Site icon IMLebanon

“خطة شهيب” تمر في الحكومة، فهل ترضي “الشارع”؟


حنان حمدان

أثمرت الجلسة الإستثنائية لمجلس الوزراء التي عقدت في السرايا الحكومية، أمس، بدعوة من رئيس الحكومة تمام سلام، توافقاً على بنود الخطة التي قدمتها اللجنة المكلفة دراسة ملف النفايات برئاسة وزير الزراعة أكرم شهيب، وأبرز ما تضمنته، إيلاء البلديات دوراً مركزياً في معالجة أزمة النفايات، إلغاء عقدين من أصل ثلاثة عقود مع شركة “سوكلين”، والسعي لإعادة فتح مطمر الناعمة لمدة سبعة أيام. إلا أن المخاوف من الحلول المقترحة بدأت تظهر بعد الإعلان عنها مباشرة. فهل ستوضع هذه المقترحات حيز التنفيذ في وقت قريب، أم أنها ستواجه اعتراضات “أهلية” وسياسية ربما؟ في حين يشير أحد الخبراء البيئيين إلى أن “الحلول المطروحة هي بيئياً أدنى بكثير من المستوى المطلوب، أما إدارياً فكان في الإمكان أن تكون أفضل”.

وإذا كانت الجلسة قد تمت بأجواء ايجابية، على ما أشيع، ما أفسح المجال أمامها لإقرار خطة شهيب، إلّا أنّ الإختبار الحقيقي للخطة بدأ فور إعلانها، لجهة ضرورة اتخاذ العديد من الإجراءات لكي توضع الخطة موضع التنفيذ. هذا في حال لم تواجه بالرفض من جانب البلديات وأهالي المناطق المنوي استخدام مطامر فيها، كما حصل سابقاً.
وقد تم التركيز في الخطة الحالية، على إعطاء دور مركزي للبلديات، في مرحلة إنتقالية تستغرق 18 شهراً. وقد تم إقتراح مواقع مطامر تحتاج إلى تأهيل، ومكبين عشوائيين سيحولان بالإستخدام الى مطمرين صحيين، إضافة الى مكب برج حمود “لربح 330 ألف متر مربع من الأراضي النظيفة”. كما تم الإعلان عن إعتماد مطمرين صحيين، الأول في منطقة سرار- عكار، والثاني في منطقة المصنع في السلسلة الشرقية. وتم التطرق أيضاً إلى الإستعانة بمعمل معالجة النفايات في صيدا، وفق ما أعلنه وزير الإعلام رمزي جريج بعد إنتهاء الجلسة أمس، إلا أنّ رئيس بلدية المدينة محمد السعودي صرح أمس بأن المدينة لن تسمح بنقل أي نفايات إليها ما لم تتم المباشرة بإنشاء معمل التدوير فيها.
من ناحية أخرى، فقد تبين من خلال المناقشات داخل الجلسة، أن إلغاء الديون المترتبة على البلديات يحتاج إلى إقرار قانون في مجلس النواب. وبانتظار إقرار هذا القانون، فقد تمت الموافقة على المراسيم المقترحة من وزيري المال والداخلية لتوزيع حصص البلديات وإتحاداتها من عائدات الهاتف الخلوي والثابت الممولة من وزارة الإتصالات كاملة “من دون حسم”. أما مسألة الـ 100 مليون دولار التي أعلن عن تقديمها للبقاع من أجل مشاريع التنمية فهي ما زالت “مبهمة”.
أما في ما يخص “سوكلين”، فقد تم إبلاغها بعدم تجديد عقدي المعالجة والطمر، والتمديد لعقد الكنس والجمع لفترة لا تتعدى 18 شهراً أي الى حين إنتهاء المرحلة الإنتقالية، حتى تتمكن البلديات من تأهيل نفسها لمعالجة نفاياتها.

فشل الخطة وارد؟
الموافقة على عناوين الخطة وتوجهاتها لا تعني المضي بتنفيذ هذه الخطة، والخوف من فشلها قائمٌ. إذ لم يتم التطرق الى آلية تلزيم المطامر ولم يتضح ما إذا بني هذا الإعلان نتيجة لتوصل المعنيين إلى إتفاق مع أهالي المناطق والبلديات المعنية، لأخذ الموافقة على المواقع التي تم تحديدها قبل السير في الخطة، لاسيما أن الخطط السابقة قد جوبهت بالرفض مراراً.
كما أعلن أمس عن الموافقة على نقل النفايات من منطقتي بيروت وجبل لبنان الى مطمر الناعمة لمدة 7 أيام، على أن تبدأ بعدها فوراً أعمال التتريب والتغليف والتحضير وإنتاج الطاقة الكهربائية لتوزع مجاناً على القرى المجاورة للمطمر، وقد أقر لإنجازها مبلغ 11 مليوناً و640 ألف دولار. فأين ستنقل نفايات بيروت وجبل لبنان بعد انقضاء الأيام السبعة هذه؟ وهل تم التوصل إلى هذا الاقتراح بالاتفاق بين مكونات الحكومة، أم تمت مراجعة أهالي المنطقة في شأنه؟
في الواقع يؤكد ممثل “الحملة الأهلية لإقفال مطمر الناعمة، فريد غرزالدين في حديث لـ”المدن” على أن “الأهالي في المنطقة ما زالوا خارج إطار هذا الإتفاق، الذي لا يمكن إعتباره إلا عملية لإختراق هذا الإقفال لإعادة العمل في المطمر، لكن أهالي المنطقة يحرصون على عدم السماح بفتح المطمر مجدداً”. وأضاف: “لا نعلم على ماذا تم الإستناد من خلال تقديم هذا الطرح، لكننا نؤكد أن زيارة الحركة البيئية للوزير أكرم شهيب لا تعني أبداً إعطاء الضوء الأخضر للوزير، فالحركة البيئية لا تمثلنا لا من قريب ولا من بعيد”.
في حين يشير عضو اللجنة المكلفة وضع خطة لمعالجة أزمة النفايات، الزميل بسام القنطار في حديث لـ”المدن” أن “نجاح الخطة المقترحة مرتبط بنجاح الإستشارات التي قطعت شوطاً كبيراً في منطقة الشمال، وستنطلق بدءاً من اليوم في منطقة البقاع مع البلديات والجمعيات البيئية والمدنية، وسيتم إطلاع الجانب السوري على الأمر كون الموقع المقترح موجود في منطقة حدودية”. أما بالنسبة الى إعادة فتح مطمر الناعمة يعتبر القنطار، أن “ما يطلب اليوم من أهالي منطقة الناعمة هو المشاركة الرمزية في الحل من خلال السماح بنقل النفايات المتكدسة في منطقتي بيروت وجبل لبنان إلى المطمر”، مؤكداً أن “اللجنة بدأت ببحث كيفية الإنسحاب من مطمر الناعمة في الوقت القريب، على أن يتم إستخدام غاز الميثان المتراكم الناتج عن طمر 18 مليون طن من النفايات على مدى 17 عاماً، كبديل للطاقة في توليد الكهرباء”.
الوعد باستخراج الطاقة الكهربائية من المطمر ليس بجديد، إنما طرح في آخر تمديد لمطمر الناعمة، وفق ما أكده الخبير البيئي عدنان ملكي في حديث لـ”المدن”، لافتاً إلى أن “الإعتمادات التي خصصت لهذه الغاية أمس، تبقى حبراً على ورق، في حال احتاجت إلى موافقة مجلس النواب الذي تم تعطيله منذ وقت”.
من ناحيته أكد شهيب في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي اليوم، “الإلتزام التام بمهلة الأيام السبعة في شأن مطمر الناعمة، والتي لن تمدد لساعة واحدة بعد إنقضائها”، داعياً رئيس لجنة البيئة النائب مروان حمادة إلى عقد إجتماع يوم الإثنين المقبل عند العاشرة صباحاً في قاعة لجنة المال والموازنة، للإستماع الى مشروع معالجة أزمة النفايات الذي قدمه شهيب.
وبالرغم من ظهور ردود فعل مؤيدة وأخرى معارضة للحلول التي قدمتها “لجنة شهيب”، يبقى الأمل معقوداً على إمكان أن تؤدي هذه الخطة إلى الهدف المرجو منها، أي جمع النفايات من الشوراع كلها في وقت قريب، على أن تتم المباشرة بعدها في البحث بالحلول المستدامة.