Site icon IMLebanon

تأجير السيارات “الخصوصية”: لقمة العيش تبرر مخالفة القوانين؟

Private-Cars-Rentacar-lebanon
حسن يحي

على امتداد لبنان تنتشر ظاهرة تأجير السيارات الخصوصية ذات اللوحات البيضاء، لأسباب عديدة، قد يكون أبرزها بالنسبة للمستأجِر، الشروط القاسية لمكاتب التأجير، وبالنسبة الى صاحب السيارة، الرغبة في تحقيق دخل إضافي يقيه شر العوز.

ولعل حالة عامر (اسم مستعار) هي أبلغ دليل على سوء الأحوال الإقتصادية في البلد ما يدفع بعض الناس إلى العمل في أعمال مخالفة كتأجير السيارات الخصوصية. وقد بدأت قصة عامر مع تأجير السيارات عندما وجد نفسه من دون أي عمل بعد أن طُرد من عمله تعسفاً. بقاء عامر بلا وظيفة وضعه امام صعوبة تأمين لقمة عيش عائلته، فضلا عن استحالة تأمين قسط السيارة التي اشتراها بقرض مصرفي منذ 3 سنوات، ولا تزال مرهونة للبنك. لمواجهة هذه الظروف، وعلى ضوء نصيحة أحد الاصدقاء، بدأ عامر بتأجير سيارته لزبائن يؤمّنهم الصديق، ويتفق معهم على التصريح عند الضرورة، بأن السيارة لأحد الاصدقاء، وليست مُستأجَرة.
أخذ دخل عامر يزداد مع الوقت، حتى وصل الى تحصيل حوالي 1200 دولار شهرياً، تؤمّنها 3 سيارات إشتراها لتعزيز مهنته الجديدة، التي “تُنتج بصورة لم يتوقعها”، وفق ما يقوله لـ “المدن”. ويبلغ متوسط بدل ايجار السيارة في الايام العادية 30 دولاراً في اليوم، وفي “المواسم” والاعياد، يصل الى 80 دولاراً.

تأجير السيارات الخصوصية بشكل غير قانوني، يعفي اصحاب السيارات من الحصول على ترخيص رسمي لتأجيرها، ويعفي المستأجر من دفع بدل تأمين وأي بدلات أخرى، وهنا تكمن المصلحة المشتركة بين المستأجِر والمالك. ويستفيد المستأجِر ايضاً، وفق ما يقوله أحد مستأجري السيارات الخصوصية في صيدا، محمد قهوجي، لـ “المدن” ان “مكاتب التأجير القانونية تُلزم المستأجرين بإستئجار السيارة لفترة زمنية طويلة، قد تصل الى الشهر”، وهذا ما لا يتناسب مع مطالب المستأجرين الذين غالباً ما يطلبون سيارة ليوم او يومين، لقضاء حاجة.
الجولة على بعض مكاتب تأجير السيارات، خلصت الى اجماع حول أفضلية التأجير لمدة زمنية طويلة، لضمان تشغيل السيارة، وعدم المخاطرة في انتظار الزبائن. اضافة الى اجماع حول ضرورة دفع الزبون لمبلغ تأمين على السيارة في حال تعرضها لأي حادث، وقد يتخطى التأمين مبلغ 300 دولار، يُسترد عند اعادة السيارة سليمة. واحياناً تشترط بعض المكاتب تحديد عدد الكيلومترات التي ستقطعها السيارة. وكلها عوائق تجعل المستأجرين يتجهون الى السيارات الخصوصية.
ولكن الاشكالية التي تبقى أمام هذه الظاهرة تتمثل بوجهين رئيسين، فأولاً هي عملية غير قانونية بأي شكل من الأشكال، وخصوصاً مع صدور قانون السير الجديد الذي يُحظر على صاحب السيارة اعارتها حتى لصديق من دون وكالة سوق صادرة عن أحد كتّاب العدل، تحت طائلة الغرامة وحجز السيارة. أما الوجه الثاني فيتمثل في أن جميع المخالفات والحوادث التي تحدث اثناء تأجير السيارات الخصوصية يتحمل صاحبها الأساسي مسؤوليتها. وبسبب ذلك، عمد عامر وغيره ممن التقتهم “المدن” إلى تنفيذ وكالة سوق رسمية لدى كاتب عدل قبل حصول عملية التأجير، اضافة الى الاشتراط على المستأجر القول أنه “استعار السيارة” في حال وقوعه بقبضة القوى الأمنية، ما يزيح عن كاهلهم المسؤولية.
أما بشأن الحوادث والضرر الذي قد تلحقه بالسيارة، فيقول عامر إن السيارات مرهونة إلى البنوك نظراً لأنها لا تزال تخضع للتقسيط، الأمر الذي يُرتب تأميناً شاملاً عليها تنفذه شركات التأمين التي يتعامل معها البنك. ويعوض التأمين على السيارة المأجرّة التي تتعرض لحادث شرط وجود وكالة سوق رسمية.

وتعد هذه الظاهرة انتهاكاً صارخاً للقوانين اللبنانية، وفق ما يؤكد المحامي فراس كنج لـ “المدن”، اذ “تشتمل على عمليات تزوير واضحة في حالات الحوادث، اضافة إلى مخالفة القوانين التي تمنع تأجير السيارات الخصوصية”. ويضيف أن “اجراءات الوكالة التي تتم قبل التأجير تجعل من الصعب بل من المستحيل على القوى الأمنية اتخاذ اجراءات بحق السائق، فطالما أن وكالة السوق قانونية ومذيلة بختم كاتب عدل فإنها تعتبر مستنداً قانونياً لا غبار عليه”.
لكن التذرع بخرق القوانين، لا يعيره عامر اهمية، اذ ان “الدولة التي لا تحترم مواطنيها في جميع امورهم المعيشية والحياتية اليومية، لا يجب احترام القوانين الصادرة عنها”. وعليه، يبقى ابتداع وسائل لتحصيل لقمة العيش، أقوى من القوانين الصماء التي لا ترى الأسباب التي تحفز على مخالفة القانون.