Site icon IMLebanon

“رحلة” السوريين إلى أوروبا: مواجهة الموت و”الإبتزاز”


رولا عطار
عرف السوريون عمليات الهجرة الى أوروبا منذ بداية الاحداث في البلاد، الا ان تصاعد حدة الدمار والقتل، رفعت من نسبة هذه الهجرة، وارتفعت معها معدلات الموت، وكل ذلك بهدف الوصول الى حياة كريمة بعيداً عن القتل والتشرّد.

قصص كثيرة تروى عما يتعرض له السوريون في رحلات الهجرة التي أصبحت الخيار الأخير للكثيرين منهم، هرباً من الظروف المعيشية والأمنية الصعبة داخل بلادهم، حيث صرفوا كل أموالهم مقابل رحلة تؤمن وصولهم إلى الخارج.
يتحدث عمر السيد لـ”المدن”، عن تجربته المبكرة في الانتقال إلى أوروبا، حيث أقام في ليبيا لمدة سنتين وعندما توترت الأوضاع هناك، “قررت السفر إلى السويد عن طريق البحر وحينها كانت الأمور المادية أكثر يسراَ من الآن. وكلفتني الرحلة البحرية 1000 دولار و1000 يورو إضافية لاحقاً لضمان الوصول إلى السويد كما دفعت مبلغا مماثلا عن زوجتي أما ابني فلم يكلفني أي مبلغ لأنه كان دون السنتين”. ولا تقتصر المعاناة على عملية السفر، فالسوريون “يصابون بالاحباط عند وصولهم الى الدول الاوروبية، حيث يواجهون أزمة ترتيب أمورهم الذي يحتاج الى وقت طويل، لجهة تأمين العمل والاوراق الرسمية المطلوبة”.
ولعمليات النصب والاحتيال حصتها في عملية الهجرة، فمع بداية الرحلات، “تكون كلفة الهجرة مثلاً 2500 يورو، لكن الكلفة ترتفع الى 3000 يورو جراء عمليات النصب”، وفق ما يؤكده لـ”المدن” المواطن عمر الجوخدار، الذي اضطر الى الاستدانة وبيع ذهب لتأمين المبالغ المطلوبة للوصول الى بودابست. وعادة لا يتوقع المهاجرون عمليات النصب، خصوصاً بعد انطلاق الرحلة، لكن لدى الوصول الى البلد المنشود، تتم عملية النصب، لاسيما بعد وصول المهاجرين الى غابات او اماكن نائية حيث يسهل ابتزازهم.

وبالتزامن مع حركة الهجرة هذه، بدأ العديد من مكاتب السفر بتقديم الخدمات عن طريق تنظيم رحلات ذات وجهات متعددة. يقول هيثم، صاحب مكتب “الهيثم” لخدمات السفر إلى أوروبا، ان “غالبية المهاجرين من الشباب الفارين من ورطة الحرب أو خدمة الجيش، لاسيما من هم بعمر 18-20 سنة”. وخدمات السفر شهدت تغيّرات في شروطها، فرضتها الازمات المتتالية التي شهدتها عمليات التهريب، وعليه “أصبح المهربون يتفادون نقل العائلات التي لديها أطفال، لأن كثرة الاطفال تزيد من اعباء الرحلة، وترفع من نسبة حصول أذى وسقوط ضحايا”.
ويشير هيثم، الى انه “حتى الآن لم تقع حادثة غرق من خلال الرحلات التي قمنا بتسييرها، وما نلاحظه دائماً بأن خفر السواحل التركية واليونانية يراقبون كل شيء وينتقون بعض الرحلات لكي يوقفوها ويقوموا بعملية إنقاذ سريع بعد اي طارئ، إما مباشرة دون اعلام احد أو عبر تبليغ المهرب بذلك، فخطوط الهاتف التركية تبقى تعمل في البحر وصولا الى اليونان، ويتواصل المسافرون مع المهرب ومعنا ومع أهاليهم، وعند توقف المحرك نتيجة عطل ما يوجهون انذارا وخلال عشر دقائق قد تصل النجدة. وحتى في حال حدوث اعطال في المراكب يتدخل الخفر لمعالجة الامر، واحياناً يأخذون المراكب، واحياناً اخرى يعيدونها الى اصحابها”.

عمليات الهجرة تستمر رغم المخاطر والكلفة المرتفعة، وتقدر المنظمة الدولية للهجرة بأن عدد اللاجئين الفارين نحو أوروبا سيبلغ 250 ألف لاجئ، بنهاية شهر آب/ أغسطس الجاري، نصف هؤلاء تقريباً أي نحو 125 ألفاً من السوريين، ويُصنف العام 2015 بأنه عام هروب السوريين من بلدهم، بمئات الآلاف، وبمعدل مرتفع لم يسبق لكل السنوات الماضية أن تجاوزته. وتقول الإحصاءات ان اليونان وحدها شهدت زيادة بمقدار 750% في عدد الوافدين إليها مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.