كشفَت مصادر واسعة الاطّلاع لصحيفة ”الجمهورية” الظروفَ التي واكبَت الدعوة التي وَجّهها الرئيس تمام سلام إلى عَقد الجلسة الاستثنائية من أمام مبنى مجلس النواب قبل انعقاد جلسة الحوار، فأوضَحت أنّ سلام كان يَنوي توجيه دعوته الى هذه الجلسة منذ مساء أوّل أمس الثلاثاء لكنّ الاتصالات التي واكبَت هذه الفكرة أدّت الى تأجيلها.
وقالت المصادر إنّ سلام عندما شاء توجيه الدعوة قصَد الفصلَ نهائياً بين أعمال هيئة الحوار وعمل مجلس الوزراء عقبَ التفسيرات العديدة التي اعتبرَت انّ الهيئة هي البديل الشرعي عن باقي المؤسسات الدستورية، وهو يرفض هذا المنطق، وساعدَه في ذلك المواقف الضاغطة التي أطلقَها عدد من الأفرقاء، وخصوصاً قيادة الكتائب التي ربَطت استمرارَها في الحكومة بوزرائها الثلاثة بالتعبير عن المعالجة الجدّية لملف النفايات.
فالتقرير النهائي الذي أعدّه الوزير اكرم شهيب كافٍ لبَتّ الموضوع، وسانَد الرأي وزراء تيار “المستقبل” والوزراء المستقلّون الذين عبّروا صراحة عن تأييدهم لخطة اللجنة التقنية باعتبارها تقريراً عِلمياً خالياً من التأثيرات السياسية، وهي ستشَكّل المعبر الأنسب لمواجهة الأزمة بعد سقوط مشاريع التلزيم والمناقصات التي أعطَت الملف أبعاده الاستثمارية أكثر من أبعاده الوطنية.
ولفتَت المصادر الى انّ إصرار سلام على هذا الأمر دفعَ بالرئيس نبيه برّي وقيادات سياسية اخرى الى تفَهّم موقفه فدَعوه للتريّث الى أن كان المخرج بأن يوجّه الدعوة قبَيل اجتماع الهيئة وإنْ شاءَ مِن على عتبة المجلس النيابي، فكان ما كان ولم يتمكّن الوزراء المقاطعون من رفض الدعوة، فحَضروا جميعاً ولا سيّما وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر والطاشناق والمردة – على رغم غياب الوزيرين جبران باسيل ومحمد فنيش بموجب تفاهم مسبَق قيل إنّه نسِج على طريقة الغياب المقصود عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي خصّصت للملفات الداهمة المالية والإدارية وتلك المعنية برواتب موظفي القطاع العام .
وفسّرت مصادر وزارية خطوة المقاطعين بأنّها جاءت في سياق عدم قدرة أيّ طرف على مواجهة الضغوط التي مارسَها المعتصمون في الفترة الأخيرة، فكان لا بدّ مِن التراجع عن بعض الشروط الشكلية وخصوصاً تلك التي أعطت الأولوية للبحث في آليّة العمل الحكومي وصلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة أمام حدث يشبه النتائج الكارثية لأزمة النفايات التي كادت تفجّر البلد ما لم يجرِ استيعاب الفورة الشعبية وغضَب الناس.