طوني رزق
اعتبر تقرير دولي رسمي 14 دولة عربية ضمن 33 دولة عالمية سوف تشهد ازمة مياه حادة بحلول العام 2040. وبرزت اسماء دول خليجية في الطليعة. يدعو ذلك لبنان الى مراجعة نوعية ادارة ثروته المائية ضمن هذا الاطار الاقليمي علماً أنّ ملف المياه قد يكون مصدراً للحروب بعد النفط والدولة الاسلامية.
يتّجه الشرق الاوسط لمعاناة جديدة عنوانها المياه. إذ يتوقع العلماء انه وفي حلول العام 2040 ستشكو دول المنطقة من ازمة مياه حادة. علماً أنّ ازمة المياه تبدو عالمية. ويمكنها أن تصبح سبباً رئيساً للحروب والنزاعات بين الدول ويقول العلماء إنّ الاسباب قد تعود الى التغيّر المناخي على الكرة الارضية. إضافة الى أنّ العالم يستهلك المياه بكمية اكبر.
ويعود ذلك الى زيادة عدد السكان بالدرجة الاولى والى تطوّر مستوى المعيشة الامر الذي يتطلّب استهلاكاً أكبر من المياه. وفي الوقت الراهن تُظهر الدراسات أنّ مليار شخص يعيشون في مناطق تشهد جفافاً وقلة المياه. ويُتوقع أن يزيد هذا العدد الى 3,5 مليارات شخص في حلول العام 2025، وبدأت المياه تشكل ملفاً جدّياً في كلٍّ من ولاية كاليفورنيا الاميركية وتركيا وحتى تايوان.
ويعمل البرازيليون على التنقيب عن المياه لسدّ الحاجات. وتشكو إيران من نقص المياه على اراضيها كافة. كما يبحث الشعب التايواني عن مصادر للمياه إذ تشكو المدن من درجة شحّ قياسية. ويتظاهر السكان في الهند وجنوب افريقيا ضدّ شركات المشروبات وإنتاج الطاقة مع اتهامهم بأنهم يأخذون المياه منهم.
وثمّة مَن يقول إنه حتى الحرب الاهلية الدائرة في سوريا كان أحد اسبابها شحّ الماء. ويتوقع العلماء أن تنهار اليمن كدولة نتيجة نقص خطير في الماء.
وتزداد المشكلات بين مصر واثيوبيا حول مشاركتهما في مياه نهر النيل بينما الامر الواحد الذي يجمع بين الدولة الاسلامية ودولة العراق هو اتهام تركيا بأنّها تخزّن كميات أكبر من مياه نهر الفرات. والى جانب كلّ ذلك هناك أزمة نوعية للمياه حيث يعتبر العلماء أنّ 20 في المئة من سكان العالم الذين يبلغ عددهم 7 مليارات شخص يشربون حالياً مياهاً ملوَّثة.
الدول الأكثر تضرّراً
وأصدرت مؤسسة المصادر الطبيعية العالمية تقريراً هذا الاسبوع أظهر أنّ 33 دولة عالمية ستكون في خطر نقص المياه في حلول العام 2040 وأنّ نصف هذه الدول هي من الشرق الأوسط وتتقدّم لائحة أكبر المخاطر من الجفاف المائي.
وتنقسم الدول كالآتي: 14 من الشرق الاوسط، 9 من آسيا، 5 من اوروبا، 4 في افريقيا ودولة واحدة في اميركا الجنوبية.
وتتقدّم دول الخليج العربي الأكثر انتاجاً للنفط الدول المعرَّضة لمخاطر أكبر في نقص المياه وهي البحرين والكويت وقطر والامارات العربية المتحدة, وإذا فشلت هذه الدول في معالجة النقص في المياه فإنّ ذلك سوف يقود الى عدم استقرار اجتماعي وتدهور واضطرابات سياسية.
وعلى المستوى العالمي تُعتبر أزمة المياه واحدة من أكثر الملفات الخمس الأعلى مخاطر في العالم وعموماً تُستهلك المياه بنسبة 70 في المئة في القطاعات الزراعية وبنسبة 22 في المئة في الصناعة و8 في المئة فقط للاستخدام المنزلي.
وفي العام 1960 أُعلن علمياً اعتبار 24 منطقة جغرافية في جفاف تام ونهائي أمّا في العام 2015 فارتفع هذا العدد الى 500 منطقة.
ومن الدول الأكثر تعرّضاً لخطر جفاف مصادر المياه هي «باكستان».
ولن يكون لبنان بعيداً من الملف الساخن للمياه في الشرق الأوسط إذ ما زال اللبنانيون غائبين عن معالجة هذه الأزمة المتزايدة على مستوى ترشيد استهلاك المياه، والاستثمار والادارة السليمة والمنتجة لمصادر المياه في لبنان وهي كثيرة وتُعتبر المياه الصالحة للشرب وللاستخدام المنزل والصناعي وللطاقة إحدى أبرز الثروات الطبيعية.
لكنّ هذه الثروة المائية مهدَّدة من الهدر الداخلي ومن الاغتصاب الخارجي من الدول المجاورة وفي مقدمتها اسرائيل. فهل يستفيق اللبنانيون ويباشرون باستثمار ثرواتهم وفي مقدمها المياه ثمّ النفط والغاز. وذلك علماً أنّ هذه الثروات سيفٌ ذو حدين أما حمايتها واستثمارها على أفضل وجه وأما تركها فريسة للأطماع الخارجية وتحويلها الى مصادر خلافات إقليمية تُضاف الى المشكلات المعقّدة التي تعاني منها البلاد.