كتب نقولا ناصيف في “الأخبار”: رغم انقضاء خمسة ايام على مكالمة النائب وليد جنبلاط الرئيس ميشال عون، ومن ثم زيارة الوزير وائل بوفاعور للرابية، لم ينعقد بعد اللقاء المنبثق من فحوى المكالمة والزيارة بين بوفاعور ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل
خرج بوفاعور من مقابلة عون بانطباع اولي ايجابي، بإحالته على الوزير جبران باسيل لمناقشة اقتراح الزعيم الدرزي معاَ. لكن الوزيرين لم يجتمعا حتى الآن، بانقضاء خمسة ايام، للخوض في اقتراح يبدو في تقدير المطلعين عليه انه يحوز موافقة معظم الافرقاء باستثناء عون:
ـ يجاريه الرئيس نبيه بري كونه يضع حدا للخلاف المتنامي على التعيينات العسكرية والامنية بعدما تسببت بشل اعمال مجلس الوزراء، من دون ان يشق الاقتراح بالضرورة طريقاً الى استعادة مجلس النواب اجتماعاته.
ـ يجاريه الرئيس سعد الحريري كونه يتجاوز مشروع قانون رفع سن التقاعد للضباط جميعاً، وهو يتبنى فيه وجهة نظر الرئيس فؤاد السنيورة وعبارته بأن المشروع يحيل الجيش الى أشبه بـ»قُمُع»: واسعاً من فوق، ضيقاً من تحت. ناهيك بالاعباء المالية التي يعتقد الحريري والسنيورة أنها تترتب عليه. بذلك يمسي اقتراح جنبلاط أقل عبئاً. علماً أن تيّار المستقبل كان سبّاقاً الى طرح بعض من أفكار الاقتراح في الاجتماع ما قبل الاخير لطاولة الحوار مع حزب الله في عين التينة، ثم عزف عنه، فتلقفه جنبلاط بعد تشاور مع «أصدقاء» واسعي الاطلاع وطويلي الباع في الموضوع.
ـ يجاريه حزب الله انطلاقا من الموقف الذي ابلغه الى مراجعيه فيه، وهو انه يوافق بلا تردد على كل ما يقبل به رئيس تكتل التغيير والاصلاح.
الى الآن لا اشارات ايجابية الى موافقة عون على اقتراح جنبلاط. بل قد يكون تأخير اجتماع باسيل وبوفاعور اشارة سلبية الى تحفظ الرجل عنه.
يلحظ بت اجراءي ترقية ضباط الى ألوية اعضاء في المجلس العسكري وتشريع تأجيل تسريح قهوجي، في مجلس الوزراء الذي يمثل المرجعية القانونية ذات الاختصاص في كليهما: لأنه المعني اولاً بتعيين اعضاء المجلس العسكري ومن ثمّ ملء الشغور فيه بترقية عمداء الى ألوية، ولأنه المعني ثانياً وأساساً بآلية تعيين قائد الجيش عملا بالمادة 65 بالنصاب الموصوف في مجلس الوزراء وهو الثلثان، ما يعني تأجيل تسريحه بقرار وزير طعنة مباشرة الى ارادة مجلس الوزراء، لكن ـ خصوصاً ـ الى هيبة قائد الجيش ومنصبه.
بل يصبح تشريع تأجيل التسريح في مجلس الوزراء ضرورياً متى عمد الى ملء شغور المجلس العسكري. لا يصح اذ ذاك أن يرئس المجلس العسكري رئيسه، قائد الجيش، الذي يستمر في منصبه بقرار وزير ليس الا ـ وكذلك رئيس الاركان اللواء وليد سلمان والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير ـ بينما الاعضاء الآخرون عيّنهم مجلس الوزراء بثلثيه. ليس ثمة فارق فادح في مرجعية التعيين واختصاصها فحسب، بل كذلك في شرعيته.
في بعض ما يجري تداوله في الاقتراح:
1 ـ وضع تأجيل تسريح قهوجي وسلمان في عهدة مجلس الوزراء لاضفاء القانونية عليه، من خلال قرار يكرّس تمديد ولايتيهما.
2 ـ ترفيع عميد سنّي الى رتبة لواء وتعيينه اميناً عاماً للمجلس الاعلى للدفاع خلفاً لخير، من غير ان يبدو هذا الشق من الاقتراح جدياً، ما دام تمّ تأجيل تسريح خير سنة على غرار قهوجي وسلمان. يصحّ فيه ما يصحّ فيهما في مجلس الوزراء، الا اذا كان الحريري يريد في هذا المنصب ضابطاً محسوباً عليه، وليست هذه حال خير على الاقل.
3 ـ تعيين الاعضاء الشيعي والارثوذكسي والكاثوليكي في المجلس العسكري بغية اكتمال عدده.
4 ـ ترقية روكز الى رتبة لواء. الواقع ان كل صفقة التعيينات هذه تدور من حول قائد فوج المغاوير وفي سبيله، بل اضحى عمودها الفقري.
بذلك يصبح العدد المحتمل لترقية عمداء الى ألوية أربعة، ثلاثة منهم يشغلون وظيفة مدرجة في قانون الدفاع هي عضوية المجلس العسكري، في حين أن رابعهم سيكون من دونها. ما يشق الباب على بضع عقبات تحتاج الى تذليل:
اولها، ان ترقية ضابط ماروني (روكز) الى لواء يضاف الى عماد ماروني يُخل بتوازن الرتب العليا في المؤسسة العسكرية التي تراعي المساواة في ما بينها، على غرار ما يمثله المجلس العسكري، وهو اقرب الى مجلس ملي ـ هكذا نعت عندما صار الى تأليفه للمرة الاولى عام 1979 ـ بحيث تتمثل فيه المذاهب الستة الكبرى على نحو متكافىء. الى عماد وهي الرتبة المخصوصة بقائد الجيش رئيس المجلس العسكري، تتوزع رتبة لواء على الاعضاء الآخرين الدرزي والشيعي والسني والارثوذكس والكاثوليكي. الامر الذي يحتم اذ ذاك ـ بغية تصويب التوازن مجدداً عملا بقاعدة المثالثة من ضمن المناصفة ـ ترقية ثلاثة عمداء جدد الى ألوية ينتمون الى السنّة والشيعة والروم الارثوذكس، ما دام الكاثوليك يتساوون بالدروز بعضو واحد.
ثانيها، يُرقى العميد الى لواء بقرار من مجلس الوزراء فحسب، تبعاً للواقع السائد وهو ان لكل لواء في الجيش وظيفة ومنصباً. واقع الامر ان رتبة لواء تعطى حصراً للاعضاء الخمسة في المجلس العسكري وقادة الاجهزة الامنية (المدير العام للامن العام والمدير العام لقوى الامن الداخلي والمدير العام لأمن الدولة). ما يعني ان تعيين لواء ماروني جديد لا يرعى كيانه قانون الدفاع، ليس الا ترضية سياسية فقط. وقد تكون ملغومة.
ثالثها، ان تعيين روكز لواء بقرار من مجلس الوزراء يحيله بلا وظيفة، بل تمسي الرتبة هذه عديمة الجدوى والفاعلية بوضعه في تصرّف وزير الدفاع. لكن ذلك يعني حتماً أنه بلا وظيفة، وأقرب ما يكون الى الاستيداع. وهذا ما لا يمكن توقع موافقة روكز عليه.
رابعها، ان الرتبة الحالية لروكز اليوم أعلى من الوظيفة التي يشغلها قائداً لفوج المغاوير، قياساً بواقع الأفواج الأخرى في الجيش، وأخصّها أفواج التدخل التي يقود كلاً منها ضابط برتبة تترجح ما بين مقدّم وعقيد حداً أقصى. لا يسعه الاستمرار على رأس فوج المغاوير كعميد ثم كلواء، ولا بالتأكيد أن يكون في تصرّف وزير.