Site icon IMLebanon

جشع بعض السياسيين يحرم لبنان من غازه


عزة الحاج حسن

لا زالت الأبواب التي تفصل لبنان عن ثروته النفطية موصدة، الى حين فتح ملف التنقيب عن النفط والغاز ونفض غبار المحسوبيات والزبائنية عنه، والإفراج عن المراسيم التطبيقة المتعلقة به. فالمراسيم التي علقت منذ سنوات في أدراج مجلس الوزراء، ووُضعت من قبل لجنة قطاع البترول التي تم تأليفها من مهندسين وتقنيين وخبراء، وخُصّصت لها مئات الملايين من الليرات، لم تلق قبول واستحسان العديد من السياسيين.

المراسيم النائمة في أدراج مجلس الوزراء والتي تقف حجر عثرة في ملف النفط يتعلق أحدها بتوزيع المنطقة الإقتصاديّة البحريّة الخاصّة (EEZ – Exclusive Economic Zone) التي تبلغ مساحتها 22 ألف متر، وتقسيمها إلى بلوكات. ويقسّم المرسوم هذه المنطقة إلى 10 بلوكات، ليس بالضرورة أن تكون متساوية ولكنها ليست بعيدة عن بعضها البعض من حيث المساحة الجغرافية.
أما المرسوم الثاني فهو مشروع العقد المتعلق باتفاق الإستكشاف والإنتاج بين لبنان والشركات الدوليّة، وبالإضافة إلى هذين المرسومين هناك القانون الضرائبي الذي لا زالت الصورة غير واضحة حيال إقراره أو عدمه.
وفي حين يعزو عدد من المعنيين في ملف النفط التأخير الحاصل في إقرار المراسيم الى أسباب تقنية بحتة، يذهب البعض الآخر الى ربط تعليق البحث بملف النفط والغاز بأكمله الى أسباب عديدة منها سياسية ترتبط بخدمة دول نفطية في المنطقة، وأخرى مالية تتعلّق بـ”سمسرات” مخالفة للأصول القانونية.

السمسرات التي كانت من بين الأسباب المُعرقلة في ملف النفط، خرجت الى العلن، ليس لبنانياً فحسب بل دولياً كذلك، وقد وضعت شركة “إيني” الإيطالية (العاملة في استكشاف واستخراج النفط)، في تقرير صدر عنها مؤخراً، إصبعها على الجرح، فكان موقفها من ملف النفط في لبنان حاسماً بأن الفساد السياسي يترصّد قطاع التنقيب عن النفط والغاز ويتصدّر الأسباب المُعرقلة له منذ سنوات.

“إيني” التي اكتشفت اكبر حقل غاز في البحر المتوسط والعالم قبالة شواطئ مصر، اكتشفت أيضاً وجود حقول غاز ضخمة في المياه اللبنانية ومشابهة في حجمها للحقل المصري، أي أنها يمكن أن تكون من اكبر مصادر الغاز في الشرق الأوسط والعالم. كما كشفت في تقريرها الأخير عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء عرقلة إقرار مراسيم النفط. وهذه الأسباب وإن كانت معلومة، إلا أنّ جديدها يكمن بالأرقام المالية الضخمة اللتي طلبها أكثر من سياسي لبناني، كرشوة في مقابل تسهيل رسو مناقصة التنقيب على الشركة المذكورة.

وبحسب “إيني” فإن أحد السياسيين وهو معني بالشأن النفطي طلب 100 مليون دولار، وآخر طلب 200 مليون دولار، وهناك من طلب نسبة مئوية لا تقل عن 10 في المئة كعمولة لتسهيل عمل الشركة. وهذه “الفضيحة” التي فجّرتها الشركة الإيطالية، لم تلق أي نفي أو توضيح من وزارة الطاقة والمياه، الغائبة عن السمع. أما لجنة إدارة قطاع البترول ففضل المعنيون فيها عدم التعليق على ما أعلنته “إيني”. غير أن مصادر “المدن” في وزارة الطاقة كشفت ما هو أخطر من ذلك وهو وقوع خلافات بين مسؤولين لبنانيين حول تقسيم البلوكات البحرية بما يتلاءم مع “سياسة المحاصصة” الشائعة في معظم القطاعات الإنتاجية، فكيف بقطاع من المرتقب أن ينتج نحو 40 مليار دولار سنوياً؟
عشرات مليارات الدولارات القابعة في البحر، لم يتمكن أحد من تحريرها من جشع السياسيين، الذين يفضلون استنزافها من قبل الدول المجاورة وإن كانت اسرائيل من بينها، على أن ترى النور من دون أن يكون لهم حصة فيها.