IMLebanon

«الزكام» الصيني يُبقي عملات الأسواق الناشئة تحت السيطرة

Emerging-Country-Currency
روجر بليتز

إذا كانت هناك أجواء من القلق في أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا حول تأثير إصابة الصين بالزكام، فهناك شعور لدى مستثمري الأسواق الناشئة بأنهم شهدوا هذا الأمر من قبل.

رد الفعل المذعور على ما حدث للأسهم الصينية يوم “الإثنين الأسود” يُشير إلى أن كثيرا من العالم المُتقدّم انتبه لتوه فقط للخطر الذي يشكله تباطؤ الاقتصاد الصيني على جميع أنحاء العالم.

لكن هذا الأمر ليس بجديد بالنسبة إلى بلدان الأسواق الناشئة. يقول بول ماكنامارا، وهو مدير محفظة استثمارية في الأسواق الناشئة في شركة جام هولدينج “المفاجأة الكبرى (بشأن ذُعر السوق الأخير) لم تكُن أن الصين تباطأت، ولكن أن الأمر جاء على هذا النحو المُفاجئ”.

تباطؤ الصين كان يُثير قلق بلدان الأسواق الناشئة طوال عام 2015. وكان هذا عام انخفاض أسعار السلع الأساسية التي تراجعت جزئياً بسبب الأدلّة البطيئة التي تفيد بأن القوة الاستثمارية في الصين – التي تُغذّي النمو في بلدان السلع الأساسية – تحت السيطرة.

ويقول ماكنامارا “إن يوم “الاثنين الأسود” كان “بمثابة جرعة مُكثّفة جداً لما كنّا نشهده طوال العام”.

لنأخذ كولومبيا، إحدى البلدان الكبيرة المُنتجة للنفط. انخفض البيزو بنسبة 24 في المائة منذ بداية العام حتى يوم “الإثنين الأسود”، عندما تراجع بنسبة 4 في المائة أخرى.

هذا العام، بلدان الأسواق الناشئة اجتاحها تباطؤ الصين والتركيز المستمر على الموعد الذي ستبدأ فيه الولايات المتحدة رفع أسعار الفائدة، وبالتالي تعزيز قوة الدولار وإضعاف عملات الأسواق الناشئة. والنتيجة هي انخفاض بمقدار الخُمس خلال عام في مؤشر جيه بي مورجان لعملات الأسواق الناشئة.

إلى أي مدى يُمكن أن تنخفض أكثر؟ إذا كانت التقييمات العادلة مقياس المستثمر الوحيد، فإن الجواب بالنسبة لكثير من عملات الأسواق الناشئة سيكون: ليس أكثر من ذلك.

يقول أركو سين، مختص استراتيجية أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في “بانك أوف أمريكا” ميريل لينش “عملات الأسواق الناشئة الآن تنتقل من كونها ذات قيمة مُبالغ فيها إلى كونها قريبة من القيمة العادلة، أو تنخفض إلى منطقة مقوّمة بأقل من قيمتها”.

ويقول دانيال تينيجاوزر، رئيس استراتيجية الفوريكس للأسواق الناشئة في شركة آر بي سي كابيتال ماركيتس، “إن خمسة أعوام من الأموال السهلة – برامج التسهيل الكمي في الولايات المتحدة، واليابان، والآن في منطقة اليورو – عملت على تشويه تخصيص الموارد في الأسواق الناشئة”.

ويضيف “ارتفاع قيمة الدولار جزء من تعديل التقييم الذي يُعتبر ضروريا في الأسواق الناشئة”. ويتابع “تم تقييم ماليزيا بقيمة أعلى من قيمتها قبل عام. وقد أجرت تعديلا كبيرا جداً وهي الآن قريبة من القيمة العادلة. قيمة المكسيك كانت أعلى بنحو 5 – 10 في المائة. والآن هي أقل من ذلك. الغالبية العُظمى (من عملات الأسواق الناشئة) إما قريبة من القيمة العادلة وإما مقوّمة بأقل من قيمتها”.

لكن التقييم العادل ليس المقياس الحقيقي، بحسب سين، الذي يضيف “ليس هناك ما يكفي من القناعة للاستثمار (في عملات الأسواق الناشئة)، حتى لو كانت مقوّمة بأقل من قيمتها. التقييمات مُثيرة للاهتمام كثيراً، لكن بسبب الميل الضعيف نحو المخاطر العالمية، فإن المستثمرين لا يُريدون المجازفة”.

بدلاً من ذلك، يفعلون العكس. ستيورات أوكلي، رئيس قسم عملات الأسواق الناشئة في نومورا، يقول “إن رأس المال كان ينخفض أو يهرب من الأسواق الناشئة ويعود إلى وطنه خوفاً من تباطؤ وتخفيض الرفع المالي في اقتصادات الأسواق الناشئة والتحوّلات في السياسة”.

السؤال الرئيسي، كما يقول، هو قدرة بلدان الأسواق الناشئة على التعامل مع تدفّقات المحافظ الاستثمارية التي تخرج من الأسواق الناشئة.

في الصين، وتايوان، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، والهند، قوة العوامل الأخرى، بما في ذلك مراكز صافي الاستثمارات الدولية، وأرصدة الحسابات الجارية، ونمو الناتج المحلي الإجمالي، تدحض فكرة أن هذه البلدان في قبضة ضعف مُستمر طويل الأجل.

ويقول أوكلي “السبب في كون كثير من اقتصادات الأسواق الناشئة تتباطأ هو أن عديدا منها تصدر السلع الأساسية. فليس بإمكانك معاملتها جميعها بالطريقة نفسها. البرازيل والمكسيك وإندونيسا تعاني، لكن صحة اقتصادات مثل الصين وكوريا وتايوان رائعة مقارنة بغيرها من بلدان الأسواق الناشئة”.

ومن وجهة نظره “نحن نقترب كثيراً من القاع بالنسبة لعملات الأسواق الناشئة”.

لكن ماكنامارا أكثر حذراً ويرى أن هناك تحوّلا في بعض العملات، خاصة بين البلدان التي تستورد السلع الأساسية، مثل الهند وبولندا والمكسيك. لكن المشكلة الكبيرة هي تلك الكلمة مرة أخرى؛ النمو.

“لقد حصلنا على طفرة وجيزة في الائتمان بعد الأزمة المالية، عندما خفضت معظم الأسواق الناشئة أسعار الفائدة في الوقت نفسه الذي خفضت فيه الأسواق المُتقدّمة أسعار الفائدة. لكن مع انتهاء طفرة الائتمان، فإن طفرة التصدير لا تمنح القوة الكبيرة نفسها لدفع الأسواق الناشئة فعلاً”. ويُضيف ماكنامارا أن “من الصعب رؤية عملات الأسواق الناشئة تنخفض أكثر من ذلك. لكن بدون مُحرّك النمو، فلن نرى أي ارتفاع كبير في الأسواق الناشئة”.