هاجر كنيعو
لم يعد يخفى على أحد أن عددا كبيرا من المقاولين بات مهددا بالافلاس لعدم تسديد كشوفاتهم المستحقة عن مشاريع نفذت لصالح الادارات الرسمية، في وقت تشهد فيه البلاد ازمات عديدة سياسية واقتصادية خطيرة.
وما الزيارة التي قامت بها نقابة المقاولين اللبنانيين إلى رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان الأسوبع الفائت ، سوى صرخة تحذيرية «للافلاس الحتمي والتوقف القسري ما سينعكس سلبا على باقي القطاعات الاقتصادية التجارية والصناعية والمصرفية».
وبالعودة إلى جوهر الأزمة، تلجأ الدولة، وفقاً لقانون البرنامج Loi De Programme، الى عقد التزام مع المتعهدين بمباشرة تنفيذ مشاريع عامة قبل توافر الاعتمادات على ان يتم تقسيطها على 5 سنوات. فعل سبيل المثال لا الحصر، تم تخصيص اعتماد لبرنامج الاشغال المائية والكهربائية مقداره 1200 مليار ليرة من 2001 – 2010، وبنتيجة تخفيض إعتمادات الدفع في الموازانات السابقة، تم تمديد دفع المستحقات الى السنة 2018.
يوضح عضو مجلس نقابة المقاولين مارون حلو لـ«الديار» أن المشاكل المالية والمهنية التي تعترض عمل المقاولين تتفرع إلى 6 أمور هي:
1- وزارة الاشغال: بلغت قيمة المتوجب بذمة الدولة (وزارة الأشغال) ما يقارب مبلغ 15.7 مليار ليرة لبنانية منذ أكثر من 10 سنوات وبالرغم من انهاء عمل مكتبP.I.U. ففي وقت ساهم البنك الدولي في تمويل 85% من مشاريع البنية التحتية ، لا تزال الدولة اللبنانية عاجزة عن تسديد الأموال المتوجة عليها (15% من القيمة) منذ عشر سنوات.
2 – مجلس الإنماء والإعمار: نتيجة الإتفاق الذي تمّ التوصل اليه ما بين وزير المالية ورئيس مجلس الإنماء والإعمار والذي تقرر بموجبه تحويل مبلغ 20 مليار ليرة لبنانية
شهريا من وزارة المالية الى المجلس لتسديد متوجبات كشوفات المتعهدين المستحقة لهم اعتبارا من اول السنة 2015، فقد جرى تحويل 20 مليار في الأشهر الثلاثة الأولى و12 مليار مؤخرا بحيث بلغ مجموع المتأخرات 8 مليار عن شهر نيسان و20 مليار عن كل من اشهر ايار، حزيران، وتموز ما مجموعه 88 مليار ليرة لبنانية بذمة وزارة المالية لصالح مجلس الإنماء والإعمار.
3 – اصدار الحوالات: الحوالات المتأخرة بلغت قيمة مستحقاتها 50 مليار ليرة لبنانية.
4 – المصالحات: مصالحات متوقفة منذ سنة 2002 بالرغم من وجود قرار في وزارة الأشغال بدفعها وحتى اليوم لم يتم قبضها من قبل المتعهدين وقد بلغت قيمتها حوالى 8 مليار ليرة لبنانية.
5 – فروقات الأسعار: متأخرات بلغت قيمتها حوالي 90 مليار ليرة لبنانية اولها القرار رقم 60 المعدل بالقرار رقم 187 وقد صدر بموجبه القرار النهائي عن مجلس الوزراء الذي قضى بالتعويض على جميع المتعهدين، سددت بموجبه بعض الوزارات المتوجب عليها باستثناء متعهدي وزارة الأشغال العامة.
6 -المرافىء: مستحقات متوجبة بذمة الدولة عن مرافىء عمشيت والدورة والقلمون بقيمة 20 مليار ليرة لبنانية تقريبا من دون فتح إعتمادات.
هذه التحديات التي تواجه المتعهدين لا تقتصر على الإشكاليات المتعلقة بتلزيم الصفقات او تنفيذ بنود عقد الاشغال او تأخير وزارة المال عن سداد المستحقات، إلى جانب مشكلة نقص السيولة للمتعهدين، .بل هناك مسألة مستحدثة وفق حلو تتعلق بمؤشر الاسعار والزيادات التي تتصاعد من دون ان يكون لها انعكاس في الداخل اللبناني « إذ أن التجار يلجأون إلى شراء مواد البناء لاسيما الإسفلت أو «الزفت» بأسعارها الثابتة دون أن يطرأ عليها أي تغيير تأثراً في هبوط أسعار النفط عالميا والذي ينعكس إيجاباً في خفض أسعار المشتقات النفطية، أي لا يتم إعتماد الأسعار الدولية ، بحيث تحول إلى مؤشر سلبي في السوق اللبنانية، لذا لا بد من إعتماد المؤشر المحلي للأسعار».
تراجع قيمة الأشغال 30%
مما لا شك فيه أن لركود الاقتصادي خلال الاعوام الخمسة الماضية أثر كبير على هذا القطاع، إنطلاقاً من حجم الضرر الذي لحق بشركات البناء وتعهدات الاشغال العامة وفق ما يقول حلو «اذ ان تراجع نمو الناتج المحلي وعجز الموازنة انعكسا سلبا على تحفيز الاستثمار في البنى التحتية بحيث أن قيمة الاشغال لا تزال متراجعة بنسبة 30%. هذا الأمر لا ينطبق على حركة البناء في القطاع الخاص، الذي وصفه حلو بالقطاع «الناشط» رغم تراجع حركة البيع والشراء بنسبة 15% ، وإن بدأت تتلمس حركة بناء الشقق السكنية تراجعاً طفيفاً ، إلا أنه على خلاف ذلك، تشهد حركة بناء الدارس ، والجامعات والمستشفيات حركةً ناشطة جداً.
ووفق إحصاءات نقابتي المهندسين في بيروت وطرابلس، بلغت مساحات البناء المرخص بها 1080 ألف متر مربع في حزيران الفائت مقابل 1056 ألف م2 في الشهر الذي سبق و1254 ألف م2 في حزيران 2014. وبذلك تكون مساحات البناء الإجمالية بلغت 5,946,566 متراً مربعاً في الأشهر الخمسة الأولى من 2015، بتراجع 19% على أساس سنوي. ويظهر توزع الرخص الممنوحة بحسب المناطق أن جبل لبنان إستأثر بحصة الأسد مستقطباً 47,2% من مجموع الرخص تلاه لبنان الشمالي (18,8%) ثم لبنان الجنوبي (11,6%) فالنبطية (8,7%) ، فالبقاع ( 8,4%) ، وأخيراً بيروت (5,1%) . في موازاة ذلك، إنخفضت كميات الإسمنت المسلّمة بنسبة 20,4% على أساس سنوي ، بتراجعها من 2,261,073 طناً في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2014 إلى 1,800,689 طناً في الفترة ذاتها من العام 2015.