تيم برادشو وهانا كوشلر وماثيو جاراهان
في عام 2007 قطعت “أبل” خطواتها الأولى في سوقين من الأسواق الجديدة الضخمة. أحد المنتجات واصل طريقه لإعادة تشكيل صناعة التكنولوجيا، بحيث أخضع المنافسين المتمترسين ودفع “أبل” لتُصبح الشركة الأكثر قيمة في العالم. لكن المُنتج الآخر فشل في إحداث ثورة في أي شيء تقريباً، على الرغم من إعادة التشغيل في عام 2010.
بدأ التركيز على الحظوظ المُتناقضة لجهاز الآيفون وتلفزيون أبل يوم الأربعاء من قِبل الرئيس التنفيذي تيم كوك نفسه، حين أصرّ على أن – هذه المرة – “أبل” كانت جادة بالفعل بشأن تحويل التلفزيون.
قال في حفل إطلاق منتجات “أبل” في سان فرانسيسكو “لقد كانت تجربة التلفزيون راكدة تقريباً، في حين إن الابتكار كان يزدهر في مجال الهاتف الخلوي”.
ويأمل كوك أن تتمكن “أبل” من استخدام قواعد كتاب التطبيقات والألعاب وبرنامج سيري في جهاز الآيفون لتكرار نجاح هاتفها الذكي. قال “رؤيتنا للتلفزيون بسيطة، وربما مُثيرة للاستفزاز قليلاً. نحن نعتقد أن مستقبل التلفزيون هو التطبيقات”.
بالنسبة إلى بعضهم هذا المستقبل كان قادماً منذ فترة طويلة. فقد مضى أربعة أعوام منذ أن أخبر ستيف جوبز، المؤسس المُشارك لـ “أبل”، كاتب سيرته الذاتية، والتر إيزاكسون، أنه استطاع “أخيرا اقتحام الفكرة” بجهاز تلفزيون مُتّصل بخدمة السحابة سهل الاستخدام. وحتى كوك اعترف بأن أبل كانت تبذل “جُهدا كبيرا فعلا – ومنذ فترة طويلة فعلاً – من أجل جمع هذه الأشياء معاً”.
تصريح “أبل” الواضح بطموحها قد يكون أكثر أهمية من التكنولوجيا التي كشفت النقاب عنها يوم الأربعاء.
في سماته ووظائفه، المُنتج الجديد يجعل إلى حد كبير شركة صناعة جهاز الآيفون تحاول اللحاق بقدرات الألعاب، والبحث والتحكّم الصوتي المتوافرة أصلا على أجهزة المنافسين، مثل “فاير تي في” من أمازون و”نفيديا شيل” القائمة على نظام أندرويد.
والتحكّم عن بُعد الحساس للحركة يحمل شبها قويا بنظام الألعاب “نينتيندو واي” الذي تم إصداره قبل عام من وصول “أبل” إلى غرفة المعيشة لأول مرة. وهذا يجعل تصريح النوايا الصادر عن كوك أكبر أهمية بكثير.
وقال سايمون خلف، النائب الأول لرئيس “ياهو”، التي استحوذت على شركته فلوري لتحليلات الهاتف الخلوي في العام الماضي “نحن نعتقد أن الصناعة تواجه عاصفة مثالية: التطبيقات؛ متجر التطبيقات من “أبل” وشركة أبل”. وأضاف أن “مناسبة يوم الأربعاء أرسلت طلقة تحذيرية لصناعة تلفزيون الكيبل بشكل خاص وصناعة الإعلام بشكل عام”.
عند مقارنة تحليلات شركة فلوري بأرقام الحكومة الأمريكية في مشاهدة التلفزيون، يقول خلف “إن الأمريكيين قضوا في المتوسط 198 دقيقة في استخدام التطبيقات يومياً في الربع الثاني، متجاوزة 168 دقيقة في مشاهدة التلفزيون”.
وكتب في مدوّنة “إذا استمر المحتوى في الانتقال إلى التطبيقات والتدفّق عبر الأسلاك، فسيتم ببساطة الضغط على صناعة الكيبل وستخسر مكانتها الحصرية باعتبارها قناة توزيع بين شركات الإعلام والمستهلكين في الولايات المتحدة”.
وفرصة “أبل” ليست فقط في مجال البرمجة التقليدية، لأن تلفزيون أبل باعتباره جهازا يُركّز على عالم الإنترنت بدلاً من عالم البث التقليدي، يُمكن أن يُصبح المنصة المثالية لنجوم موقع يوتيوب.
فرانك سينتون، الرئيس التنفيذي لشركة بيش فرونت ميديا، قال “إن عددا من أصحاب النفوذ على موقع يوتيوب اتصلوا به بشأن تأسيس تطبيق تلفزيون أبل الخاص بهم في الفترة التي تسبق الإطلاق”. وتستحدث شركة بيش فرونت التطبيقات على منصات مثل “فاير أمازون” لمُبتكري مقاطع الفيديو الأفراد، مثل نجمة الموضة ميشيل فان، الذين حشدوا مُتابعين على موقع يوتيوب ويُريدون أخذ مُشجّعيهم الأكثر ولاءً معهم إلى المنصات الأخرى.
وأضاف “هذا هو التحوّل الكبير: يستهلك المستخدمون التلفزيون من خلال إطلاق تطبيق، وليس التقليب بين القنوات”، مُضيفاً أن “هذا يسمح بتجربة مُستخدم أكثر ثراءً وأكثر تفاعلية”. وأشاد سينتون بشركة أبل لإنجازها “ما كان كل جهاز تلفزيون ذكي يحاول إنجازه منذ خمسة أعوام” من خلال إنشاء متجر تطبيقات بسيط وقوي. وقال “إن شركات صناعة التلفزيون الذكي، مثل سامسونج وإل جي، استحدثت منصات مُرهِقة جداً”.
لكن مراقبي وسائل الإعلام كانوا مُتشككين في أن تلفزيون أبل الذي تم تجديده سيكون له تأثير كبير في القطاع.
وقال مايكل ناثانسون، المحلل في شركة موفيت ناثانسون “إن صناعة التلفزيون كما هي مبنيّة اليوم مُربحة بشكل لا يُصدّق وتعمل بشكل جيد بالنسبة إلى شركات المحتوى”.
وتابع “أنا لا أعرف كيف ستنتقل من الأنموذج الاقتصادي الذي خلق قيمة بمليارات الدولارات – الذي هو قائم على حزمة – إلى أنموذج تطبيقات حسب الطلب. ليس هناك حافز للشركات مثل فوكس وديزني وتايم وارنر التي حقّقت الأموال من جمع قنواتها ضمن حُزم للانتقال إلى عالم تحرّكه التطبيقات”.
وتلفزيون أبل الذي تم تجديده يوفّر وظائف بحث واكتشاف مُحسّنة. لكن المُستهلكين سيحتاجون إلى الاشتراك ببعض من خدمات البث الكثيرة المتوافرة – أو شراء برامج بشكل فردي من الآيتيونز – للاستفادة الكاملة من هذه الوظيفة.
وبحسب أحد مراقبي الصناعة “إذا لم يكُن لديك اشتراك فلن تشاهد أي شيء على الإطلاق”.
ونقطة الانعطاف الحقيقية لـ “أبل” ربما تكون في المستقبل. وبحسب مصادر مطلعة، كانت الشركة تُجري مُناقشات مع شبكات الكيبل وغيرها من مالكي المحتوى بشأن تقديم خدمة اشتراك بث مُشابهة للحزم التي يوفّرها مُشغّلو الكيبل والأقمار الصناعية.
والخدمة التي من هذا القبيل ستتنافس مع الشركات، مثل كومكاست وتايم وورنر كيبل، وهما من أبرز شركات تشغيل التلفزيون المدفوع في الولايات المتحدة، إلى جانب تلفزيون سلينج، من ديش نيتويركس، وبلاي ستيشن فيو، من سوني.
ووفقا لمحللين، حزمة تلفزيون أبل يتعين عليها أن تكون منافسة في أسعارها بالنسبة إلى المستهلكين وتقدم حوافز كافية لمالكي القنوات من أجل أن تجعل محتواها متاحا. وبحسب ناثانسون “لا بد أن يتم تحفيز مالكي المحتوى للانتقال إلى هذا النوع من النماذج. وسيستغرق التحول فترة لا بأس بها”.