Site icon IMLebanon

تظاهرة 29 اب: ماذا أنتجت وماذا بعد؟!

 

 

 

التظاهرة الكبيرة التي شهدها وسط بيروت السبت الماضي بدعوة من هيئات ومنظمات المجتمع المدني التي يقودها ويتصدرها تجمع «طلعت ريحتكم»، يمكن أن يقال فيها:

1 ـ فاقت التظاهرة في عددها وحجمها كل التوقعات.

فقد نجحت الجهة المنظمة والمحركة، وفي فترة زمنية قياسية، من رفع وتيرة الحشد الشعبي من المئات الى الألوف.

2 ـ هذه أول تظاهرة غير حزبية يشهدها وسط بيروت الذي تناوب عليه فريقا 8 و14 آذار.

وبما يعني أن الفريق الثالث «الصامت أو المحايد» قرر الخروج عن صمته والنزول الى الشارع.

3 ـ هذه التظاهرة لا تعلن نهاية حقبة 8 و14 آذار وإنما تعلن قيام خارطة سياسية شعبية جديدة في طريقها الى التكون والتبلور.

وهذه الخارطة لم تعد محصورة ومختزلة بفريقي 8 و14 آذار وإنما أضيفت إليها كتلة أو قوة ثالثة على الأرض هي كتلة «المجتمع المدني والرأي العام» نجحت في انطلاقتها في إظهار استقلاليتها وعدم ارتباطها بأي قوة سياسية وفي كسر هذا الاصطفاف السياسي الحاد الذي حكم الساحة اللبنانية منذ 10 سنوات تقريبا.

4 ـ التظاهرة الشعبية حققت نجاحين حتى الآن:

ـ استقطاب وحيازة ثقة فئة وشريحة واسعة من «المحبطين والناقمين والمهمشين»، مع الملاحظة هنا أن هذه الشريحة طغى عليها عنصر الشباب (فئة عمرية بين الـ 20 والـ 40 عاما)، وبرزت فيها نسبة عالية من الطلاب وخريجي الجامعات الباحثين عن فرص عمل.

ـ تدمير صورة الطبقة السياسية والنيل من صيتها وهيبتها ومصداقيتها والتشهير بها الى حد الاستخفاف وإلصاق أبشع النعوت بها.

5 ـ من السابق لأوانه الحكم على هذا التحرك الشعبي الاحتجاجي، والأمور مرهونة بالخطوات التالية وبرنامج التحرك وأهدافه ومساره، وما إذا كان «فشة خلق» أم «تحركا منظما»، وما إذا كان تحركا للاحتجاج أو تحركا للتغيير؟!

من السابق لأوانه القول إن «ما بعد 29 اب لن يكون مثلما قبله»، بمعنى أن المظاهرة كانت نقطة تحول جذري ونقلت الوضع من ضفة الى أخرى.

فالتحديات كثيرة والعقبات كبيرة مادامت الأهداف المحددة والمعلنة كثيرة وكبيرة وتصل الى حد إسقاط النظام وتغيير الطبقة السياسية.

فإذا كانت حملة «طلعت ريحتكم» تعثرت عند الخطوة الأولى ولم تنجح في تحقيق هدفها الأول: استقالة وزير البيئة محمد المشنوق، هل بإمكانها الانتقال إلى أهداف وخطوات أخرى أم تتراجع عنها وتعيد النظر في حساباتها وتدرك أنها تخوض مواجهة غير متكافئة في ظل نظام طائفي متجذر مع طبقة سياسية مقتدرة ستتوحد ضدها وستعمل جاهدة لاحتواء أول تحرك شعبي يقلقها ويقض مضاجعها، وهذا الاحتواء ليس بالضرورة أن يتم عن طريق القوة.