دحضت الأرقام الرسمية لحجم الصادرات السورية، إصرار الحكومة السورية على المراهنة على زيادة الصادرات لرفد خزينة النظام بالعملات الأجنبية، حين أظهرت تراجع الصادرات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، رغم أن المحللين يشككون في تلك الأرقام، ويؤكدون أن الاقتصاد وصل مرحلة من الشلل التام.
وتشير أحدث بيانات للجمارك السورية، إلى أن قيمة الصادرات السورية بلغت نحو 300 مليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، فيما بلغت قيمة الواردات نحو 3.8 مليار دولار.
وتؤكد بيانات مركز التجارة الدولي (آي.تي.سي) سرعة تأثر الأسواق السورية بالعقوبات، وأن الصادرات تقترب من التوقف، بعد أن كانت تصل إلى أكثر من 11.4 مليار دولار في عام 2010 أي قبل اندلاع الحرب.
وتصر هيئة تنمية وترويج الصادرات الحكومية على حدوث تحسن في أرقام الصادرات وتقول إنها ارتفعت إلى 1.8 مليار دولار في العام الماضي، مقارنة بنحو 1.3 مليار دولار في عام 2013، لكن المراقبين يشككون في دقة تلك الأرقام.
وتشير بيانات الهيئة إلى تراجع حاد في أرقام الواردات أيضا، التي كانت تزيد على 16.5 مليار دولار في عام 2011 لتصل إلى نحو 4.5 مليار دولار في العام الماضي.
وبحسب معاون وزير الاقتصاد عبدالسلام علي، فإن الواردات من إيران شكلت أكثر من نصف الواردات السورية في العام الماضي، حين بلغت 2.6 مليار دولار، وجاء لبنان في المرتبة الثانية بنحو 400 مليون دولار.
وأشار إلى أن حصة المواد الأولية الداخلة في الصناعة لم تتجاوز 2 بالمئة من إجمالي الواردات، التي تعتمد بشكل أساسي على خطوط الائتمان التي فتحها طهران للنظام.
ويؤكد رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها باسل حموي، خروج 80 بالمئة من المصانع السورية من الإنتاج، بسبب العقوبات العربية والدولية المفروضة على سوريا وبسبب استمرار الحرب.
وقال “إن 50 بالمئة من الصناعيين المسجلين في الغرفة البالغ عددهم نحو 6 آلاف عضو لم يجددوا عضويتهم في الغرفة”.
ويرى مراقبون ونشرات متخصصة، أن صادرات الأشهر الثمانية من العام الجاري، لا تعادل سوى نسبة 7.5 بالمئة فقط من قيمة الواردات، ما يعني تفاقم العجز في الميزان التجاري، بسبب تعطل معظم النشاط الاقتصادي.
وأقر وزراء الخارجية العرب، في نوفمبر2011، عقوبات تتضمن وقف التعامل مع البنك المركزي السوري والتعاملات المالية والتجارية مع الحكومة السورية، وتجمد أرصدتها المالية وعدم تمويل أي مبادلات تجارية حكومية من قبل البنوك المركزية العربية.
وشملت العقوبات الغربية فرض حظر على أشخاص وكيانات صناعية وتجارية ووقف استيراد النفط السوري والاستثمار فيه، وكان آخرها فرض وزارة المالية الأميركية عقوبات ضد 7 شركات أجنبية تعمل على مد سوريا بالنفط والغاز.
وتفيد بيانات شركة بي.بي البريطانية بأن طاقة إنتاج سوريا من النفط بلغت 385 ألف برميل يوميا في عام 2010، كانت تصدر منها نحو 150 ألف برميل يوميا. وبلغت الاحتياطات المؤكدة نحو 2.5 مليار برميل.
وأكد وزير النفط سليمان العباس أن الإنتاج تراجع في النصف الأول من العام إلى أقل من 10 آلاف برميل يوميا، لتفقد الحكومة أكبر شريان كان يمدها بأكثر من 4 مليارات دولار سنويا، وتمثل 35 بالمئة من الصادرات السورية.
وتلاشت سيطرة الحكومة على أكبر الحقول في شرق وشمال شرق البلاد التي سيطر تنظيم داعش على معظمها، وخاصة حقول العمَر والتنك والتيم في دير الزور، بينما تسيطر وحدة الحماية الكردية على حقول السويدية والرميلان في محافظة الحسكة.
ولم يعد الغاز مصدرا للقطع الأجنبي، بسبب الحاجة إليه في تشغيل محطات الكهرباء، وقد تعرض الإنتاج من نحو 23 مليون متر مكعب يوميا قبل الثورة إلى أقل من 3 ملايين حاليا.
وتقلصت حركة الملاحة البحرية في مرفأي اللاذقية وطرطوس، وخاصة بعد إغلاق المعابر الحدودية مع الدول المجاورة.
وأكد رئيس غرفة الملاحة البحرية، عبدالقادر صبرا، أن “الحرب الاقتصادية الخفية، وغير المعلنة باتت قاب قوسين أو أدنى من إدراك غايتها، بقضم عمل المرافئ السورية، ومنعها من استغلال الموقع الجغرافي المميز، كبوابة لحركة البضائع إلى الدول المجاورة”.
وأشار رئيس اتحاد شركات شحن البضائع، صالح كيشور إلى تراجع تجارة الترانزيت الخارجي بنسبة 80 بالمئة حاليا، مقارنة بما كانت عليه في 2010 بفعل “خروج المرافئ السورية من المنافسة، حيث لم يبق حاليا سوى بعض البضائع المتجهة إلى العراق”.
وانخفض أسطول النقل السوري بنحو 70 بالمئة، بسبب خروج الشاحنات من الخدمة، وذهابها للعمل في الدول المجاورة، وتعرّض بعضها الآخر للسرقة والسطو والإحراق.
وكانت الصادرات السورية تتضمن بحسب الأمم المتحدة، السلع الغذائية والوقود والسلع الكيميائية والمعدات والنقل والسلع المصنعّة. أما الواردات فتتضمن المواد المعدنية والآلات والأجهزة الكيماويات واللدائن الصناعية والوقود ووسائل النقل والأغذية.
ويؤكد إيهاب اسمندر، من هيئة ترويج الصادرات السورية، أن المواد المصنعة كانت تمثل 52 بالمئة من الواردات قبل الحرب، وأن نسبتها ارتفعت إلى 77 بالمئة لأن “الإنتاج المحلي منها لم يعد كافيا للاستهلاك”.