دانيل هاينريش/ عبد الرحمن عثمان
من المنتظر أن يقدم 800 ألف شخص على الأقل طلبات حق اللجوء السياسي في ألمانيا عام 2015. وللتعامل مع هذا الوضع الجديد، تقدمت جمعيات ومنظمات اجتماعية وكنائسية باقتراحات للنظر فيها من قبل صناع القرار في البلاد.
أكثر من نصف عدد اللاجئين الوافدين على ألمانيا يفرون من الحروب في بلدانهم. وهؤلاء لن يعودوا وقد يمكثون هنا على الأرجح. غالبيتهم جاؤوا من سوريا، أكثر من الثلث. وهناك 10 بالمائة جاؤوا من أفغانستان و10 بالمائة من العراق إضافة إلى الصومال ( 2 بالمائة) وإريتريا (4 بالمائة). جميعهم يبحثون عن مستقبل أفضل في ألمانيا.
غالبية هؤلاء اللاجئين قد يحصلون على حق اللجوء السياسي، لأن الأوضاع في بلدانهم “غير آمنة”. ومع ذلك تواجههم سلسلة من الحواجز البيروقراطية. لذلك تطالب جمعيات مثل “برو أزيل” و”كاريتاس” و”دياكوني” وغيرها بضرورة قيام السياسيين بالبحث عن حلولا وخاصة فيما يتعلق بتوفير السكن وتسجيل اللاجئين على صعيد أوروبا برمتها.
نقص حاد في عدد الشقق
من الضروري أن يحصل اللاجئون على أماكن إقامة تليق بكرامة الإنسان. لذا تعتبر الجمعيات الكنائسية والاجتماعية أن أكبر المشاكل الآن تكمن في إيجاد مأوى للاجئين. الوضع كارثي في كثير من الحالات الآن: إذ يتم إيواء اللاجئين في القاعات الرياضية والمدارس والثكنات العسكرية وأحيانا في الخيام. حتى الآن سارت الأمور على ما يرام لأن درجات الحرارة كانت مرتفعة.
لكن خطط وزارة الداخلية بتمديد إقامة اللاجئين في تلك الأماكن لستة شهور أخرى، قوبل بالنقد الشديد من طرف الجمعيات. ووصفت منظمة “برو أزيل” الخطة بأنها نوع من عزل اللاجئين في ثكنات تجعل عملية دمجهم في المجتمع شبه مستحيلة. كما تخشى المنظمة من زيادة أعمال العنف في مراكز إيواء اللاجئين المعزولة، وتطالب بإسكانهم في بيوت خاصة كغيرهم من المواطنين.
وبالنظر إلى المدن الألمانية المكتظة، حيث من الصعب العثور على منازل، تطالب المنظمات والجمعيات ببناء “بيوت مدعومة من الدولة” . وقد تراجع دعم الدولة لبناء هذه البيوت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ،، وتراجع إلى أقل من مليون وخمسمائة ألف شقة، بعد أن كان عددها في التسعينات حوالي أربعة ملايين شقة.
تسجيل اللاجئين والعقبات
إضافة إلى ذلك يجب البت سريعا في الوضع القانوني للاجئين. وبهذا الخصوص تطالب المنظمات والجمعيات بالإسراع في توفير دروس تعليم اللغة الألمانية وفي دورات التدريب لتسهيل دمج اللاجئين في المجمع. كما تعتبر أن ذلك يحدث ببطء حتى الآن. عقبات بيروقراطية هي السبب في ذلك، ومنها مثلا أن الشرطة تتابع جنائيا اللاجئين الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني. إن مثل هذه الخطوة غير ضرورية، حيث يتم عادة إلغائها في وقت لاحق، وفقط بعد الإلغاء يحق للاجيء التقدم بطلب لجوء سياسي. إنها إجراءات تثقل كاهل السلطات المسؤولة عن تسجيل اللاجئين. في شهر تموز/ يوليو الماضي على سبيل المثال وصل إلى ألمانيا 89 ألف لاجئ ، لكن عدد الذين تقدموا بطلبات لجوء سياسي كان بمستوى 34 ألفاً فقط.
عدم التسجيل يعني بالنسبة للاجىء عدم تمكنه من تقديم طلب لجوء سياسي، وفي هذه الحالة، فإن قضية حصول اللاجئين على طعام وملابس يعتمد على التبرعات الشخصية للمواطنين، في حين لايمكنهم الاستفادة من الخدمات الصحية ولا من مبالغ “المصروف اليومي” الذي تقدمه لهم الدولة، لأنهم “غير مسجلين”.
يضاف إلى ذلك عدم وجود آلية سريعة للنظر في الوضع القانوني اللاجئين. وبعض هؤلاء يضطرون للانتظار على مدى شهور كثيرة قبل الحصول على جواب من السلطات المعنية.
اتفاقية دبلن لا يتم تطبيقها في الواقع
على ضوء الأوضاع الفوضوية في المجر واليونان وإيطاليا، تطالب منظمة “دياكوني” خاصة بمنح اللاجئين حق اختيار الدولة الأوروبية التي يرغبون اللجوء إليها. ويزداد الانتقاد الموجه إلى اتفاقية دبلن والقاضية بإعادة اللاجئ إلى الدولة الأوروبية التي دخلها أولا. وبدل ذلك، تطالب المنظمات والجمعيات الأهلية والكنائسية بأن يسمح للاجئين الذهاب إلى الدولة الأوروبية التي يوجد فيها أقرباء ، لأن ذلك يساهم في دمج اللاجئين بالمجتمع. في ألمانيا يعيش حاليا 150 ألف سوري و100 ألف عراقي و72 ألف أفغاني. وقد أظهرت دراسة لمؤسسة بيرتلزمان مدى أهمية الجاليات المقيمة في دمج اللاجئين في مجتمعاتهم الجديدة.