رائد الخطيب
لا تعكس الأجواء السياسية الداخلية الضاغطة أي ملامح انفرج في القطاعات الاقتصادية، خصوصاً في ظل توالد الأزمات من بعضها البعض، وعدم القدرة الى الآن على استشفاف المرحلة المقبلة، وهو ما يثير قلق أصحاب القطاعات الاقتصادية لا سيما قطاع العقارات الذي يشهد انحساراً مستمرا.
«المرحلة ضبابية جدا» يرى بعض الخبراء في الشأن العقاري الذي، رغم الحال التي يمر بها، يمتلك محفظة مالية كبيرة هي الثانية بعد القطاع المصرفي. ويقول هؤلاء ان المرحلة ضبابية لا تساعد، لا المغتربين اللبنانيين على إعادة «ورشة البناء» في هذا القطاع، ولا الخليجيين الذين هم من الأصل غادروا لبنان «استثمارياً» منذ 2006. ولكن، رغم كل شيء، فإن القطاع لا يزال صامداً تجاه الأحداث السياسية بالداخل وتصاعد العمليات الأمنية في المنطقة.
ممتاز
عملياً، تراجعت الاستثمارات في القطاع نحو 40 في المئة، فيما تراجعت عمليات البيع نحو 25 في المئة، ووصل المخزون الشققي الى نحو 25000 شقة في كافة المناطق. وكما يقول الأمين العام لجمعية منشئي الابنية في لبنان أحمد ممتاز، فان ذلك سيدفع باتجاه إعادة رسم خارطة طريق جديدة للقطاع عند نهاية العام الجاري، خصوصاً وان تأزم القطاع سيستمر من الآن وحتى نهاية العام الجاري، و«هذا يحتاج صدمة ايجابية». ولفت الى أن المستثمرين في القطاع سيدفعون تلقائياً الى الاتجاه نحو المساحات الصغيرة التي تقل عن 300 متر لاحتواء أزمة العقار. وأشار الى أن عمليات البيع شبه متوقفة، و«نحن ننتظر حَراكاً سياسياً ايجابياً من شأنه أن يعيد القطاع الى ذروة نشاطه، خصوصاً وان آلافاً من اللبنانيين المغتربين مستعدين للاستثمار والشراء ولكن الواقع كما هو الآن غير مجدٍ».
وأكد ممتاز أن الأموال في لبنان موجودة، وبالتالي فإن أزمة العقار الآن ليست مالية أو اقتصادية بل هي محض سياسية، سواء في لبنان أو في الوضع السوري المضطرب، وهو فعلياً ما أدى الى خسارة السوقين اللبناني والخليجي. و«بالنسبة الينا، فإن السوق اللبنانية هي المهمة، خصوصاً ان اللبنانيين في الخليج يتعدون الـ400 الف وهؤلاء جميعهم لديهم اقتدار مالي من شأنه أن يساعد في إعادة اطلاق عجلة القطاع». ولفت الى أن سياسة مصرف لبنان بشأن القروض السكنية مهمة جداً، وهي استطاعت أن «توقف العقار على رجليه»، فلا تخلف في السداد ولا تخلف في استمرار منح القروض.
شهوان
من جهته، يصف المطور العقاري جورج شهوان، الوضع العقاري بأنه هادئ وجامد جداً، والمطلوب إعادة انتاج وضع سياسي ايجابي. ويلفت الى ان الاسعار تشهد إعادة تصحيح تتفاوت بين منطقة وأخرى بحسب العرض والطلب.
مكارم
أما المدير العام لشركة «رامكو» العقارية رجا مكارم، فقال إن لا جديد على سوق العقارات الهادئ منذ سنتين وأكثر، وطبعاً كلما تتأزم الأوضاع السياسية فإن الجمود أو الهدوء يزداد في المقابل، لكن رغم كل شيء فإن الاوضاع لا تزال مقبولة لو نظرنا اليها من أن لبنان هو في وسط العاصفة.
ولفت الى أن مشاريع توقفت ولكن هناك مشاريع أخرى لا تزال مستمرة، ولفت الى أن خروج المستثمرين الخليجيين بدأ منذ 2006، لكن ما زال هناك مشروع ضخم لشركة خليجية هي مجموعة الفطيم التي تبني مشروعاً بالشراكة مع شركة جوزف خوري بمئات ملايين الدولارات في المارينا بالضبية، وطبعاً هي الشركة الخليجية الوحيدة المتبقية هنا في لبنان.
وأشار الى ان الاسعار تراجعت عن العام الماضي نحو 4 في المئة، لكن عند العمليات تتراجع ما بين 10 وقد تصل الى 20 في المئة، هذا في الجانب الشققي أما أسعار الاراضي وبحسب الأشهر الاربع الاخيرة فهي الى ارتفاع.
إحصاءات
وعلى أي حال، تبين إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية تباطؤاً نسبياً في أداء القطاع العقاري في لبنان خلال شهر تموز من العام 2015، بحيث إنخفض عدد المعاملات العقارية إلى 5074 معاملة، من 5592 معاملة في حزيران.
كذلك تراجع عدد المعاملات العقارية 13.23 في المئة على صعيدٍ تراكمي إلى 33796 معاملة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، مقارنةً مع 38949 معاملة في الفترة نفسها من العام المنصرم. في المقابل، إرتفعت قيمة المعاملات العقارية في تموز 2015 إلى 785.33 مليون دولار من 679.03 مليون دولار في حزيران. كما تراجعت قيمة المعاملات العقارية على أساسٍ تراكمي بنسبة 14.26 في المئة سنوياً إلى 4.37 مليارات دولار في فترة السبعة أشهر الأولى من العام الجاري، مقارنةً مع 5.10 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام السابق. في هذا الإطار، تراجعت قيمة المعاملة العقارية الواحدة إلى 129390 دولارا لغاية تموز الفائت، مقابل 131016 دولارا خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
ويجدر الذكر، في هذا السياق، بأن حصة الأجانب من عمليات المبيع العقارية قد زادت إلى 2.33 في المئة في نهاية تموز 2015، من 1.69 في المئة في نهاية 2014.
في إطارٍ متصل، إرتفع متوسط قيمة المعاملة العقارية الواحدة في مدينة بيروت إلى 572260 دولارا خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، من 567233 دولارا في نهاية 2014. كما زاد متوسط قيمة المعاملة العقارية الواحدة في منطقة المتن إلى 214307 دولارات كما في نهاية تموز 2015، من 210955 دولارا في نهاية العام الماضي. وتطور متوسط قيمة المعاملة العقارية الواحدة في منطقة كسروان إلى 141626 دولارا من 139612 دولارا في نهاية العام المنصرم.