قال رياض مليتي، الرئيس التنفيذي لشركة “أرقام كابيتال”، أبرز مؤسسات الوساطة المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اليوم الإثنين، أن انخفاض أسعار النفط خلال الفترة الماضية وضع عدة تحديات كبرى أمام اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، متوقعا، أن تسجل معظم دول الخليج عجزاً في ميزانياتها العمومية وحساباتها الجارية خلال الفترة القادمة.
وأضاف المليتي، الذي كان يتحدث على هامش مؤتمر صحفي عقد بالعاصمة أبوظبي، أن انخفاض النفط كان له تأثير سلبي جزئي أيضا على أسواق الأسهم في المنطقة على مدى الأسابيع القليلة الماضية ما تسبب في حدوث بعض التقلبات التي كانت حادة جداً في بعض الأحيان.
وتابع “على الرغم من ذلك، لا نتوقع أن تلجأ دول مجلس التعاون الخليجي إلى التعجيل في تغيير السياسات المالية لدولهم، على غرار اقتصادات هيدروكربونية أخرى لجأت إلى تدابير مثل تخفيض قيمة العملة أو الحد بشكل كبير من حجم الإنفاق الحكومي”.
كان صندوق النقد الدولي قال في يونيو / حزيران بعد مشاوراته السنوية مع دولة الإمارات العربية المتحدة إنه من المنتظر أن تسجل الإمارات أول عجز للمالية العامة منذ عام 2009 بسبب هبوط إيرادات النفط. بينما تتوقع السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ان تسجل عجزا قدرته عند 145 مليار ريال (38.65 مليار دولار).
وقال المليتي إن الاقتصادات الخليجية يمكنها سد العجز الذي قد يحدث عبر اللجوء لسحب جزء من الاحتياطيات النقدية الكبيرة المتاحة في صناديقها السيادية أو إصدار أدوات دين تمكنها من الحصول على الموارد المالية اللازمة.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة “أرقام كابيتال”، ان الرؤية الاقتصادية العالمية لاتزال تتسم بانعدام الوضوح، حيث يشوب التوقعات بعض الغموض مع تباطؤ النمو في الصين وتراجع قيمة عملتها، واحتمالات قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة، وخفض توقعات النمو لاقتصاد منطقة اليورو، مما يمهد الطريق لاتخاذ تدابير تخفيف كمي محتملة.
ولفت إلى أن الأسواق الناشئة باتت تواجه حالياً واحداً من أصعب التحديات خلال العقدين الماضيين، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة حسب السوق، وهو ما تُرجم مؤخرا إلى تقلبات حادة في أسواق المال وخسائر كبيرة في قيم الأسهم والعملات.
وأضاف قائلا: “يكمن المحركان الرئيسيان وراء الاضطرابات الحالية التي تعيشها الأسواق الناشئة في أمرين وهما التباطؤ الاقتصادي الناجم عن انخفاض الطلب الصيني على المواد الخام، والذي أثر بشدة على مُصدِّري السلع الأساسية؛ والرفع الوشيك لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مما وضع ضغطاً أكبر على الاقتصادات الناشئة مقارنة بأي وقت مضى، وأدى إلى هروب جماعي كبير لرؤوس الأموال. وقد ضغطت هذه التدفقات الخارجة بشدة على عملات الأسواق الناشئة مما أدى إلى تراجع قيمها أمام الدولار الأمريكي، ليقود ذلك إلى تراجع واردات هذه الأسواق وكبح جماح نمو اقتصاداتها”.
وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية للاقتصاد الأفريقي، أكد رياض مليتي أن القارة الأفريقية قدمت نظرة مختلطة، مشيراً أنه في حين واصلت بعض الاقتصادات غير النفطية تسجيل أداء جيد جداً، وجدت اقتصادات أخرى ممن تعتمد على تجارة السلع، نفسها في موقف صعب مع تراجع معدلات نموها وضعف عملاتها.
وعلق مليتي قائلاً: “من المثير للاهتمام أن مصر تعتبر الأفضل بين بقية الاقتصادات الأفريقية من حيث آفاق النمو والجاذبية الاستثمارية، حيث من المتوقع أن تشهد البلاد تعافياً اقتصادياً قوياً تدعمه إصلاحات مالية واقتصادية جريئة.
وكانت مصر قد خفضت الدعم المحلي عن المواد البترولية بشكل تدريجي، واتخذت إجراءات تهدف إلى تحسين ظروف عمل شركات الطاقة الأجنبية وقامت بتوسيع القاعدة الضريبية للمجتمع المصري ما حسن من إيراداتها المالية بما يعادل نمواً بنسبة 2% في الناتج المحلي الإجمالي.
وتوقع المليتي، أن يكون لاكتشاف حقل الغاز الضخم قبالة السواحل المصرية تأثيرٌ إيجابيٌ كبير على الاقتصاد المصري، وأن يسهم في اجتذاب كبريات شركات الطاقة الدولية وأن يضع البلاد مجدداً على قائمة الدول المصدرة للغاز.
كانت الحكومة المصرية أعلنت قبل أسبوعين، عن اكتشاف أكبر حقل غاز في البحر المتوسط، بالتعاون مع شركة الطاقة الإيطالية “إيني”، واصفاً الحقل بأنه “الأكبر على الإطلاق” الذي يكتشف في البحر المتوسط.