Site icon IMLebanon

تحذيرات من انهيار وشيك للدينار العراقي

iraqi-dinar
أحمد النعيمي

حذر خبراء اقتصاديون من انهيار وشيك للدينار العراقي، وسط فوضى أمنية واقتصادية عارمة تعصف بالبلاد، وعدم قدرة الدولة على دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين ومستلزمات الحرب الدائرة مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”؛ الأمر الذي دفع آلافاً من الشباب العراقيين إلى الهجرة إلى أوروبا، فيما يصارع ملايين العراقيين في الأنبار والموصل وصلاح الدين شظف العيش، بعد قطع الدولة لرواتبهم. وقال الخبير الاقتصادي، مازن العبيدي، إنَّ “الثماني سنوات الماضية من حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، شهدت هدراً تاريخياً لأموال وميزانية العراق بالكامل على مشاريع وهمية ووزارات استحدثت لأجل المحاصصة بين الأحزاب، وليس لأجل حاجة البلاد”. وأضاف: “وأهدرت الحكومة أكثر من 800 ترليون دينار عراقي، عدا ما خفي من مبالغ بمليارات الدولارات، لا أحد يعرف حتى الآن أين ذهبت، وبالتالي أفرغت خزينة العراق”. وبين العبيدي لـ “العربي الجديد” أنَّ “احتمالات انهيار وشيك للدينار العراقي أمام الدولار الأميركي أصبحت كبيرة، فالدولة اضطرت للاقتراض من المصارف الأهلية لتغطية النفقات، وأعلن البنك المركزي عزمه عن بيع سبائك الذهب للمواطنين لدعم السيولة المالية، فيما كان البرلمان العراقي أقر موازنة عام 2015 على سعر 56 دولاراً للبرميل الواحد، فيما يشهد النفط تذبذباً وانخفاضاً واضحاً، إزاء التغيرات الإقليمية والحرب على “داعش”، حيث انخفض إلى 45 دولاراً للبرميل أمام كلفة الاستخراج التي تصل إلى 6 دولارات؛ وهذا يعني عجزاً بمقدار 17 دولاراً للبرميل الواحد”.

وعزا مراقبون سبب انهيار الدينار المحتمل إلى سوء إدارة الحكومات المتعاقبة، وتحميل ميزانية الدولة مبالغ طائلة، ودفع رواتب لعشرات آلاف الوظائف والعناوين الوهمية في مختلف أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والخدمية. وقال المصرفي سالم العامري أنَّ “هناك عدة عوامل ستؤدي إلى انهيار الدينار العراقي، أبرزها قلة واردات النفط لسد عجز الميزانية، في ظل الحرب الدائرة في نصف مساحة البلاد مع تنظيم “داعش”، والانخفاض المستمر لأسعار النفط عالمياً ما يعني عجزاً كبيراً في ميزانية البلاد”. واعتبر أنَّ “التدهور الأمني الذي تشهده البلاد زاد الطلب كثيراً على شراء الدولار من السوق؛ ما يعني زيادة في الطلب أكثر من العرض، وبالتالي رفع سعر الدولار تدريجياً أمام الدينار العراقي”. وكانت انتقادات شديدة وجهها برلمانيون للبنك المركزي العراقي في يونيو/حزيران الماضي، حيث شهد الدولار ارتفاعاً أمام الدينار العراقي وصل إلى 1360 ديناراً للدولار الواحد.

واتهم نواب في تصريحات سابقة البنك المركزي بالتخبط في سياساته، وقالت عضو لجنة الاقتصاد النيابية في تصريح صحافي سابق إنَّ” البنك المركزي يضيف 8 في المائة على الطلبات المقدمة من الشركات والتجار لشراء الدولار، ويقتضي بيع الدولار لهم بشكل مباشر استيفاء ضريبة، قدرها 5 في المائة وجمارك بقيمة 3 في المائة؛ ما يرفع في النهاية سعر الدولار أمام الدينار العراقي”. وكان مجلس النواب العراقي أقر موازنة 2015 على أساس سعر برميل النفط بمقدار 56 دولارا للبرميل الواحد، وبمعدل تصدير 3 ملايين برميل يومياً. من جانبه قال الخبير المالي جبار الفضلي لـ “العربي الجديد” الحكومة محرجة، ولا تريد أن تصرح بعدم قدرتها على صرف النفقات، بدءاً من رواتب الموظفين والمتقاعدين التي أوقفتها منذ ثلاثة أشهر في المحافظات الساخنة، وانتهاء بالنفقات المطلوبة للعمليات العسكرية الجارية؛ والتي توقف أغلبها لضعف التمويل”. وأوضح الفضلي “هناك هدر كبير في العملة الصعبة على مشتريات ونفقات التسليح، وبيع الدولار مباشرة للشركات والتجار أمام قلة واردات النفط وانخفاض سعر النفط عالمياً؛ وهذا يرفع قيمة العجز في الموازنة، وهنا بدأت الدولة الاقتراض من البنوك الأهلية؛ وهي بحاجة إلى الاقتراض من البنك الدولي لسد عجز الموازنة، ودفع رواتب الموظفين خلال الأشهر القليلة المقبلة”.

ويتخوف المواطنون من انهيار الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي؛ لأنه يعني حصول كارثة إنسانية، وقد لا تستطيع الدولة دفع رواتب ومستحقات المواطنين خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وفيما يتجه العراق إلى إصدار أول سندات بالدولار منذ الغزو الأميركي، قالت مصادر في حي المال البريطاني في الشهر الماضي، إن مؤسسات التصنيف الائتماني متحيرة في تقييم هذه السندات، في ظل الظروف السياسية غير المستقرة التي يعيشها العراق وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على جزء كبير من أراضيها.
وحسب نشرة (سيتي أيه أم) التي تصدر في لندن، يخطط العراق لإصدار سندات دولية قيمتها 6 مليارات دولار. وسيتولى كل من مصرفي “سيتي غروب” و”جي بي مورغان” الأميركيين، إضافة إلى مصرف “دويتشه بنك” الألماني إدارة السندات وتسويقها عالمياً.
وحسب توقعات مصادر في حي المال لنشرة “سيتي أيه أم”، فإن مؤسسات التصنيف ستتعامل مع هذه السندات على أنها “سندات خردة”، وسط المخاطر السياسية التي يعيشها العراق.
ويتكاتف الفساد السياسي والاقتصادي وسرقات عشرات المليارات من المال العام ليرفع العجز في الميزانية، ويجعل البلاد غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها.