Site icon IMLebanon

“خطة شهيب”.. لماذا الإنتظار 18 شهراً لبدء الفرز؟

حنان حمدان

ماذا لو فشلت جميع الخيارات المطروحة لمعالجة أزمة النفايات، في وقت نقترب أكثر فأكثر من مواعيد تساقط الأمطار، مع ما يمكن ان يرتبه ذلك من كوارث صحية ومن فياضانات بفعل تكدس النفايات بمحاذاة مجاري الأنهر، وعلى جوانب الطرق. سؤال تبادر إلى ذهن معظم اللبنانيين، منذ الإعلان عن الحلول المقترحة التي خلصت إليها اللجنة المكلفة دراسة ملف النفايات برئاسة الوزير أكرم شهيب.

فقد وجهت إنتقادات عديدة على مضمون “خطة شهيب”، وإنقسمت الآراء في شأنها بين مؤيد ومعارض، من مختلف الجمعيات والمنظمات البيئية وهيئات المجتمع المدني إضافة الى ممثلي “الحراك الشعبي”، وقد خرج عدد من أبناء المناطق المنوي نقل نفايات إليها لطمرها في أماكن محددة فيها، تعبيراً عن رفضهم للخطة. تسجيل المواقف المعارضة أمر لا بد منه. ولكن إذا ما تم رفض هذه الخطة بسبب الإنتقادات الكثيرة التي وجهت إليها، ما هي البدائل الأفضل في هذه المرحلة؟ والتي يمكن تطبيقها لتفادي كارثة بيئية ستعصف بلبنان على المدى القريب إذا ما استمر الأمر على ما هو عليه، خصوصاً مع اقتراب المطر.
يعدد الخبير البيئي عدنان ملكي في حديث لـ”المدن” مآخذه على “خطة شهيب”، ويشير إلى أن “المشكلة تكمن في غياب الثقة بالسلطة الموجودة، ما يجعلنا ندقق أكثر للبحث في الثغرات”. لافتاً إلى أن “الثغرات التي تم لحظها في الخطة، هي ثغرات صغيرة وهامشية ولكنها ستؤثر سلباً على تطبيقها”، لافتاً إلى أنّ “الخطة تحدثت عن نقل النفايات من منطقتي بيروت وجبل لبنان، دون الإكتراث لخيار الفرز والذي يوفر الكثير بيئياً وماديا”ً. يضيف: “خيار النقل إلى مطامر بعيدة يزيد من مخاطر الأثر البيئي للنفايات، ما يحتم إتخاذ تدابير لمنع إنزلاق العصارة من الشاحنات. أما كمية النفايات الموجودة في الشوارع والمكبات العشوائية والتي سيتم نقلها الى مطمر الناعمة وتقدر بنحو 170 ألف طن، فلا يمكن معالجتها في 7 أيام وتحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير. كما أن عملية تأهيل المطمر تحتاج إلى نحو ثلاثة أشهر كي تنجز، فكيف سيتم التعامل مع هذا الموضوع، وإلى أين ستنقل النفايات بعدها؟”.

يطرح ملكي بعض الحلول التي من شأنها التقليل من ثغرات هذه الخطة قائلاً: “لسنا بوارد الإنتظار 18 شهراً لنبدأ عملية الفرز. يجب البدء بالفرز من المصدر، على مرحلتين، يتم من خلالهما فصل النفايات العضوية عن النفايات التي يمكن تدويرها، على أن يتم تجميع النفايات في هنغارات لا تنبعث منها الروائح وليس لها أي أثر بيئي، لاسيما أننا مقبلون على فصل الشتاء، وسيكون من الصعوبة التعامل مع النفايات حينها. وهكذا نكون أيضاً قد خفضنا كلفة النقل الى مناطق بعيدة حيث توجد المطامر، إذ إن نقل كل هذه الكميات ستترتب عليه تكلفة مرتفعة يمكن تفاديها”.

من جهته ينتقد رئيس الحركة البيئية بول أبي راشد في حديث لـ”المدن”، بنود المرحلة الإنتقالية التي يفترض تنفيذها على المديين القريب والمتوسط، قائلاً: “ليس هناك داع لاستحداث مطامر جديدة ولا لإعادة تشغيل مكب برج حمود”. وفي حين يؤيد أبي راشد رفض أهالي الناعمة السماح بإعادة فتح مطمر الناعمة لفترة إستثنائية، يقول إنه “في حال وافق أهالي منطقة الناعمة على إعادة فتح المطمر لفترة قصيرة فإننا لن نمانع”، لافتاً إلى أن “الخطة المستدامة والتي تم إقتراحها تحترم الهرم التسلسلي للنفايات، وأخذت في الإعتبار آراء الخبراء، وتمت الموافقة عليها حتى الآن”.

أما عن الحلول البديلة، فيتفق الخبراء البيئيون على ضرورة التمسك بخيار فرز النفايات وإعادة تدوير ما يمكن من النفايات. ويشير أبي راشد إلى الإقتراح الذي قدمته “الحركة البيئية” منذ شهر، والذي تضمن “حلولا بسيطة وسهلة يمكن تطبيقها في هذه المرحلة الإنتقالية، وهي تقضي بأن تتولى البلديات في هذه المرحلة عملية الفرز، وبأن تستلم الإدارات المعنية النفايات العضوية فقط والتي يبلغ حجمها 1800 طن يومياً، وهي كمية يمكن لمعملي العمروسية والكرنتينا إستيعابها، ليتم نقلها الى عقار تفرض الدولة على كل منطقة تأمينه، ويتم عند ذلك تحويل النفايات العضوية الى سماد”. علماً أن “الحركة قد أجرت دراسة سابقاً لمساحة العقارات التي تحتاجها العملية، ووجدت أن مساحة 90 ألف متر كافية لذلك. وقد تبرع أحد مالكي الأراضي في البقاع بمساحة مناسبة لتجميع النفايات فيها سابقاً، ولكن تم تجاهل هذا الموضوع”.

يمكن أن لا تكون “خطة شهيب” الأفضل، ولكن الحكومة لا تستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي حيال الكارثة البيئية التي يمكن أن تحل بلبنان في حال تساقط الأمطار ولم ترفع النفايات من الشوارع والمكبات العشوائية. والأسئلة التي تطرح في هذا السياق: هل ستسير الحكومة في “خطة شهيب” كحل “أمر واقع” بالرغم مما يثار في وجهها من اعتراضات، مكثفة اتصالاتها السياسية لاتاحة تطبيق هذه الخطة، أم أنها ستلجأ إلى خيارات أكثر كلفة وذات عقبات تقنية، كانت “لجنة شهيب” قد لوحت بها؟ ومن يضمن أن هذه الاقتراحات البديلة ستلقى قبولاً “شعبياً”؟