تواجه البنوك في الإمارات العربية المتحدة صعوبات في التخلص من إدمان إقراض الحكومة مما يثير المخاوف من احتمال تأثر القطاع المالي في البلاد إذا تباطأ الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة.
وخلال الأزمة المالية العالمية في العامين 2009 و2010، عانت البنوك الإماراتية بسبب روابطها مع الشركات المثقلة بالديون والمملوكة كلياً أو جزئياً لحكومات الإمارات السبع المكونة للدولة وبصفة خاصة دبي.
ولمنع تكرار ذلك، طلب مصرف الإمارات المركزي في 2014 من جميع البنوك أن تضع حداً أقصى لانكشافها على الحكومات المحلية والكيانات شبه الحكومية عند 100 بالمئة من رأسمالها، ومنح البنوك مهلة خمس سنوات لتوفيق أوضاعها.
وقال مصرفي إماراتي كبير إن البنك المركزي اجتمع مع البنوك في بداية هذا الصيف لتذكيرها بأهمية البدء في تحقيق هذا الهدف بدلاً من الانتظار حتى اللحظة الأخيرة.
ولكن البيانات الأخيرة تظهر تنامي العلاقات بين البنوك والحكومة وبما يشير إلى أن أكبر البنوك في البلاد ربما تتخلف عن الموعد النهائي المحدد.
ويقدر المحللون في بنك أوف أمريكا ميريل لينش أن انكشاف البنوك على القطاع العام بلغ 128 بالمئة من رؤوس أموالها في مايو/أيار ارتفاعاً من 104 بالمئة في 2013 ليسجل أعلى مستوى منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي.
وقال جان ميشيل صليبة الخبير الاقتصادي لدى بنك أوف أمريكا ميريل لينش “سيكون من الصعب على بنوك مثل بنك أبوظبي الوطني وبنك الإمارات دبي الوطني أن تلتزم بتلك القواعد”.
وقال بنك أبوظبي الوطني في بيان خلا من التفاصيل إنه “ممتثل تماماً لسقف الانكشاف على الكيانات شبه الحكومية الذي حدده البنك المركزي”. ولم يتسن الحصول على تعليق من المسؤولين في بنك الإمارات دبي الوطني أوالبنك المركزي.
وكان صندوق النقد الدولي قال في تقرير الشهر الماضي إن الالتزام بالقواعد يشكل “تحدياً” للبنوك. ويتوقع المصرفي الإماراتي أن نحو خمسة بنوك لن تستطيع توفيق أوضاعها بحلول 2019.
المخاطر
يحوز صندوق الثروة السيادية لأبوظبي أصولاً تقدر بنحو 800 مليار دولار، ولذا تملك أكبر إمارة في الدولة الأموال الوفيرة التي تمكنها من التدخل إذا تطلب الأمر لمنع حدوث أي انهيار مالي كما فعلت خلال أزمة ديون دبي في 2009.
ولكن عدم تفعيل قواعد الانكشاف على الكيانات الحكومية قد يراه المستثمرون الأجانب كمؤشر على المخاطر في الإمارات وكفشل مثير للقلق للبنك المركزي في فرض إرادته التنظيمية في مواجهة عقبات سياسية. ولم يذكر البنك المركزي شيئا بشأن كيفية معاقبة البنوك التي قد تتخلف عن الموعد النهائي.
وتملك الحكومات المحلية حصصاً كبيرة في معظم البنوك الإماراتية الرئيسية وهو ما يجعل من الصعب على البنك المركزي ممارسة سلطاته وبصفة خاصة إذا كانت البنوك مهمة فيما يتعلق بالخطط الاقتصادية للحكومات.
وزاد بنك الإمارات دبي الوطني المملوك بنسبة 56 بالمئة لمؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية إقراضه لحكومة دبي نحو ملياري دولار منذ نهاية العام الماضي حسبما أظهرته بياناته المالية. ويشكل انكشاف البنك على الحكومة ما يزيد على 40 بالمئة من إجمالي قروضه.
ومن المرجح أن يزداد تعطش حكومة دبي للديون في السنوات القليلة القادمة حيث تستعد الإمارة لاستضافة معرض إكسبو 2020 العالمي. وبحلول ذلك الحين قد ترتفع ديون دبي إلى 168.5 مليار دولار من 142 مليار دولار في 2012 بحسب تقديرات مؤسسة التمويل الدولية.
ومن المتوقع أن يؤدي هبوط أسعار النفط إلى تباطؤ النمو، وربما يسهم رفع أسعار الفائدة الأمريكية المرتقب في تعقيد خدمة ديون دبي.
وقال “صليبة” إن بنوك الإمارات استعدت لمواجهة ظروف أكثر صعوبة وأضاف “البنوك في وضع أفضل للتعامل مع نقص السيولة الأجنبية عما كان عليه الحال في 2008 حين كانت التزاماتها بالنقد الأجنبي أكبر من أصولها به بينما تكافئ أصولها الآن الالتزامات”.
ولكن خفض الانكشاف على الدين السيادي لا يبدو جزءاً رئيسياً من استعدادات بنوك كثيرة.
ومن بين الخيارات المتاحة أمام البنوك للالتزام بتلك القواعد، بيع جزء من محفظة ديونها إلى بنوك أخرى وتستطيع الحكومات أيضاً تقليص اعتمادها على الاقتراض من البنوك من خلال تطوير سوق سندات محلية. وقال المصدر المصرفي إنه لم يتحقق تقدم يذكر في أي من الاتجاهين.