Site icon IMLebanon

خطة لتحجيم نشاط الشركات العائلية في السعودية

saudi-stock-exchange
أكدت مصادر في وزارة التجارة والصناعة لـ”العربي الجديد، أن الدولة تسعى إلى تحويل الشركات العائلية إلى مساهمة ولكن بشكل اختياري وغير إجباري، وأوضحت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن أبرز محاور خطة الوزراة تشمل تسهيلات مغرية لهذه الشركات وتوعية ملاكها بالفوائد الإيجابية المتوقعة من تحويلها إلى مساهمة. وكشفت دراسة اقتصادية حديثة لشركة KBMG السعودية، أن أكثر من 60% من الشركات العائلية السعودية لا تستمر إلى الجيل الثاني من العائلات، كما أن 90% منها لا يستمر للجيل الثالث بسبب خلافات بين الورثة، ويبلغ متوسط عمر الشركات العائلية نحو 24 عامًا فقط، كما أن 25% منها لا تملك رؤية واضحة للسنوات الخمس المقبلة. ويؤكد رئيس KPMG حازم حسن، في تصريحات سابقة، على أن التقارير الدولية تشير إلى أن 90% من الشركات بمنطقة الشرق الأوسط عائلية تساهم بنحو 80% من الدخل القومي، وتشكل نحو 75% من نشاط القطاع الخاص، وتوظف 70% من حجم العمالة. وبحسب خبراء، تندرج الشركات العائلية في السعودية تحت أربعة أشكال، تضامنية، وفردية، وذات مسؤولية محدودة، ومساهمة مغلقة، وفي حالة تحويلها إلى شركات مساهمة تحويل الملكية من نظام الحصة إلى نظام السهم، وهو ما يجعل السهم من الممكن انتقاله بين الملاك بشكل نظامي، وعليه فإن الشركة لن تتوقف على أحد في حال وفاته بشكل مفاجئ، وهو الهدف الذي تسعى له الوزارة من خلال خطواتها الجديدة.

وحسب خبراء، يتجاوز حجم الأموال المجمدة غير المستغلة في الشركات العائلية بسبب النزاعات الداخلية 20 مليار ريال (5.3 مليارات دولار)، ما يهدّد استمراريتها، ويترتب عليه عدة تداعيات خطيرة على الاقتصاد السعودي.
ويحذر المحلل الاقتصادي فضل البوعنين، في تصريحات لـ”العربي الجديد” من تهديدات حقيقية تلاحق الشركات العائلية في السعودية، مؤيداً الخطوات الحكومية التي تعتزم تحويلها لشركات مساهمة.
ويضيف البوعنين، “لا يمكن القبول بوجود شركات كبرى تدير عقوداً وثروات باهظة دون أن تكون شركة مساهمة ومدرجة في سوق المال، وليس شرطا تداول أسهمها للاكتتاب، ولكن على أن تؤسس على ضوابط دقيقة تساعد على أستمراريتها، حتى ولو توسع الملاك الأصليون”.

ويؤكد أن هذا الأمر سيكون في صالح تلك الشركات، مع أن البعض يراه من معوقات نموها، ولكنه يعتقد أن الأمر الصحيح هو العكس.
ويتابع: “أن شركة الراجحي المصرفية، كانت شركة عائلية في البداية، ولكن بعد أن تحولت إلى مصرف مدرج في البورصة، توسعت وباتت من أكبر المصارف، وبأرباح جيدة”.

ويوضح أن الشركات العائلية عندما يكون ملاكها الحقيقون على قيد الحياة تكون من أفضل الشركات، ولكن عندما يرحلون، ويديرها الجيل الثاني من العائلات، يحدث الخلل، وربما لا يستطيع هذا الجيل إدارة الشركة لأنه لا يملك الكفاءة اللازمة لاستكمال الخطط الموضوعة، وهو ما يؤدي إلى نهاية هذه الشركات. وفي هذا السياق يؤكد المحلل الاقتصادي ربيع سندي، على أن تحويل تلك الشركات إلى مساهمة يهدف للحفاظ على تماسك اقتصاد البلاد. ويقول سندي لـ”العربي الجديد”، “إن وزارة التجارة تحرص على الحد من انتشار الشركات العائلية، لأن تحولها إلى مساهمة يعني استمرارية كياناتها الاقتصادية وهو ما سيحفظ للاقتصاد السعودي نموه وتطوره”، ويشدّد سندي، على أنه ليس بالضرورة أن تطرح أسهم الشركة في السوق المالية، بل يمكن أن تكون مساهمة مغلقة، لأن المطلوب هو الحفاظ على استمرارية تلك الشركات، لا محاربة وجودها، ويضيف أن الهدف من تحرك وزارة التجارة المنطقي هو ضمان عدم اهتزاز الاقتصاد السعودي جراء تفكك تلك الشركات لأي سبب كان، وتحولها إلى مساهمة سيضمن لها أن تطور أداءها بغض النظر عن أسماء الملاك فيها.

وتعتبر الشركات العائلية الأهم في خريطة القطاعات التجارية السعودية حالياً، وتؤكد دراسة KBMG على أن تلك الشركات “ستواجه عاجلاً أم آجلاً، قرارات صعبة حول ملكية وإدارة الأعمال، وهذه القرارات تتعلق بما سيحدث عندما يقرر المالك الحالي أخذ خطوة إلى الوراء فيما يتعلق بإدارة شركته”، وأضافت: “غالباً ما تكون هذه الشركات تحت الخطر، فيمكن أن تنخفض طموحات أي صاحب عمل بسبب المرض أو الظروف غير المتوقعة، كما أن الوفاة المفاجئة أو عجز المالك يمكن بسهولة أن يدمر الشركات العائلية”. وبحسب دراسات سابقة صادرة عن غرفة التجارة، تسهم الشركات العائلية بنحو 50% من الناتج المحلي غير النفطي، تشير وتتجاوز نسبتها 90% من الشركات المسجلة في السعودية، وتسهم في توظيف 80% من القوى العاملة لبعض القطاعات، ما استدعى ان توجه الدولة اهتماماً كبيراً بها والعمل على استمراريتها. من جهتها تؤكد هيئة السوق المالية في السعودية، على أنها ليست معنية بإلزام الشركات العائلية كي تدرج أسهمها أو جزءاً منها في السوق المالية، موضحة على أنها :”تحرص على المشاركة في المنتديات والمؤتمرات ذات العلاقة بالشركات العائلية، لنشر ثقافة أهمية تحولها إلى مساهمة، مؤكدة أن القرار النهائي في هذا الأمر عائد إلى المسؤولين في تلك الشركات”. وأكد المتحدث الرسمي باسم هيئة سوق المال عبد الله القحطاني، في تصريحات سابقة على أن “عدم تحول بعض الشركات العائلية إلى مساهمة عامة وإدراجها في السوق، يعود إلى قرار الملاك وقناعاتهم وأهدافهم”، مشدداً على أن “إدراج مزيد من الشركات يعزّز من عمق السوق واتساعها وينوّع الخيارات أمام المتداولين والمستثمرين، كما أن الشركات المساهمة العامة تنفصل فيها الملكية عن الإدارة، ما يعزّز من إمكانية نموها واستمرارها والتوسع في أنشطتها”.