IMLebanon

“الوطني الحر” يناقض نفسه في ساحة الشهداء!

tayyar

 

ذكرت صحيفة “السفير”ان التيار “الوطني الحر” عاد لاستخدام لغة الشارع في معركة “الوجود واستعادة الحق المسيحي”. ساحة الشهداء ارتدت حلة برتقالية حاكت خيوطها رايات “الحر” التي رفرفرت إلى جانب العلم اللبناني الذي بدا وجوده خجولا.

في الشكل بدا العونيون متمايزين. أعلام برتقالية رفرفت في الساحة، إلى جانب أعلام الجيش اللبناني، وأعلام خجولة لـ”حزب الله” و”حركة أمل”، اللذين شاركا في التظاهرة بأعداد قليلة. أما في المضمون، فبدا التيار كمن يناقض نفسه. يشن أعضاؤه حملة على الحملات المطلبية التي أسسها المجتمع المدني بحجة سلب الشعارات، ثم يعود ويتبنى شعار إحداها: “كلن يعني كلن”، الذي ورد على لسان أكثر من متكلم في التظاهرة، من بينهم رئيس التيار “الوطني الحر” جبران باسيل. ويجدد التيار تقديم نفسه على أنه حزب علماني منفتح يحترم الحريات والمعتقد، في حين يشن مناصروه حملة شعواء على ناشط بسبب انتقاداته اللاذعة للديانة المسيحية على صفحته الخاصة على موقع “فايسبوك”.

رفض التيار تعميم الفساد والإفساد المعتمد من قبل منظمي الحملات المطلبية، لكنه سمح لنفسه تعميم الفساد عليهم واتهامهم بالحصول على تمويل من دول وسفارات. بالتزامن، أعطى “التيار” الأولوية للمطلب والموقف السياسيين في تظاهرته، على حساب المطالب الشعبية. إذ ركز العونيون على انتخاب رئيس للجمهورية قوي من الشعب مباشرة، وإقرار قانون الانتخابات النسبي على أساس الدائرة الواحدة، ووقف محاولات الإقصاء التي تلجأ إليها بعض الأطراف السياسية، بغية كسر العماد ميشال عون وعزله، مقابل المطالبة بالشراكة الحقيقية.

وأضافت “السفير”: “الأكيد أن ميشال عون سيدخل الى جلسة الحوار في التاسع من أيلول وهو يخاطب الحلفاء والخصوم على حد سواء: من منكم راهن على تسوية خارجية قريبة ستمر بالضرورة على جثة ميشال عون عليه أن يعيد حساباته، ومن منكم اعتقد أن التظاهرات الاحتجاجية على انعقاد مجلس الوزراء هي المعيار، عليه أن يضع في الحسبان أن تظاهرة الرابع من أيلول هي دفعة أولى، ويمكن أن تليها دفعات أخرى.. وصولا الى قصر بعبدا نفسه.

بهذا المعنى، يريد «المسيحي الأول» إحراج الحوار باستعراض قوته في الشارع اذا كانت الشعبية هي المعيار، أما اذا أراد المتحاورون مناقشة جدول الأعمال، فإن عون «جاهز لكل الاحتمالات. البعض منكم ينادي بالرئاسة أولا، فليكن ذلك، لكن بالانتخاب المباشر.. وإلا فلنذهب نحو قانون انتخابي جديد (ركيزته النسبية) وأنا أتعهد أمام جميع أعضاء طاولة الحوار بتوفير النصاب في أول جلسة نيابية للمجلس الجديد بمعزل عن أحجام الكتل النيابية».

بالتأكيد يملك عون «أجندة» سياسية للحوار، وهو لن يكون محرجاً بقبول تشريع الضرورة اذا وُضع القانون الانتخابي واستعادة الجنسية على جدول أعمال مجلس النواب، وسيقبل بإعادة تفعيل عمل مجلس الوزراء اذا أعيد الاعتبار للمبادرة المتعلقة بتعديل قانون الدفاع الوطني لتشريع التمديد لقائد الجيش ولضباط آخرين بينهم العميد شامل روكز.

هذا البعد السياسي، لا يحجب بعداً تنظيمياً داخلياً، فإذا كان العماد عون قد نجح في حياكة ومن ثم إلباس ثوب رئاسة «التيار» الى الوزير جبران باسيل، وسط مناخ اعتراضي تم تبديده بأشكال مختلفة، فإن المشروعية الشعبية التي يمثلها «الجنرال» في الشارعين الحزبي والمسيحي، تم تجييرها، أمس، على الهواء مباشرة، لباسيل الذي بات مطالبا، قبل العشرين من أيلول، باستثمار هذا الرصيد الكبير داخل المؤسسة البرتقالية نفسها، عبر إعطاء إشارات وسلوكيات تشي بقدرته على استيعاب الجميع وأخذهم نحو المؤسسة التي يطمح «الجنرال» لاستمرارها.. وإلا فإن أي سلوك أو ممارسة من نوع آخر، ستؤدي الى تبديد هذا الرصيد بسرعة قياسية، كما فعل كثيرون من قبله، في مؤسسات حزبية لبنانية كثيرة!

صحيفة “الأخبار” قالت إن “التيار الوطني الحر” نجح في اختبار الشارع أمس. بخلاف التوقعات، طوى العونيون الأزمات التي ولدتها انتخاباتهم الداخلية التي انتهت بتزكية الوزير جبران باسيل رئيساً، فاكتمل نصابهم السياسي في ساحة الشهداء، وتمكنوا من الحشد، رغم أن الفارق الزمني بين الدعوة إلى التظاهر وموعده لم يكن كبيراً. وبعكس ترويج خصومهم، حضر أبناء التيار بكثافة في الساحة، في تجربة هي الاولى منذ أكثر من 8 سنوات.

وغير بعيد عن الصورة التي حصلوا عليها أمس، كان المضمون لافتاً أيضاً. خطاب رئيس التيار جبران باسيل خرج من الإطار الطائفي إلى الإطار الوطني، راسماً خارطة طريق سياسية واضحة، تعني جميع اللبنانيين لا العونيين وحدهم، ولا المسيحيين حصراً: العودة إلى صناديق الاقتراع، من خلال الانتخابات، الرئاسية مباشرة من الشعب، والنيابية وفق قانون قائم على النظام النسبي. مطلب العونيين في ساحة الشهداء يمكن تلخيصه بكلمتين: الانتخابات الآن.