تلقّت «الأخبار» اتصالاً من مكتب وزير المال علي حسن خليل لإبلاغها أن الوزير ألّف لجنة فنية وإدارية لدراسة ملف الصفقة، وأنه يطلب إفادته عن أي معلومات تتعلق بصفقة تلزيم طباعة الطوابع المالية بالتراضي، التي فازت بها شركة «الخوري»، وذلك في ضوء المعطيات الواردة في تقرير نشر السبت الماضي بعنوان «الفساد بالتراضي» .
كذلك ردّت الوزارة في بيان مكتوب، مشيرة إلى أنها علّقت عقد الاتفاق مع الشركة (الخوري للتجارة والتعهدات) وأحالت الملف للتدقيق… خطورة هذا الطرح أنه يسعى لاحتواء الفضيحة ولملمتها عبر لجنة تدرس الملف الناتج عن تلزيم بالتراضي، فيما المشكلة تقع في أصل التلزيم اي في التلزيم بالتراضي.
ردّ خليل
ردّ وزير المال علي حسن خليل، على التقرير، وبحسب بيان المكتب الإعلامي، فإن وزارة المال «تؤكد أن الصفقة جرت وفقاً للأصول القانونية والآليات المتبعة، وانها راعت في التلزيم الاخير تحديث المواصفات الفنية واستخدام الورق اللاصق بدلاً من الورق الشمعي الذي يجعل امكانية استخدام الطابع مرة أخرى أمراً مستحيلاً، بالاضافة الى توحيد السعر الذي كان يعتمد قيمة الطابع للتسعير بدلاً من حجمه وجرى تأمين وفراً على الخزينة لانخفاض السعر مع اشتراط تقديم 15% من الكمية بشكل مجاني والالتزام بالضمانات وشروط السرية، علماً ان توقيت التلزيم والكميات تحددها الادارة وفقاً لتقديرات اعتمدت منذ سنوات طويلة وهي موثقة في الوزارة». وأضاف أن ملف التلزيم أحيل إلى «ديوان المحاسبة الذي درسه ووافق عليه وفق الأصول وأحاله الى وزارة المالية للتصديق والتبليغ».
ونقل البيان عن الوزير خليل أنه «لم يعط إذن مباشرة بالعمل (للشركة الملتزمة) لتاريخه، وأصدر قراراً بتعليق عقد الاتفاق وأحال الملف للتدقيق في بعض ما ورد حول ملاحظات فنية وإدارية وإجراء المقتضى مع الأجهزة الرقابية». وشدّد أيضاً على رفض تغطية أي صفقة مشبوهة ويصر على متابعة هذا الملف وغيره الى النهاية، آملاً أن لا يكون خلف تسريب معطيات بهذه الصيغة مصالح خاصة لمن يمارس احتكاراً بالتراضي لهذه الصفقات لمدة عشرات السنين».
وقائع ذات صلة
في الواقع، إن بيان المكتب الإعلامي لم ينف أي من المعطيات الواردة في التقرير، وخصوصاً لجهة المخالفات التي تحدّث عنها تقرير المراقب في ديوان المحاسبة، الذي اقترح عدم الموافقة على ملف التلزيم، ولا يردّ أيضاً على استعمال صفقات التراضي لتلزيمات وزارة المال، بل اكتفى بتبرير الاستمرار فيها نسبة إلى كونها من «الأصول المتّبعة». إدراج كلمة «المتبعة» لا يعفي أي مسؤول من التصحيح والإصلاح، ولا يلغي مسوؤلية وزير المال في العودة إلى الأصول القانونية والإجراءات المنصوص عنها في قانون المحاسبة العمومية، بل إن ما ورد في الردّ يتضمن إقراراً بأن صفقات التراضي هي قاعدة التلزيمات برغم عدم تقديم أي مبرّر لاستعمال عقود التراضي.
بالنسبة إلى مواصفات الطوابع الحديثة، فثمة سؤال موجّه إلى الوزارة: هل لدى وزارة المال مستودعات ذات مواصفات قادرة على حفظ الطوابع اللاصقة؟ وإذا كان هدف وزارة المال أن تحقق وفراً على الخزينة، كما تقول، فعليها أن تجري مناقصات مفتوحة، وتضع دفتر شروط واضحا يسمح بالتنافس بين الشركات للحصول على أرخص سعر، وهو ما لا يمكن إجراؤه في إطار التلزيم بالتراضي. فالخلل ليس في آلية التنفيذ، بل في الآليات المتبعة المشار إليها في بيان الوزير، لأنها «العرف» الذي يريد المسيطرون على الحكم منذ ربع قرن تكريسه بدلاً من القوانين، والمشكلة هي أصلاً وحصراً في مبدأ تجاوز المناقصات العلمية الضرورية في أي حالة مشابهة.
ويضاف إلى مصدر الشبهات حول الصفقة، أن الشركة الملتزمة، أي الخوري للتعهدات والتجارة، هي الشركة التي كانت تحظى برعاية كبيرة في تلزيمات وزارة الصحة العامة في السنوات الماضية.
ومن البديهي القول إن «الأخبار» ليست معنية بأي خلافات سياسية جانبية في هذا الملف أو في غيره، وهي لا تستند في معلوماتها إلى هذا الجانب، فضلاً عن أنها لا تقف على خاطر أي شركة أو متعهد، بدليل أنها سبق أن كشفت عن مخالفات لشركات أخرى كانت تسعى لأخذ عقود وفق مبدأ التراضي.