ينقلون عن الملك فاروق استشرافه مستقبل النظام الملكي في العالم بعبارة شهيرة قالها قبل أيام من نفيه في 1952 إلى إيطاليا، وفيها توقع سقوط الأنظمة الملكية، بحيث لن يبقى على الأرض إلا 5 ملوك فقط: “أربعة بالكوتشينة وملكة بريطانيا” أو إليزابيث الثانية التي يطل الأربعاء تاريخيا عليها ونادرا أيضا على التاج البريطاني، ففيه ستصبح أكثر من طال جلوسه على العرش بين كل الملوك البريطانيين، وهي التي لولا قصة حب عاشها أحد أعمامها لما أصبحت ملكة أصلا.
أخطأ الملك المصري الراحل بما توقعه عن النظام الملكي بالعالم، لكنه كان محقا بشأن اليزابيث الثانية، لأنها ستفوق في 9 ايلول الجاري على جدتها الكبرى الملكة فيكتوريا، المعتبرة للآن الأطول جلوسا على عرش بريطانيا بين كل من سبقوها إليه، أي 63 سنة و217 يوما و16 ساعة و23 دقيقة، طبقا لما قرأت “العربية” في سيرتها المتاحة “أونلاين” لمن يرغب بالمزيد. وسيبدأ تفوقها الزمني عليها حين تعلن ساعة “بيغ بن” الخامسة و30 دقيقة بعد ظهر الأربعاء بالتوقيت المحلي، ومعه ستضيف “غريبة” جديدة في أرشيفها الكبير والغني أصلا بغرائب كثيرة.
لا تحمل جواز سفر وتقود السيارات بلا رخصة
مما لا يعرفه معظم البريطانيين عن اليزابيث الثانية، وربما أكثر من 95% ممن ليسوا منهم، مع أنه متاح انترنتيا بمواقع رسمية، أو بالبحث عن Surprising Facts About Queen Elizabeth في مواقع التصفح، هو أنها الوحيدة في “المملكة المتحدة” المكونة من إنكلترا وأسكوتلندا وإيرلندا الشمالية وويلز، التي يحق لها بالقانون قيادة السيارة من دون حيازة رخصة قيادة، ولا هي ملزمة أيضا بوضع لوحة أرقام لسيارتها، فيما طوابع البريد تحمل صورتها من دون اسم بريطانيا، لأن رسمها يرمز للدولة.
الملكة هي الوحيدة أيضا بين زعماء العالم التي لا تحمل جواز سفر، وجميع المطارات والمرافئ والمعابر البرية تفتح لها أبوابها من دون أن تطلب منها أي وثيقة سفر أو شخصية، وهذا متعارف عليه بين الدول عن المرأة التي تقيم في قصور عدة، أشهرها “باكنغهام” المحتوي على 700 غرفة وفيه 800 موظف، وفيه وحده بين القصور آلة للسحب، كالتي تضعها البنوك بالشوارع. وهي الوحيدة في بريطانيا المسموح لها اعتماد تاريخين للميلاد: الحقيقي في 21 نيسان، والثاني أي سبت بشهر حزيران، وهو الرسمي.
لا ضريبة تدفعها ولا قانون يحاسبها
ومسموح للملكة التي اقترنت بالأمير فيليب في 1947 بلندن، وأنجبت 4 أبناء، لها منهم 8 أحفاد، وبدورهم لهم 5 أبناء، أشهرهم أبنا حفيدها الأمير وليام، وهما جورج وشارلوت، عدم دفع أي ضريبة بموجب القانون، إلا أنها تنازلت طوعيا في 1992 عن هذا الحق، وبدأت تدفع ضرائبها كأي مواطن.
كما أنها الوحيدة المحصنة ضد القانون نفسه، أي لا أحد يمكنه مقاضاتها بأي اتهام، وليست ملزمة بتقديم أي دليل أو شهادة في أي جلسة بأي محكمة، مستثناة من حق يتيحه “قانون حرية الحصول على المعلومات” للآخرين، أي لا يمكن طلب معلومات عنها من أي نوع. وقد لا يصدق أحد، أنها تملك الحق بتغيير أي حكومة بأستراليا، لأنها فيها “رأس الدولة” للآن.
كل هذا، وغيره الكثير، يحق لمن ولدت باسم إليزابيث أليكسندرا ماري ويندسور في 21 نيسان 1926 بلندن، ثم تغيرت حياتها كليا بتسلمها برقية أخبرتها وهي تصطاد الطيور أثناء رحلة استجمام مع زوجها في كينيا، أن والدها الملك جورج السادس خسر في 6 شباط 1952 صراعه مع سرطان الرئة، وبوفاته صار اسمها إليزابث الثانية، وملكة ذلك اليوم على امبراطورية لم تكن تغيب عنها الشمس ولا الفصول، واستمرت ملكة عليها 63 عاما و217 يوما و16 ساعة وأكثر بثانية واحدة من 23 دقيقة تتفوق بها على جدتها الكبرى فيكتوريا، فيما لو امتد بها العمر الى عصر هذا الأربعاء.
والذي وضع التاج الملكي على رأس الأميرة، هي قصة حب عاشها أحد أعمامها في ثلاثينات القرن الماضي، لأنها كانت ثالث من يحق لهم وراثة العرش، حتى والدها نفسه لم يكن يتوقع أن يصبح ملكا، فعند وفاة جدها جورج الخامس في 1936 بلندن، خلفه ابنه الأكبر إدوارد الثامن، الذي تنازل وضحى بالعرش بعد 10 أشهر ليتزوج الأميركية واليس سمبسون، لأنها كانت مطلقة مرتين، فخلفه شقيقه الأمير جورج، وبمجيئه أصبحت ابنته إليزابيث أول وريث لأحد أقدم العروش، أهمها واحد خاص بها، فيه معلومات وإحصاءات مثيرة للفضول ويجهلها معظم البريطانيين.
من الإحصاءات السريعة عن الملكة الملمة جدا بالفرنسية، أنها عاصرت 12 رئيسا أميركيا منذ اعتلائها للعرش، وقامت261 مرة بزيارات رسمية شملت 116 دولة، ونشطت كراعية ورئيسة لأكثر من 600 جمعية خيرية بأعمال إنسانية كثيرة، وهنأت بالبرقيات 175 ألفا لمناسبة بلوغ عمر الواحد منهم 100 عام، وهنأت 540 ألفا لمناسبة يوبيل زواجهم الماسي، وهو 60 سنة، وأصبحت في 1976 أول من يقوم بإرسال ايميل بين زعماء العالم، وتسلمت أكثر من 3 ملايين و500 ألف رسالة، محفوظة كلها لديها.
وقد يمتد عمرها البالغ 89 سنة الآن، بحيث تتخطى الأطول جلوسا على العرش بين ملوك الأرض الأحياء حاليا، وهو بوميبول أدولياديج، المستمر تاج تايلاند متلألئا على رأسه منذ 69 سنة، مع أنه أصغر منها بعام، لكنه معتل الصحة.