Site icon IMLebanon

قانون الانتخابات بين العونيين و”القوات”.. فرصة جديدة

 

 

كتبت كلير شكر في صحيفة “السفير”:

أدرج الرئيس نبيه بري بند قانون الانتخابات النيابية على جدول أعمال الحوار المفترض عقده في 9 أيلول المقبل، ولكن بلوغ هذا البند والاتفاق عليه استطراداً يحتاجان الى معجزة تخرجه من حلبة الصراع السياسي، سليماً معافى.

لا حاجة لتذكير القابضين على عنق السلطة السياسية بأنّ الاتفاق على قانون انتخابي لا يقل صعوبة عن الاتفاق على رئيس للجمهورية، وقد يتخطاه تعقيداً. وسيصعب على القوى المستفيدة من القانون القائم، أن تخرج ما في جيبها من مقاعد «مسلوبة» من القوى الأخرى، لتعيدها الى أصحابها، ما يعني أنّ تخلي هذه الأطراف عن «قانون الستين» يستدعي تعديلاً في موازين القوى على الأرض، كي تقبل بالواقع الجديد.

ومع ذلك، هناك من يتهم العماد ميشال عون بأنّه قام بتعديل سلّم أولويات مطالبه، مانحاً الانتخابات النيابية، على أساس قانون عادل قائم على مبدأ النسبية، الأولوية، وبمثابة ممر إلزامي للانتخابات الرئاسية، من باب التحايل على خريطة القوى الموجودة تحت سقف البرلمان، لتسهيل وصوله الى قصر بعبدا. إذ إنّ إعادة رسم معادلة الأكثرية والأقلية النيابيتين، ستكون أسهل من إقناع أصحاب الحل والربط من خندق الخصوم للتصويت لمصلحته ووضع اسمه في صندوقة الاقتراع. وهذا ما يدفع الكثيرين الى اعتبار هذا الطرح بمثابة مناورة جديدة يستخدمها الرجل للالتفاف على رفض القوى الآذارية لترشحه.

ولكن ما لا يريد هؤلاء الاعتراف به هو أنّ سعي ميشال عون الى تعديل قانون الانتخابات، جدي، ولا يقل أهمية عن الحرب التي يخوضها للوصول الى كرسي الموارنة الأول. هو يعرف جيداً أن هذه المعركة واجب عليه لأنها قد تكون آخر محاولة للمسيحيين لتحسين واقعهم التمثيلي في مجلس النواب، وبالتالي موقعهم في تركيبة السلطة.

هو متأكد من أنّ أي تسوية كبيرة قد تحصل على رئاسة الجمهورية، وتخلو من قانون انتخابي جديد يعيد بعض ما سلب من مقاعد يفترض أن المسيحيين هم أصحاب القرار فيها، ستكون ناقصة، لا بل ستكون مسيئة بحق أبناء طائفته، وستأخذ منهم أكثر مما ستعطيهم.

ولهذا بدا الاتفاق على المبدأ بين ميشال عون وسمير جعجع حول ضرورة التوصل الى صيغة انتخابية مشتركة، سهلاً وممكناً، انطلاقاً من حتميته وضرورته، رغم كل العقبات المتوقعة أمامه.

الفريقان سبق وجلسا مع بقية القوى المسيحية على أكثر من طاولة، سواء في بكركي تحت أنظار سيدها الكاردينال بشارة الراعي، أو في مجلس النواب برعاية الرئيس نبيه بري، وعجزا عن التفاهم على قانون واحد يحمي المسيحيين من «قرصنة» القوى الأخرى.

وحين كسر دف التفاهم، تفرقت المشاريع المقدمة الى مجلس النواب، فكان «تكتل التغيير والاصلاح» من مؤيدي اقتراح «اللقاء الأرثوذكسي» فيما غنت «القوات» موال الاقتراح المختلط (68 نائباً على أساس النظام الأكثري و60 نائباً وفق النظام النسبي) وتبنت لحن «المستقبل» بالتضامن والتكافل مع «الاشتراكي».

ولكن هذا لا يعني أنّهما مقتنعان بأن طريقهما باتت مقفلة والأفق بينهما مسدودة، لأنّ المسألة تستحق المحاولة من جديد. ولهذا عاد النقاش بينهما للبحث عن اقتراح مشترك يمكنه اختراق الحواجز القائمة.

الواضح أن النقاش بين الرابية ومعراب محكوم بهذه العوامل:

– إنّ الحاجة الى قانون انتخابي يحرر المقاعد المسيحية، ان لم يكن جميعها، فمعظمها، صارت ملحّة، سواء بالنسبة لـ «التيار الوطني الحر» أو «القوات». وعلى خلاف ما يظن البعض أنّ سمير جعجع راضٍ بالقسمة النيابية التي يمنحه إياها «قانون الستين» ببركة حليفه الأزرق، فإنّ الرجل يسعى الى كسر هذا الطوق لتحسين وضعه التمثيلي بواسطة «عضلاته».

– لن يكون أي تقارب في حال حصوله بين الرابية ومعراب حول قانون الانتخابات، على حساب الحلفاء. بمعنى أنّ سمير جعجع لن يقدم على أي خطوة أو يمنح توقيعه لأي مشروع مشترك مع العونيين، من دون أن ينال بركة حليفه المستقبلي، وهو لذلك سيسعى لترويج أي صيغة مشتركة مع البرتقاليين، لدى حلفائه، قبل إخراج هذا الاتفاق الى النور، لأن المطلوب بالنهاية هو أكل العنب وليس قتل الناطور.

بالتالي إنّ الحاجة الى موافقة الحلفاء ضرورية للحصول على أكثرية نيابية تصوت على الاقتراح إذا تمّ التوافق عليه. وهذا الأمر يسري أيضاً على «تكتل التغيير والاصلاح» الذي سيقف عند رأي حلفائه وسيسعى لإقناعهم بأي اقتراح مشترك، قبل أخذه الى الهيئة العامة.

ورغم ذلك، فإن الفريقين لا يزالان في بداية الألف ميل. حتى أنّ هناك من يعتقد أنّ هذه الطريق فيها من العقبات ما يمنع بلوغها خواتيم سعيدة، أقله في الوقت الراهن. وهذا ما تجلى من خلال رفض جعجع الانضمام الى طاولة بري الحوارية.

بنظر هؤلاء كانت «الممانعة» القواتية متوقعة، ولم تكن مفاجئة. ذلك لأنّ جعجع يتجنب احراج نفسه أمام حليفه «الأزرق» أولاً وأمام الرأي العام المسيحي ثانياً، فيما لو طرح قانون الانتخابات على مائدة البحث. فهو لا يريد أن يتواجه مع «المستقبل» حول الطروحات الانتخابية اذا ما جرّت المزايدة المسيحية الى هذا المكان، ويفضل في المقابل أن لا يترك الساحة للقوى المسيحية الأخرى.

ويعتقدون أن «حكيم معراب» يتصرف على أساس: طالما أن طبخة القانون لا تزال غير ناضجة ربطاً بالتسوية الكبيرة التي لا تزال بعيدة عن المسرح اللبناني، وأن الكلام حولها هو لتقطيع الوقت لا أكثر، فلا مانع من البقاء خارج «الجنة الحوارية».