Site icon IMLebanon

وفد أميركي يزور سلامة: مخاوف من الأموال الإيرانيـة المحرّرة

Banque-du-Liban-2
محمد وهبة

قبل أيام، أبلغت السفارة الأميركية في لبنان كلّاً من مصرف لبنان وجمعية المصارف وغرفة التجارة الأميركية اللبنانية أن هناك وفداً من لجنة الخدمات المالية والمصرفية سيزور لبنان في نهاية الأسبوع المقبل. لم يحدّد جدول أعمال واضح لهذه الزيارة وأهدافها والنتائج المرجوة منها، بل اكتفت السفارة بتقديم عناوين عامة، لكن المطلعين تثبتوا من أن هدف الزيارة هو التأكّد من فعالية الإجراءات المتخذة في لبنان لمكافحة تمويل حزب الله، وضمان عدم وصول الأموال الإيرانية المحرّرة من العقوبات إليه.

وتضيف المصادر إن الوفد لن يغفل توجيه «التنبيهات» اللازمة لأصحاب المصارف في لبنان، وتذكيرهم بمصير المؤسسات التي اتّهمت بأنها كانت تقوم بعمليات تبييض أموال لحساب حزب الله.
وسيلتقي الوفد الأميركي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومجلس إدارة جمعية مصارف لبنان، ومجلس إدارة غرفة التجارة الأميركية ــ اللبنانية. يضمّ هذا الوفد ثلاثة أعضاء في الكونغرس الأميركي، بينهم واحد ديموقراطي وهو غريغوري ميكز (Gregory Meeks)، واثنان جمهوريان هما: مايك فيتزباتريك (Michael Fitzpatrick) وروبيرت بيتينغر (Robert Pittenger). الثلاثة هم أعضاء في لجنة الخدمات المالية والمصرفية في مجلس النواب، ولديهم نشاطات واسعة في لجان معنية بـ«مكافحة الإرهاب» و«الاستراتيجيات» و«الحروب غير التقليدية»…
وبحسب المعطيات المتداولة بين المصرفيين، فإن الهدف من هذه الزيارة يندرج في إطار حملة تنسيقية يقودها أعضاء في الكونغرس الأميركي لمواجهة الاتفاق النووي الأميركي وكل مندرجاته المتعلقة برفع العقوبات والمستفيدين من خطوة كهذه مثل حزب الله. إلا أنه تبيّن أيضاً أن عدداً كبيراً من أعضاء الكونغرس، وغالبيتهم من الجمهوريين الذين عارضوا توقيع اتفاق مع إيران وإلغاء العقوبات المفروضة عليها، نشطوا خلال الفترة الماضية في اتجاه التنسيق مع بلدان عربية رافضة للاتفاق مثل السعودية، ومع الكيان الصهيوني. وهناك أنباء عديدة عن قيام الكيان الصهيوني والسعودية بتمويل نشاطات إعلامية وثقافية واقتصادية (زيارات ومؤتمرات وندوات…) واستضافة أعضاء الكونغرس الرافضين للاتفاق النووي بهدف تنسيق حملة دعائية ضدّ الاتفاق وسلبياته عليهم، وبهدف استطلاع الثغر والمنافذ أو الآليات المصرفية أو المالية أو التجارية التي قد تربط مصارف أو مؤسسات مالية وشركات صناعية وتجارية بمجموعات موالية لإيران.

إذاً، الزيارات هدفها تنسيق حملات لمواجهة الاتفاق النووي مع إيران، ولا سيما أن الهواجس الأميركية اليوم تتمحور حول أمرين: الأول يتعلق بكيفية منع وصول الأموال من إيران إلى لبنان، ولا سيما بعد إلغاء العقوبات على إيران وتحرير أكثر من 100 مليار دولار كانت مجمّدة بفعل العقوبات. والأمر الثاني هو الذي كان محور لقاءات الوفود الأميركية مع مصرف لبنان والمؤسسات المصرفية اللبنانية خلال الأشهر الماضية، وهو يتعلق بمكافحة تمويل «داعش».

وفي هذا الإطار، تأتي هذه الزيارة لتذكّر أصحاب المصارف اللبنانية بأنهم يتعاملون بالدولار الأميركي وأن الاقتصاد اللبناني مدولر بنسبة تزيد على الثلثين، وبالتالي فإن حاجة المصارف العاملة في لبنان إلى مصارف مراسلة أميركية لإتمام عمليات مقاصة أو اعتمادات تجارية، أو حتى إيداع أموال وتحويلات نقدية هي حاجة أساسية لاستمرارية أي مصرف، وبالتالي على الجميع «الامتثال» للأميركيين.
أما عقوبة عدم الا
متثال للأميركيين، فقد باتت واضحة لجميع المصرفيين في لبنان؛ مشهد تفكيك البنك اللبناني الكندي لم يخرج من بالهم أبداً، والاتهامات الأميركية المتواصلة لرجال أعمال لبنانيين لم تغب عن ذهنهم؛ وآخرهم قاسم حجيج الذي كان يرأس مجلس إدارة بنك الشرق الأوسط وأفريقيا، علماً بأن الاتهام الأميركي وجّه له رغم الوعود التي قطعها الأميركيون لحاكم مصرف لبنان بأنهم لن يمسّوا أي مصرف لبناني قبل إبلاغه بشكوكهم والتنسيق مع الجهات المختصة في لبنان… صدق الأميركيون فلم يمسّوا المصرف، بل وضعوا رئيس مجلس إدارته على لائحتهم السوداء!

وتكفي الإشارة إلى ملخص سريع عن السيرة المهنية والسياسية لأعضاء المجلس الثلاثة لاستقراء مضامين زيارتهم للبنان؛ الأول هو غريغوري ميكز، وهو ينتسب إلى الحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى عضوية لجنة الشؤون المالية، فهو أيضاً عضو لجنة الشؤون الخارجية، وكان يرأس لجنة معنية بالسياسات النقدية والتبادلات التجارية، ولجنة أخرى يتصل عملها بتنمية الدفاع الوطني المؤثّر على السياسة الخارجية وبالتخطيط الاستراتيجي…
أما الثاني، فهو الجمهوري مايك فيتزباتريك وهو محامٍ وعضو في لجنة الخدمات المالية والمصرفية في مجلس النواب، وعضو في معهد اسبن للدراسات، وهو يعتقد بأن إسرائيل هي حليف أساسي للولايات المتحدة، وهو نائب رئيس لجنة فرعية تتعلق بما وراء البحار والاستخبارات، وهو عضو فاعل في بعض اللجان المتعلقة بالاستخبارات المالية ومكافحة الإرهاب، وهو أيضاً مختص في تقوية العلاقات الأميركية الإسرائيلية. وقال عشية زيارته للكيان الصهيوني في عام 2011: «إسرائيل هي الحليف الرئيسي في الشرق الأوسط. أتطلع إلى تقوية العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل كشريك للدفاع الاستراتيجي وشريك اقتصادي مهم».
أما الثالث، فهو روبرت بيتينغر. وضعت صورة هذا الرجل على موقع «متحدون من أجل إسرائيل» على أنه داعم قوي للكيان ينتقد الرئيس الأميركي باراك أوباما في ما خصّ موقفه من إيران وكوبا وسوريا وأوكرانيا أيضاً. وقال خلال زيارته إسرائيل: «أبدى الرئيس أوباما رغبة في إرضاء أعدائنا على حساب أصدقائنا». يعتقد بيتينغر أن وقف تدفق التمويل إلى «داعش» له الأولوية، لكنه من الشخصيات التي لديها باع طويل في مجال الاستخبارات المالية ومكافحة تمويل الإرهاب، فقد التقى أكثر من 200 شخصية وقائد وخبير أمني في سياق عمله في مكافحة تمويل الإرهاب، ونظّم مؤتمرين حضرهما برلمانيون من 30 دولة أوروبية لمناقشة شؤون الأمن والاستطلاع المالي وهو رئيس لجنة متخصصة بمكافحة الإرهاب والحروب غير التقليدية.