شباط 2007. ووفقاً للقانون نفسه، فإن الدولة اللبنانية تسلف الهيئة فقط خلال السنتين الأوليين (2007-2008) من خلال وزارة الإتصالات، حتى تصبح قادرة على تمويل ذاتها من المشغلين أي شركتي “ألفا” و “تاتش” وكذلك مقدمي خدمات الإنترنت. لكن انتقال المهام من الوزارة الى الهيئة لم ينجز حتى الآن وعليه جرى تمويل الهيئة من خلال سلفات منذ العام 2007.