Site icon IMLebanon

“طلعت ريحتكم” “مخروقة”..داخلياً وخارجياً!

beirut-manifestation-10

 

 

ذكرت صحيفة “السفير” أنه قبيل ساعات قليلة من انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي منحها الحراك المدني للحكومة من أجل تنفيذ مطالبه، من دون ظهور أي مؤشر الى إمكانية الاستجابة لها.. باغت هذا الحراك وزير البيئة محمد المشنوق، ومعه كل السلطة، باقتحام مقرّ الوزارة في وسط بيروت، حيث نفّذ عدد من شبان وشابات حملة “طلعت ريحتكم” اعتصاماً للمطالبة باستقالة المشنوق.

ورأت “السفير” انه ليس مستبعداً ان تكون قوى خارجية وداخلية قد دخلت على خط الحراك لخطفه او لاستثماره في اتجاه يتضارب مع النيات السليمة التي تحرك غالبية المنتفضين في الشارع، لكن هذا “التسلل” المريب عبر “أحصنة طروادة”، لا يجب ان يدفع الى إدانة الانتفاضة المدنية برمتها، بل ينبغي ان يكون حافزا لحمايتها وتحصينها، عبر رفدها بأوسع مشاركة ممكنة من الشرائح الشعبية “النظيفة”، في حين ان الانكفاء يفسح المجال امام تمدد مساحة الانتهازيين والمشبوهين.

ولعل نجاح حملات الحراك في التوافق على تشكيل “لجنة متابعة” مشتركة، سيساهم في رفع منسوب التنظيم وتحسين شروط القيادة، بحيث تتحول هذه اللجنة الى الناطق الرسمي باسم الحراك، والاطار الجامع لكل روافده، بدل “اللامركزية” في اتخاذ القرار، والتي تركت سلبيات على بعض جوانب إدارة المواجهة مع السلطة، كما حصل بالأمس، حين فوجئت حملات مشاركة في الحراك المدني بقرار اقتحام وزارة البيئة، ولكنها تجنبت تظهير أي اعتراض علني عليه، بل دعمته في العلن، حرصا على وحدة جسم الحراك.

وكانت “لجنة المتابعة لتحرك 29 آب” قد دعت المواطنات والمواطنين في جميع المحافظات والأقضية الى المشاركة في الحراك العام، والنزول الى الساحات العامة للضغط على السلطات المركزية والمحلية، كجزء من الحراك العام”.

وأوضحت أنه سيصار الى توسيع تحركات المناطق من خلال اعتصامات في الشمال (طرابلس وعكار) الخميس المقبل، وفي الجنوب (صور، عدلون، ابل السقي) وفي النبطية الجمعة المقبل.

ودعت اللجنة الى اعتصام حاشد في بيروت يوم 9 أيلول، على ان تُعلن عن مكانه وزمانه لاحقا، احتجاجا على انعقاد طاولة الحوار، حوار المحاصصة والفساد والتسويف والمماطلة”.

وقالت: “ان هدفنا يبقى بناء دولة مدنية وديموقراطية، قائمة على المساواة والعدالة الاجتماعية، وتبقى من أولوياتنا ضمان الكهرباء في جميع المناطق 24/24 ساعة، بتّ ملفات الرواتب والأجور بطريقة تضمن حياة كريمة للمواطنين، ضمان استقلال القضاء والحريّات العامة وعلى رأسها حرية التظاهر والتغطية الصحيّة الشاملة وإنصاف جميع الفئات الإجتماعية المغبونة”.

وليلاً، قال الوزير محمد المشنوق لـ”السفير” إن المعتصمين في وزارته “ظنّوا أنني الحلقة الأضعف التي يمكن التصويب عليها، ولكنهم أخطأوا في التقدير”.

وأضاف: “طيلة فترة الاعتصام بالقرب من مكتبي لم تخطر على بالي فكرة ان أغادر وسط حراسة أمنية كما اقترح علي البعض، كما لم تخطر على بالي، ولو للحظة فكرة الاستقالة، لان استقالتي لا تفيد في معالجة أزمة النفايات، وأصلا لا يمكن ان أقدّم مثل هذه الخدمة لحراك من هذا النوع.
وتابع: “وسط كل هذا الضغط الذي تعرضت له، كنت اشعر بالسكينة الداخلية والمصالحة مع الذات، لانني لست متورطا في اي ارتكاب، بل انا واجهت القوى السياسية جميعها بسبب تنصلها من مسؤولياتها في ملف النفايات مسايرة لمزاج هذا الشارع او ذاك، وما تحملته من هذه القوى لا يستطيع أحد ان يتحمله”.

وأوضح ان مكتبه “قدم زجاجات المياه وبعض أكواب “النسكافيه” والسندويشات لعدد من المعتصمين الذين يوجد بينهم من هو نقي ومن هو خبيث”، مؤكدا انه سيظل يداوم في مكتبه كالمعتاد.

أما وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يعقد بعد ظهر اليوم مؤتمرا صحافيا، فقال لـ”السفير” إن تدافعا حصل خلال فض الاعتصام في مبنى وزارة البيئة، بعدما أعطينا المعتصمين كل الفرص للخروج طوعا.

وأشار الى ان بعض العناصر الأمنية ارتكبت أخطاء محدودة جدا أثناء إجبار المعتصمين على إخلاء المبنى، نافيا ان تكون قد وقعت إصابات قوية في صفوفهم، وتقارير الصليب الاحمر اللبناني تؤكد ذلك.

وعلم ان اتصالات جرت خلال نهار أمس بين وزير الداخلية وعدد كبير من القيادات السياسية، من بينها الرئيس نبيه بري والرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط وقائد الجيش العماد جان قهوجي، جرى خلالها التشديد على ضرورة التهدئة وضبط النفس من جهة وحماية المؤسسات والمقار الرسمية من جهة أخرى.

وبحسب مصادر معنية قالت لـ”الأخبار”: “إن المجتمعين فوجئوا بإبلاغهم من ممثلي حملة “طلعت ريحتكم” أنهم اقتحموا وزارة البيئة وسيعتصمون فيها حتى استقالة المشنوق وأنهم لن يكون بمقدورهم المشاركة بالاجتماع. ردّ الفعل الأولي كان غاضباً من هذا التفرّد، والبعض عبّر صراحة عن أن هذه الخطوة تهدف الى توريطهم بما لم يشاركوا في التفكير به ومناقشته وإقراره، والبعض بدا مستاءً من إصرار الناشطين في حملة “طلعت ريحتكم” على إبقاء قبضتهم محكمة على الحراك من دون إشراك المجموعات الأخرى الفاعلة. إلا أن حصيلة النقاش أفضت الى ضرورة مؤازرة المعتصمين والدعوة الى التجمّع خارج الوزارة لتأمين الدعم لهم، حرصاً على استمرار الحراك وزخمه ومنعاً لأي تشتيت أو انقسام تستفيد منه قوى السلطة. لكن، في المقابل، تقرر عدم الرضوخ لهذا التفرّد ومواصلة الاجتماع وبتّ الأمور المطروحة على جدول أعماله، ولا سيما تشكيل الإطار التنظيمي.

وفي النهاية، تم الإعلان عن قيام إطار مشترك تحت مسمى “لجنة متابعة لتحرك 29 آب”، وسارع الى إصدار بيانين، الأول أشهر فيه نفسه ومواقفه، والثاني أعلن فيه إدانته لتعرّض السلطة للمعتصمين في وزارة البيئة، معتبراً أن التعرض لهم هو تعرض لجميع اللبنانيين.

وأضافت “الأخبار”: “التصعيد الموعود بدأ أولى خطواته أمس بشكل مفاجئ للجميع. نحو 50 شخصاً من “طلعت ريحتكم” و”بدنا نحاسب” و”حلوا عنا” اقتحموا وزارة البيئة وأعلنوا عودتها الى الشعب، واعتبروا أنها بداية العصيان المدني. مصادر الحملة تقول ان هذه الخطوة اتُخذت ضمن حلقة ضيقة جداً من الأشخاص حفاظاً على عنصرَي السرية والمفاجأة.

اجتماع مكونات الحراك أمس خلص الى الإعلان عن انضواء جميع المجموعات تحت “حركة 29 آب” وتمّ الاتفاق على تشكيل هيئة عامة للحراك ضمن إطار مفتوح يضم كل الجمعيات والنوادي والحملات والهيئات، مهمتها رسم خطة عامة للحراك. إضافة الى ذلك، اتفق المجتمعون على تشكيل هيئة تنفيذية هي عبارة عن لجنة متابعة لحركة 29 آب تضم الأطراف الأساسيين للحراك ومجموعة قانونيين، مهمتها متابعة العمل التنفيذي اليومي.

ويقول عمر ديب، الأمين العام لاتحاد الشباب الديموقراطي، إنّه «تمّ ترك حرية العمل والتحرك لكل المجموعات بالتنسيق مع اللجنة، على أن يُعلن عن الخطوات النوعية، مثل التظاهرات الكبرى وإغلاق الوزارات، من قبل حركة 29 آب». وعلى الرغم من عدم حضور حملة “طلعت ريحتكم” الاجتماع، إلّا أنها أعلنت موافقتها على الإطار المطروح.

كذلك وضع المجتمعون أهدافاً محدّدة للتصعيد، كان من المفترض أن يتم الإعلان عنها أمس. إلّا أنّ ما حصل استدعى تأجيلها الى اليوم على الأرجح. وتشير مصادر الى أن خطة التصعيد تشمل إغلاق مرافق عامة مثل المطار والمرفأ وتحركات في المناطق، وقال بيان لجنة المتابعة (بيان رقم 1) إن التصعيد الأبرز سيحصل بالتزامن مع جلسة الحوار التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في 9 أيلول، حيث ستتم «الدعوة الى اعتصام حاشد يعلن عن مكانه وزمانه لاحقاً، احتجاجاً على انعقاد طاولة الحوار، حوار المحاصصة والفساد والتسويف والمماطلة».

ورأت اللجنة في بيانها أن الجواب الأكثر خطورة على مطالبها جاء من رئيس مجلس النواب الممدّد “الذي استغل مناسبة وطنية هامة لإعادة ترتيب صفوف الطبقة السياسية وشركاء المحاصصة، فأتت دعوته لرؤساء اللجان النيابية للحوار خارج الإطار التنظيمي للمؤسسات بمثابة دعوة إلى التوحد في وجه المواطنين والمواطنات، ولا سيما أن جدول أعمال الحوار المقترح غاب عنه أي من الهموم أو المطالب الاجتماعية”.

وقالت اللجنة إن جميع الأجوبة الأخرى على مطالب المتظاهرين في 29 آب جاءت سلبية. فبدلاً من أن يستقيل وزير البيئة، اختار أن يداوي عدم مسؤوليته بمزيد من التخلي عن المسؤولية، وذلك بانسحابه من رئاسة اللجنة الفنية لمعالجة النفايات. وبذلك، أكد صحة المطلب بوجوب استقالته وعدم جدارته في هذا الشأن. وحتى الآن، لم يعلن عن توقيف أي ضابط مسؤول عن العنف ضد المتظاهرين. وقد جاء اتهام وزير الداخلية نهاد المشنوق لدولة عربية صغيرة بتمويل الحملة مؤشراً على نياته ورغبته في تضليل الرأي العام والالتفاف حول مطلب المحاسبة. وبخصوص إعادة أموال الصندوق البلدي المستقل للبلديات، بقيت الأمور بمثابة تصريحات مجردة عن أي خطوات عملية، علماً بأن فتح حساب مستقل للصندوق لدى المصرف المركزي يحتاج الى نصف ساعة على الأكثر.