أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع أنّ المسؤول عن عدم انتخاب الرئيس وتعطيل الدولة اللبنانية هي طهران وحلفاؤها داخل لبنان وهو “حزب الله”، لافتًا الى أنّ تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية أدّى إلى تعطيل كلّي لجميع المؤسسات الدستورية.
جعجع، وفي حديث لصحيفة “الأخبار” المصرية، ردّ على سؤال بشأن ما إذا كان اللبنانيون يرضون في حال استمرار الأزمة الرئاسية برئيس موالٍ لإيران، بالقول: “لا أحد لديه النية في لبنان في ان يكون له رئيس غير رئيس لبناني صرف مستقل في قراراته، بكل ما تحمله كلمة مستقل من معني، فلن، ولن، ولن، نرضى برئيس تابع لايران”.
ورأى أنّ الجيش اللبناني يمتلك هذه القدرة بخلاف ما يسوّق له آخرون، فوحدة الجيش اللبناني هو قرار سياسي من الدرجة الاولى، والجيش اللبناني له دور كبير على صعيد تماسك لبنان ولكن اذا اختلف الفرقاء اللبنانيون اكثر فهذا بالطبع سيؤثر على الجيش.
وتطرّق الى الوضع السوري، فقال: “لا حلّ للأزمة السورية إلا بدخول قوة عربية مشتركة تسقط النظام وتسقط “داعش” أيضًا وتترك المجال لقوى سياسية حرة على أرض الواقع تقود سوريا”.
وفيما يلي نصّ الحوار:
ـ إلى أين تتجه الأمور في لبنان؟
بصوت هادئ يتحدث قائلاً: على المدى الطويل، يمكن القول بانه عبر سنوات التاريخ يتم النظر إلى لبنان على انها الحلقة الأضعف وسط دول الجوار القوية، والآن على الساحة السياسية سقطت دول الجوار الاقوى وبقي لبنان صامداً قوياً، وهذا الصمود يحدث في لبنان رغم عدم وجود رئيس جمهورية وحكومة فعلية ومجلس نواب يتحمل مسؤولياته امام كل شيء، وبالتالي هذا امر ملفت، ان دلّ على شيء، يدل علي ان أسس وجود لبنان أسس قوية وضخمة وثابتة وراسخة، وهذا يدل على ان لبنان ايضاً له جذور ثابتة في الارض والتاريخ، خاصة في هذه المرحلة التي تتعرض فيها الدول في الشرق الاوسط إلى هزات عنيفة.
اما على المدى القريب، لا استطيع ان أتكهن بما سيجري ولكن استطيع القول بأن المسؤول عن عدم انتخاب الرئيس اللبناني وتعطيل الدولة اللبنانية هي طهران وحلفاؤها داخل لبنان وهو حزب الله، وتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية أدى إلى تعطيل كلي لجميع المؤسسات الدستورية، وبالتالي تعطيل الحياة السياسية ومعها بالطبع مصالح المواطنين.
ـ ولكن ما الهدف من تعطيل المؤسسات الدستورية في لبنان؟
يأخذ نفساً عميقاً ثم يقول: الهدف من التعطيل هو تحقيق أكبر قدر من الضغط حتى يقبل الفرقاء اللبنانيون برئيس تابع لايران مباشرة أو رئيس يأخذ قراراته من ايران وبدون هذا الضغط موازين القوى داخل مجلس النواب اللبناني لا تسمح بوجود رئيس تابع لايران على عكس الرئيس السابق ميشال سليمان وهو رئيس وسطي كان قريباً من ايران ولكنه في نفس الوقت قريب من كل القوى السياسية في لبنان.
ـ وإلى متى سيتم تعطيل الحياة السياسية في لبنان؟
بصوت هادئ يقول: لا استطيع التكهن بوقت محدد لانتهاء الازمة اللبنانية ولكن عندما تضع ايران عقلها في رأسها وتفرج عن الانتخابات الرئاسية سينزل النواب إلى البرلمان وينتخبون رئيس الجمهورية ثم تجري انتخابات نيابية جديدة ويتكون مجلس النواب ويكتمل بذلك بناء المؤسسات الدستورية في لبنان.
ـ البعض يتساءل: هل ما يحدث في لبنان يهدف إلى تعطيل اتفاق الطائف الذي يوزع السلطات الثلاث في لبنان على السنة والشيعة والمسيحيين؟
يضع يده اليمنى فوق اليسرى ثم يتحدث: ان الضغط الذي يحدث في لبنان الآن قد يكون له اكثر من هدف، ولكن الهدف الاساسي هو السيطرة علي منصب رئيس الجمهورية بالقوة خاصة ان من يريد السيطرة لا يمتلك الاكثرية في البرلمان اللبناني التي تمكنه من انتخاب رئيس تابع له، وفي نفس الوقت لا امتلك اي وثائق او ادلة تثبت ان الهدف من وراء ما يشهده لبنان هو تعطيل اتفاق الطائف، ولكن مع مرور الوقت وعدم انتخاب الرئيس قد يُطرح اتفاق الطائف على ساحة المناقشات والبحث بشأنه، وبصرف النظر عن ذلك اؤكد ان ما يحدث في لبنان هدفه تنصيب رئيس اقرب إلى ايران، وهز النظام في محاولة إلى تغييره.
ـ هل يمكن القول بأن الوجود المسيحي بات مهدداً في لبنان وفي الشرق ككل ؟
يعتدل في جلسته ويتكلم بصوت منخفض: اسمع كثيراً عن هذه المقولة ولكني لست موافقاً عليها تماماً، فالمسلمون يتعرضون في المنطقة إلى احداث دموية اكثر من التي يتعرض لها المسيحيون ولكنهم باقون، كما ان المسيحيين عبر التاريخ تعرضوا لاحداث دموية كثيرة ومع ذلك لم يتم اقتلاعهم من المنطقة، كما ان المسيحيين تعرضوا لهزات عنيفة في القرون التاسعة والعاشرة والحادية عشرة وتعرض أيضاً المسيحيون في الجانب الغربي من البحر المتوسط لاحداث كبيرة ولم نسمع عن اضمحلال دورهم في اي مكان، وبالتالي لا اتوقع تراجع دور المسيحيين في لبنان.
ـ في حال استمرار أزمة الرئيس اللبناني، هل يرضى اللبنانيون في يوم ما برئيس موالٍ لإيران؟
بصوتٍ عالٍ يقول: لا اتوقع حدوث ذلك، ولو حدث كان من الأولى حدوثه من قبل، لا احد لديه النية في لبنان في ان يكون له رئيس غير رئيس لبناني صرف مستقل في قراراته، بكل ما تحمله كلمة مستقل من معني، فلن، ولن، ولن، نرضى برئيس تابع لايران.
ـ ميشال عون وهو أحد المرشحين للرئاسة اللبنانية طرح مبادرة بأن يتم انتخاب الرئيس عبر الاقتراع المباشر من الشعب، وعلى مرحلتين، كيف ترى هذه المبادرة؟
هذا الطرح من عون ظروف لبنان الآن لا تتقبله، فالدولة ليس فيها أي مؤسسات دستورية تسمح بمناقشة هذا الامر الجوهري الذي يحدد مستقبل دولة بأكملها، فهذه المبادرة تحتاج إلي المزيد من الوقت والمزيد من المناقشات والمباحثات بين القوى السياسية فضلاً عن اجماع الاكثرية النيابية في مجلس النواب اللبناني على قبول هذه الفكرة التي تتعارض مع الوضع الدستوري، المسألة ليست بالبساطة التي يتخيلها عون، فظروف البلد الآن في غاية الصعوبة ولا تسمح بمبادرات تحتاج إلى المزيد من الوقت.
ـ هل البرلمان اللبناني فقد شرعيته خاصة أن فترة انتهائه كانت في 2013 وتم التمديد له مرتين؟
يتكلم بصوت كله ثقة: هذا كلام غير صحيح، وكنا نتمنى في لبنان اجراء الانتخابات البرلمانية في توقيتها، ولكن الحكومة لم تأخذ اجراءات الانتخابات البرلمانية وكنا امام خيارين لا ثالث لهما، فقد كنا امام فراغ دستوري كامل بعد فراغ منصب الرئيس اللبناني، او التمديد لمجلس النواب والابقاء على الحكومة الحالية حتى يصبح لدى اللبنانيين مؤسسات شرعية، وأرى ان التمديد شرعي بنسبة كبيرة لان القوى السياسية التي ستقود البلد في حال اجراء اي انتخابات هي ممثلة داخل البرلمان، لذلك اؤكد ان هذا التمديد شرعي حتي اشعار آخر.
ـ وكيف ترى المظاهرات في لبنان الآن بسبب أزمة النفايات؟ وإلى أين تسير الأوضاع؟
المتظاهرون لديهم حق في جميع حقوقهم خاصة ان الحكومة فشلت في ايجاد حل فوري وعاجل لمشكلة النفايات، ولكن على المتظاهرين البقاء في الميادين لحين انعقاد جلسات لمجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية وبعد ذلك يتم اختيار حكومة جديدة، اما عن دعوات اسقاط الحكومة الحالية بدون انتخاب رئيس للبلاد فهو انتحار سياسي للبنان ككل، لانه اذا سقطت الحكومة، يصبح لبنان من غير رئيس ولا حكومة ولا مجلس نواب.
ـ وماذا تقول للمعتصمين والذين يدعون إلى المظاهرات؟
أقول لهم: ان ثروتنا الوحيدة المتبقية في لبنان هي الاستقرار والنظام العام في البلد، وممنوع على أحد المساس به، كذلك ممنوع التعرض لقوى الأمن الداخلي، حتي لا يُهد الهيكل على رؤوسنا، كما لا يجب الاقتراب من الشريط الشائك، فحين ينهار النظام العام جراء تحركاتكم المباركة ستأتي بعدكم جحافل من الحراميّة وقطاع الطرق وعندها لن يقوى أحد على ضبطهم، كما انه من مصلحتنا الحفاظ على الانتظام العام في البلد والاستقرار، فكل أنواع الاحتجاجات متاحة ومحقة ولكن لا يجب التعدي على الأملاك العامة والخاصة، فضلاً عن وجوب احترام عناصر الأجهزة الأمنية والجيش، وأكرر تضامني مع شعور المتظاهرين ولكننا لسنا مع هدم الهيكل على أنفسنا.
ـ وماذا أسفر اتفاق النوايا الذي انعقد بين حزبكم وبين حزب ميشال عون؟
أولاً احب التأكيد ان المملكة العربية السعودية كانت تشجع على الاتفاق من اجل استقرار لبنان والحفاظ على تماسكه، كما ان هذا الاتفاق قضى على عقود طويلة من العدائية مع خصم وفريق بأكمله يقوده ميشال عون، ونحن نتحدث مع بعض يومياً ونعترف بأن لدينا اختلافاً في وجهات النظر حول ملفات الرئاسة والحكومة ولكننا نسعى للحفاظ على وحدة لبنان.
ـ من خلال حديثي مع مواطنين لبنانيين أكدوا لي ان السياسيين الآن على الساحة السياسية لا يستطيعون قيادة لبنان كما أنهم يفضلون مصلحتهم السياسية؟
المواطن اللبناني معه حق، فعندما نتحدث عن مشكلة مثل مشكلة النفايات التي تضرب لبنان ونجد ان الحكومة منذ 6 أشهر تسعى إلى ايجاد حل لها ولم تستطع، فان المواطن له الحق في ان يغضب، خاصة ان موعد الحل النهائي للأزمة كان في 17 تموز الماضي، وانا اتفق مع المواطن اللبناني في ان القوى السياسية في لبنان والتي يتشكل منها مجلس الوزراء هي قوى سياسية فاشلة، ولكن ما اتمناه من المواطن اللبناني ان لا يشمل الكل بذنب البعض، وان عليه ان يفكر جيداً ماذا سيفعل في الانتخابات القادمة، فالتركيبة السياسية في الحكومة غير فاعلة.
ـ هل الجيش اللبناني قادر على الحفاظ على لبنان في حال – لاقدر الله – اندلاع حرب أهلية؟
انا أرى ان الجيش اللبناني يمتلك هذه القدرة بخلاف ما يسوّق له آخرون، فوحدة الجيش اللبناني هو قرار سياسي من الدرجة الاولى، والجيش اللبناني له دور كبير على صعيد تماسك لبنان ولكن اذا اختلف الفرقاء اللبنانيون اكثر فهذا بالطبع سيؤثر على الجيش.
ـ زرت مؤخراً المملكة العربية السعودية. ما هو الهدف الرئيسي من الزيارة ؟
يجيب بسرعة: الهدف هو التعرف على القيادة الجديدة، وبالطبع المملكة السعودية مهتمة بما يحدث داخل الشأن اللبناني كجزء داخلي وايضاً من الناحية الاقليمية، وأحب أن أشير في هذا السياق إلى الحفاوة والتكريم اللذين استقبلتني بها القيادة السعودية وعلى رأسهم الملك سلمان.
ـ وما تأثير سقوط بشار الأسد في سوريا على لبنان؟
سقوط بشار الاسد أجمل هدية للعالم أجمع وللانسانية وللبنانيين خاصةً، ان هذا النظام هو نظام دموي ارتكب العديد من المجازر هنا وهناك وتلطخت يده بالدماء وقام بتعذيب العديد من اللبنانيين داخل سجونه ومعتقلاته، فقد عانينا في لبنان على مدار 35 عاماً من وطأة هذا النظام الغاشم، كما ان المستفيد الاول من سقوط نظام بشار الاسد هم السوريون انفسهم لانهم اكثر من عانوا من هذا النظام الدموي.
ـ كيف ترى الحل في سوريا؟
المواطن السوري الآن بين مطرقة بشار وسندان داعش، و90% من السوريين ضد داعش وبشار، وانا أرى انه لا حل الا بدخول قوة عربية مشتركة لسوريا تسقط النظام وتسقط داعش ايضاً، وتترك المجال لقوى سياسية حرة عليى أرض الواقع تقود سوريا، والتفكير في منطقة آمنة على الحدود السورية التركية تفكير صائب ولكنه جزء من الحل وليس الحل الكامل والامثل، والخطوة الكلية هي قوة عربية مشتركة لان سوريا عربية.
ـ وكيف ترى الموقف المصري الآن تجاه أزمة الرئاسة اللبنانية؟
أرى ان مصر الآن منكبّة على جبهتها الداخلية والخارجية، فمما لا شك فيه ان مصر تتعرض لهجمات وتحديات كبيرة سواء في سيناء والتي تعتبر مشكلة داخلية وخارجية، كما ان مصر تواجه تحديات عسكرية ايضاً وتواجه انفلاتاً في دول الجوار مثل ليبيا والسودان، وبالتالي مصر لديها العديد من المشكلات التي تواجهها وتعمل على حلها، وبالفعل الرئيس السيسي نجح في حل العديد من المشكلات في وقت قياسي، ومن هذه المشكلات مشكلة سد النهضة الذي اداره بامتياز.
ـ وهل نجح الرئيس السيسي حتى الآن في قيادة البلاد؟
بالفعل، الرئيس السيسي يواجه المشكلات الداخلية بحرفية شديدة كما انه نجح في حل مشكلة سد النهضة واستعادة العلاقات مع السعودية والسودان ودول الخليج، كما انه يقود ملف الارهاب بمهارة وطبيعي ان يأخذ بعض الوقت للقضاء على الارهاب.
ـ وماذا تقول للرئيس السيسي في رسالة توجهها له؟
يفكر كثيراً ثم يقول: مصر مهمة استراتيجياً في هذا الشرق وحتى في حوض البحر المتوسط لذلك نحن نتتبع خطواتك سيادة الرئيس باهتمام كبير، ونتمنى لك كل النجاح وبالأخص ان الشعب المصري كان على الدوام شعباً شقيقاً للشعب اللبناني وبالتالي نجاح الشعب المصري هو نجاح للشعب اللبناني ولشعوب المنطقة.