Site icon IMLebanon

دولارات المعارضة والدعم الإيراني تدافع عن الليرة السورية

Syrian-Pound-Lira
وسعت الحرب الدائرة في سوريا، من نطاق تداول الدولار، في محاولة من الأشخاص والتنظيمات المسلحة لمقاومة التضخم وتدهور قيمة الليرة، لكنها وفرت تدفقا متواصلا للعملات الأجنبية إلى خزائن النظام السوري.
ويتوقع تجار ومصرفيون أن يبقى سعر الصرف عند مستويات 300 إلى 320 ليرة للدولار، ويرجعون ذلك إلى روافد الدعم الفاعلة للعملة السورية.

وقال الاقتصادي السوري محيي الدين قصار إن الروافد داخلية في معظمها. وأوضح أن تحويلات السوريين المغتربين المقدرة بمليار دولار سنويا، تسلمها شركات التحويل لذويهم بالليرة السورية، بناء على توجيهات الحكومة. وينطبق ذلك على رواتب مقاتلي بعض فصائل المعارضة المسلحة، وهي تمثل روافدا حقيقية تمنع انهيار الليرة.

وأضاف أن توقف إنتاج معظم القطاع الصناعي يعني توقف الاستثمار، ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على الدولار، وهو ما يمنع وصول سعر الليرة إلى ألف أو ألفي ليرة للدولار. ووصف تقلبات سعر الصرف جراء تقدم المعارضة أو تراجعها بأنها تقلبات سطحية.

وأوضح قصار أن إيران تساهم في بناء جدران الصد “فالكثير من المرافق اليوم، بيد الإيرانيين، بمعنى أن طهران تتحكم في المالية الحقيقية لسوريا، والسوريون مجرد منفذين”.

وتعد إيران من أبرز حلفاء النظام السوري، وهي تواصل إمداده بالأموال، حيث فتحت خطوط ائتمان بنحو 6.4 مليار دولار منذ عام 2013.

ويرى الباحث الاقتصادي جهاد يازجي “أن خطوط الائتمان الإيرانية، تمثل أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة المتبقية للحكومة السورية”.

يقول أحد الصرافين في الشمال السوري المحرر، إن النظام السوري بدأ يعاني من شح السيولة الدولارية “منذ منتصف 2013 حيث ارتفعت حدة الطلب على الدولار، مقابل الخوف من حيازة الليرة.

وأضاف أن النظام استنفد بعد ذلك احتياطياته من العملة الصعبة البالغة 17 مليار دولار، وترافق ذلك مع انقطاع موارده من صادرات النفط والقطن والقمح ومن إيرادات السياحة.

وأكد أن “السوريين في المناطق التي يسيطر عليها النظام، يسعون لحيازة الدولار كملاذ آمن من تقلبات سعر صرف الليرة، أما في المناطق المحررة، فيعتبر الدولار عملة تداول، ولا يمكن إيجاد فوراق جوهرية في سعر الصرف بين مناطق النظام والخارجة عنه… هامش الفرق لا يتعدى ليرتين أو ثلاث”.

وتدحرج سعر صرف من 47 ليرة للدولار قبل الحرب إلى 55 ليرة في نهاية عام 2011، وتدهورت في تقلبات شديدة في الأعوام التالية لتصل لنحو 315 ليرة للدولار حاليا. وانعكس ذلك على مجمل النشاط الاقتصادي وازدادت ظاهرة المضاربة بالقطع الأجنبي، بغرض الادخار للتحوط من المستقبل.

وتشير مذكرة لغرفة تجارة دمشق، إلى أن تراجع ادخار الأفراد في القنوات الرسمية، وخروج كميات من القطع الأجنبي خارج التداول الرسمي، بدافع تعويض خسائر الليرة، لتتسع الفجوة بين الكتلتين النقدية والسلعية، نتيجة ارتفاع الأسعار وتزايد العرض النقدي وتراجع احتياطات البنك المركزي من العملات الصعبة.

وأدى ذلك إلى انكماش هائل في النشاط الاقتصادي، نتيجة تراجع أو توقف العديد من الصناعات الأساسية والمكملة، انعكس في تراجع كبير في الناتج المحلي الإجمالي، وفي معدلات النمو الاقتصادي.

ولعبت الدولارات المتدفقة إلى المناطق السورية المحررة، على شكل رواتب لمقاتلي المعارضة، دورا في منع الليرة من الانهيار، فمعظم الكتل النقدية الوافدة يتم استبدالها بالليرة السورية، وهو ما دفع نقابة الاقتصاديين الأحرار لإطلاق دعوة لاستبدال الليرة السورية بالعملة التركية في مناطق الشمال السوري المحرر، في محاولة لتقليص التعامل بالليرة السورية.

وأكد خطّاب، أحد مقاتلي جبهة النصرة لـ”العرب” أن الرواتب المتواضعة لمعظم مقاتلي الفصائل، والتي تتراوح بين 75 و150 دولارا، يتم تحويلها إلى الليرة السورية، للإنفاق على أُسرهم.

وأضاف أن ذلك “يؤدي إلى وصول تلك الدولارات إلى بنوك النظام، الذي لا يجيد سوى طباعة عملة بلا رصيد”. وأشار إلى أن تنظيم داعش يحمي الليرة السورية، عن طريق اعتمادها عملة للتداول في مناطق سيطرته، وكذلك بيعه للنفط في الأراضي التي يستولي عليها بالليرة السورية، فيما يبيعه في العراق بالدولار.

ويرى محمد البكور عضو نقابة الاقتصاديين السوريين الأحرار، حجم السيولة الدولارية الموجودة في المناطق المحررة بنحو 150 مليون دولار في الشمال السوري، وأن الكثير منها يذهب للنظام عن طريق عمليات تصريف الدولار بالليرة لأسباب ودوافع مختلفة.

ويقدر بعض المراقبين تدفقات النقد الأجنبي إلى مناطق الشمال السوري المحرر بنحو 20 مليون دولار سنويا، على شكل رواتب لمقاتلي المعارضة وشراء المستلزمات العسكرية.

وينحصر دور مصرف سوريا المركزي، في جلسات التدخل التي يطرح فيها شرائح من القطع الأجنبي، آخرها بيعه الأسبوع الماضي 25 مليون دولار لأربع شركات صرافة، بسعر 299 ليرة للدولار.

وتشير بياناته إلى ارتفاع الطلب على حركة القطع الأجنبي من قبل المصارف المحلية في مقابل انخفاض حاد في المعروض.

وفي محاولة لردم الفجوة أعلنت وزارة الاقتصاد الشهر الماضي عن “إعادة ضبط وتنظيم عمليات الاستيراد وتمويلها للمواد والسلع حسب أولويتها وضرورتها للاقتصاد الوطني”.