رأفت نعيم
رغم تأثرها بالوضعين الأمني والسياسي في البلاد، مع ما يعكسه ذلك من جمود في اسواقها حالها في ذلك حال بقية المناطق، تنظر مدينة صيدا بكثير من التفاؤل الى الورشة القائمة في وسطها التجاري لتأهيل البنى التحتية والفوقية فيه بأن تساهم بعد انجازها في تحريك ركود الأسواق وتحفيز الحركة التجارية فيها واعادة تقديمها بحلة جديدة ودور اكثر فعالية في تنميتها، كونه يشكل اول عملية تأهيل شاملة تطال الوسط التجاري للمدينة منذ عقود.
وتتلقى صيدا بين الحين والآخر تداعيات احداث امنية يشهدها مخيم عين الحلوة او توترات تطل في غير منطقة او ارتدادات تأزم سياسي يشل اقتصاد البلاد عموما ويزيد من وطأة الوضع المعيشي على المواطنين.. فتنال المدينة نصيبها منه تراجعا للحركة في اسواقها كونها في الأساس تعتمد على حركة الوافدين والزائرين والعابرين لها والتي تتأثر بدروها سلبا بتلك الأوضاع.
ولعل اشهر الصيف التي مرت خير مثال على حال الركود التي تعيشها المدينة لما سجلته من احداث وتطورات سواء على المستوى الأمني في مخيم عين الحلوة او على المستوى السياسي والحياتي العام في البلاد، وهو وضع يبدو انه لا يزال ينسحب على حركة اسواقها على اعتاب عيد المدارس وعيد الأضحى وان كان يعول على هذين الاستحقاقين رغم ما يحمّلان من اعباء اضافية على المواطن بأن يساهما في تحريك تلك الأسواق سواء لجهة التحضير لبدء العام الدراسي او لجهة الاقبال على شراء مستلزمات العيد.
الشريف
ويقول رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف «صيدا ليست جزيرة معزولة وانما هي جزء من هذا الوطن تتأثر بكل الأوضاع السياسية والأمنية والحياتية، يضاف اليها تأثرها بالوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، كل ذلك ينعكس تراجعا في اقبال الوافدين الى المدينة وايضا العابرين من جنوبها الى شمالها وبالعكس والتي تعتمد صيدا كثيرا عليها في حركتها الاقتصادية سياحة وتجارة ونبض حياة يومية«.
ويضيف «خلال اسبوع عيد الفطر وما تلاه لفترة قصيرة كانت حركة الأسواق في المدينة مقبولة نسبيا العيد لكنها عادت فتراجعت منذ مطلع شهر آب لتنعدم نهائيا ابان اشتباكات عين الحلوة، ومنذ ذلك الحين وحركة السوق لا تزال سيئة..ونأمل ان تستعيد الأسواق نشاطها خلال اسبوعي ما قبل الأضحى وان كان هذا الوضع سيتأثر بموسم المدراس الذي تتراكم فيه الأعباء على المواطن ، حيث تتركز الحركة في هذه الفترة على المكتبات علما ان كثيرا من المدرسة ايضا باتت هي التي تبيع بعض الألبسة للطلاب..ولا ننسى ان الوضع الاقتصادي ضاغط اساسا على المؤسسات التجارية لجهة الأعباء الناجمة عن الايجارات ورسوم الكهرباء واجور العمال وغيرها من الضرائب والمصاريف«.
ويتابع «نستطيع القول انه حتى الآن يبدو العام 2015 الأسوأ اقتصاديا ليس فقط على المدينة وانما على لبنان ككل نظرا لما شهده من انكماش ووضع سياسي مشحون وتجاذبات وتحركات ومن أزمات معيشية وحياتية وفي مقدمها ازمتا الكهرباء والمياه ، وللأسف يستمر تأثير هذه الأوضاع على المدينة كما كثير من المناطق.
ويأمل الشريف في ان يعطي انجاز مشروع تأهيل وسط صيدا التجاري جرعات حياة ونشاط ونمو دائم للحركة السياحية والتجارية فيها ، مؤكدا على اهمية هذا المشروع وحيويته بالنسبة للمدينة ويقول :انه مشروع هام جدا وحضاري يعطي دعما للسوق ويعيد هيكلتها ويمنح متنفسا للمتسوقين ومساحة للأنشطة التي تستقطبهم ، خاصة ان هناك قرارا من قبل الجمعية والتجار بعدم دخول السيارات الى داخل السوق وحصر الدخول بالمشاة. ومن جهتنا كجمعية تجار وعندما يستكمل المشروع وما يلحظه من انارة وتشجير ومقاعد واكشاك سنحاول ايجاد طريقة لتوحيد الوان واجهات و»آرمات « المحال التجارية لتتكامل مع الحلة الجديدة للسوق.
بارقة أمل
مشهدان يتقاسمان الأسواق التجارية للمدينة حاليا، الشوارع الجديدة المؤهلة والمرصوفة ببلاط البازلت بعد انجاز اشغال بنيتها التحتية، والشوارع التي يزحف باتجاهها هذا المشروع الذي قطع مرحلة متقدمة حتى الآن، وبين هذه وتلك، حركة متسوقين تنشط حينا وتركد أحيانا بحسب الأوضاع الآنفة الذكر وورش آليات وحفر وتمديد وتبليط لا تهدأ على مدار اليوم والساعة وكأنها في سباق مع الزمن ومع انجاز نوعي جديد تنتظره المدينة وتحمله الكثير من الآمال والتوقعات بأن يعود عليها وعلى اقتصادها وتنميتها بالإزدهار المنشود .. وهو مشروع تأهيل الوسط التجاري للمدينة الذي يديره مجلس الانماء والاعمار بتوجيهات مباشرة من رئيسه المهندس نبيل الجسر وتنفذه شركة دنش للمقاولات وبإشراف استشاري المشروع مكتب المهندس عبد الواحد شهاب وبلدية صيدا وبتمويل للقسم الأكبر من المشروع (وسط المدينة) من البنك الاسلامي للتنمية ولجزء منه (تعمير عين الحلوة والفيلات) من الدولة. بينما تواكب البلدية وجمعية تجار صيدا وضواحيها مراحل تنفيذ المشروع بمتابعة يومية لكل تفاصيله وورش اشغاله وبإبداء الملاحظات اذا وجدت.
شهاب
ويقول الاستشاري المهندس عبد الواحد شهاب، انه تم حتى الآن انجاز بين 60 و65 في المئة من المشروع وهو يشمل بالنسبة للوسط التجاري كافة شبكات البنى التحتية من مياه وقنوات صرف مياه الأمطار ومجاري وكهرباء واعمال بنى فوقية مثل تبليط الشوارع وارصفة واشغال انارة . وقد تم مؤخرا تمديد مهلة تنفيذ المشروع بطلب من المتعهد لعشرة اشهر قادمة بعدما طرأت اشغال جديدة وشوارع جديدة في محيط وسط المدينة ومستديرة سراي صيدا الحكومي ومنطقتي التعمير والفيلات، وتعتمد في التنفيذ والمواد المستخدمة أحدث واهم المواصفات.
ويضيف «اهمية المشروع ايضا تكمن في كونه سيعطي دورا اكثر فعالية واستقطابا لوسط المدينة او ما يسمى بـ» Centre Ville « خاصة اذا ما تم اغلاق المساحات والشوارع المرصوفة امام السيارات وحصرها بالمشاة كما جرى بالنسبة لشارع المطران سليم غزال المنجز وسط السوق الذي كان يعاني من الفوضى والعشوائية في دخول وركن السيارات وتجوال العربات فلم يكن يدخل السوق الا المضطر قاصدا هذا المحل التجاري او ذاك ، لكن اليوم الوضع تغير مع هذا المشروع بشكل يجعل من التسوق متعة ومتنفسا للمشي والترفيه. فهناك مساحات كبيرة يمكن الافادة منها في اقامة انشطة ومهرجانات ومعارض للفنون حفلات موسيقية في الهواء الطلق .. كما ان المشروع من شأنه أن يجذب استثمارات جديدة للمدينة لإقامة مطاعم ومقاهي وحتى فتح محال تجارية جديدة.
ويشير شهاب الى ان المشروع يلحظ غرس اشجار وتثبيت مقاعد وسلال للنفايات وتركيب نماذج لأكشاك لبيع الصحف والقهوة والعصائر يمكن اعتمادها من قبل البلدية . ويقول : كون وسط المدينة التجاري ملاصقا للمدينة القديمة، فان ذلك ايضا من شأنه ان يعطي زخما لهذا المشروع نظرا لإرتباط اسواق المدينة ببعضها البعض من جهة، ولإرتباط الحركة في السوق التجاري في جزء كبير منها بالحركة السياحية في المدينة القديمة وعلى الواجهة البحرية فيحيي بعضها بعضا وتتكامل مع بعضها ومع الحركة المتوقعة بعد انجاز المرفأ التجاري الحديث فتشكل معا عامل جذب واستقطاب للمدينة .