لا ينفصل القطاع المالي عن بقية القطاعات الاقتصادية ولا يعيش في جزيرة لكنه أقل المتضرّرين حتى اللحظة من الآثار السلبية التي تترتب على التأزم السياسي والحراك الشعبي الحاصل في البلد راهناً، فالقطاع المالي يتعرّض لتغيرات آنية لكنه لم يصل الى حد «الخطر» بطبيعة الحال ولم يتعرّض الى نزوح أموال خارج البلد.
هذا الواقع أكده الرئيس السابق لجمعية المصارف رئيس «مجموعة بيبلوس» الدكتور فرانسوا باسيل، ونفى أي معلومات عن هروب أموال من لبنان إلى الخارج، وأكد في حديث صحفي أن «الوضع المصرفي سليم ومصان»، لكنه لم يخفِ «التخوّف من غياب توظيفات السيولة الكبيرة الموجودة في المصارف المحلية»، وقال: الناس تعيش حالاً من الترقب والإنتظار، لكن إلى متى ستبقى على هذه الحال؟!
وعما إذا استمر الوضع على ما هو عليه اليوم لفترة طويلة، قال: إذا قلت إن شيئاً لن يحصل، أكون وكأنني أعيش في جزيرة، إذ في حال بقيت الأمور كما هي، فستؤثر بالتأكيد على كل القطاعات الإقتصادية في لبنان، ولن يبقى أحد في منأى عن تداعياتها؛ لكنه طمأن إلى أن «حتى اليوم، كل الأمور تسير بشكلها الطبيعي، بعيدة من أي تأثيرات تُذكر».
وإذا طالت مشهدية الشارع على وقع أعمال الشغب والتصعيد، وتأثيراتها على الحركة الإقتصادية، قال باسيل: نكنّ كل احترام لجزء كبير محق من المطالب التي يطلقها الحراك المدني في هذه الفترة، لكن عدا «إسقاط النظام» و»إسقاط الحكومة ومجلس النواب» فهذه المطالب لا نؤيّدها، نحن مع إعادة تفعيل الإدارات والدستور وضرورة إجراء الإصلاحات على كل الأصعدة، إنما بانتخاب رئيس جمهورية «آدمي» وتأليف حكومة منسجمة مستقلة تضمّ أسماءً كفوءة لا تنتمي إلى أي حزب إن أمكن، كي تستطيع القيام بالإصلاحات اللازمة، وأول ما يجب على الحكومة الجديدة القيام به، دعوة مجلس النواب إلى تعديل قانون الإنتخاب وإجراء انتخابات نيابية ثم تشكيل حكومة جديدة تضمّ أكفياء ليقوموا بالإصلاحات المطلوبة والجذرية.
سندات الـ»يوروبوند»
من جهة أخرى، وعما إذا كان القطاع المصرفي مستعداً للإكتتاب بسندات «يوروبوند» جديدة، قال باسيل: إذا كان الأمر يتعلق باستبدال دين موجود، بالطبع ستشارك المصارف كافة في العملية لأنها مهتمة بلبنان ومصلحته، وبالتالي لا تريد انهياره. لكننا غير مستعدين للإكتتاب بسندات دين إضافي، ولا مجال لذلك إطلاقاً.
الأزمة العالمية
وعما إذا كانت الفروع المصرفية اللبنانية في الخارج تتأثر بالأزمة المالية العالمية الناجمة عن تباطؤ نمو الإقتصاد الصيني، قال: بالطبع، تنخفض نسبة الأعمال في الخارج حيث يقتصر عملنا على تمويل التجارة الخارجية، وذلك بسبب تأثر مشاريع زبائننا ولاسيما في أفريقيا والدول العربية، وتراجع نشاطاتهم في عدد من الدول، لكن فروعنا المصرفية في أوروبا لا تتعاطى نطاق الأسواق المالية باستثناء مصرفين أو ثلاثة في سويسرا.
كذلك لم يغفل الإشارة إلى «تراجع النشاط المصرفي اللبناني بشكل ملحوظ في سوريا والسودان بسسب الأوضاع الأمنية وغيرها.
لا هروب للأموال
وفي السياق عينه نفى الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة هروب أي أموال من لبنان إلى الخارج، وأوضح أن «تداعيات التظاهرات أثرت سلباً على الحركة الإقتصادية والتجارية في منطقة وسط بيروت، وليس على لبنان كافة، إذ أن المطاعم والمقاهي والملاهي في المناطق الأخرى البعيدة من وسط بيروت، شهدت حركة لافتة ومزدهرة وتحسّنت أوضاعها وزادت ربحيتها، كما أن معنويات اللبنانيين ارتفعت كثيراً بعدما كانوا محبطين».
وتوقّع نمواً اقتصادياً بنسبة 1.5% نتيجة الإنفاق العام، ولاسيما في ظل تواجد اللاجئين السوريين، في حين أن أوروبا في حال من الحزن والإنهيار لكونها استقبلت نحو 5% فقط من مجموع اللاجئين في لبنان.