كتبت ألين فرح في صحيفة “النهار”:
يحبّ العونيون الميدان ويعشقون التظاهرات والتحركات المطلبية، ولكن بعد تظاهرتين وصفتا بالأقل حشداً بالنسبة الى تيار عرفت عنه قدرته على استقطاب المحازبين والمناصرين والمواطنين ومحاكاة معاناتهم، يستعد “التيار الوطني الحر” للتظاهرة التي يعدّ لها منذ أسبوع بعنوان “وحدا الانتخابات بتنضّف”، الخامسة والنصف بعد ظهر اليوم في ساحة الشهداء.
يقول العونيون ان هذه التظاهرة تختلف عن سابقتيها، بالترويج لها عبر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والتحضير، فمركز “التيار” في ميرنا الشالوحي خلية عمل، والماكينات العونية في الأقضية والمناطق والقطاعات كلها على أهبة الاستعداد وتضع اللمسات الأخيرة على التحرك، حتى ان المعارضين على اثر الانتخابات الداخلية لهم دورهم أيضاً في التظاهرة، والنواب ومسؤولي “التيار” الذين يتفاعلون ويتواصلون مع المواطنين في البلدات والقرى لهذه الغاية.
ولن تقتصر المشاركة على وجوه سياسية، بل سيشارك أيضاً فنانون مثل سمير صفير ونقولا الاسطا ومعين شريف وزين العمر الى وجوه ثقافية، والمتوقع أن يدوم التحرّك ساعتين، وتُلقى كلمة سياسية رئيسية، علماً ان “التيار” لم يطلب مشاركة أحزاب أخرى حليفة أو صديقة.
ماذا لو لم يحشد “التيار”؟ لا يتوقف العونيون عند هذا السؤال، فالدعوة وجّهت الى المحازبين وجميع المواطنين الذين يعانون وجعاً وظلماً وقهراً من الدولة ويودّون التعبير عن آرائهم. ويجزم أحد الناشطين انهم ليسوا في سباق مع أحد: “معروف عنا أننا من أكثر الأحزاب التي تستطيع الحشد وغير صحيح ان هذه القدرة تراجعت، لكن تحركاتنا نوعية دائماً وهادفة، بالضرورة أن تكون كلها حاشدة. نحن تيار شعبي ولا يمكن احصاء المواطنين أو المشاركين. نتهيأ ونحضّر، ومفاجأة اللحظة الأخيرة ستكون المواطنين أنفسهم عبر اندفاعهم وحماستهم للمطالبة بحقوقهم”. ويصرّ آخر على أن “التيار” منذ تأسيسه “حمل لواء هموم الناس والاصلاح ومكافحة الفساد، وبعد كل المطالبات رأي ان التخلص من الفساد لا يتحقق الا بانتخابات نيابية تنتج نخبة جديدة من القيادات، وخصوصاً ان مجلس النواب لا يمثل رأي الشعب اللبناني، وهو غير مخوّل انتخاب رئيس للجمهورية لأنه مدّد لنفسه مرتين خلافاً لرأي الشعب الذي يستمد سلطته منه”. ويرفض الناشط “الربط والمقارنة بين الحشد وبين تظاهرات المجتمع المدني التي تلوّنت بمواطنين محازبين تجمعهم المعاناة من السلطة”.
ثمة انتقاد صريح وواضح لـ”التيار” وعماده عن سبيل المزاوجة بين التظاهر للتعبير عن مطالب ضد حكومة هو شريك بها، وأيضاً مشاركته في طاولة الحوار التي دعا اليها الرئيس نبيه بري وأبرز عناوينها الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخاب، أحد أبرز شعارات تظاهرة اليوم.
يرفض مصدر في “التيار” الربط بين هذه الحالات: “المعارضة تكون دائماً في الشارع ومجلس النواب والحكومة معاً. “والحكومة ائتلافية جامعة من كل القوى السياسية والخيارات والبرامج أي ليست متجانسة من لون واحد. رأينا نعبّر عنه منذ زمن لكنه لا يؤخذ في الاعتبار على مستوى الشراكة أو حتى مطالب المواطنين أو تكوين السلطة واقرار قانون انتخاب جديد وتحرير أموال البلديات… كل هذه المسائل أوصلتنا الى قرار التعبير عن آرائنا بديموقراطية وسلمية، والتظاهر حق من حقوق المواطنين”.
ولكن لماذا لا يستقيلون من الحكومة ومجلس النواب؟ يجزم أحد المسؤولين أن الفكرة تراودهم دائماً، “لكن الفراغ الرئاسي والتمديد مرتين ووضع المنطقة وانعكاسه على لبنان أمور تجعلنا نتريث في اتخاذ خطوة كهذه حفاظاً على البلد واستقراره”.
يؤمن العونيون بأن لا ربط بين الشارع والحوار، فالتظاهرة حدد موعدها قبل الحوار، وتلبية الدعوة كانت لقطع الطريق على اتهام عون وتياره بالسلبية، وثانياً لأن وجودهم الى طاولة الحوار سيكون منسجماً مع اقتناعاتهم ورفضهم أي تسوية على حساب المطالب، لا سيما قانون الانتخاب وفق النسبية ثم الانتخابات. “وإذا ترجمت طاولة الحوار صرخة الشارع بكل تلاوينه فسنكون مسرورين بذلك”، وفق أحد النواب العونيين.
أهداف “التيار” ومطالبه التي يربط شعاراته بها وتحاكي وجع الناس أهم من العدد، يختم أحد العونيين، ويقول: بدل أن تهتمّ السلطة بأعداد المشاركين فلتسأل نفسها ماذا فعلت لمواطنيها، ماذا عن قانون انتخاب جديد، وعن الشراكة؟”.