Site icon IMLebanon

مشاكل الاقتصاد الحقيقي تفاقم علة الأسواق الناشئة

تركيا التي تعد واحدة من البلدان المتأثرة بالرياح الاقتصادية المعاكسة.
تركيا التي تعد واحدة من البلدان المتأثرة بالرياح الاقتصادية المعاكسة.

جيمس كينج وجوناثان ويتلي

هل الأسواق الناشئة غارقة بالفعل في “أزمة”؟ مسألة متى يُمكن تطبيق هذا الوصف على حظوظ الأسواق الناشئة المُتفكّكة أكثر من مجرد مسألة نظرية. كلمة “أزمة” لديها طريقة في تثبيت التصوّرات بين المستثمرين والتنفيذيين وصنّاع السياسة.

لكن الكلمة بدأت تطفو على السطح. دومينيك روسي، كبير الإداريين العالميين للاستثمار في شركة فيديليتي ويرلد وايد إنفستمينت، التي تستثمر 290 مليار دولار لعملائها، أشار إلى “أزمة أسواق ناشئة” في “فاينانشيال تايمز”. كذلك الأسبوع الماضي أصدر معهد التمويل الدولي، وهو جمعية ذات تأثير في الصناعة، تقريراً يقول إن الانخفاض في أسهم وعملات الأسواق الناشئة “وصل إلى مستويات تعادل مستويات الأزمة”.

هناك مُحللون آخرون يعترضون، وحتى بعض الذين يستخدمون الوصف حريصون على تعديله. يقول المعترضون إن الفرق الكبير بين الموجة الحالية من ضعف الأسواق الناشئة و”الأزمة الآسيوية” في أواخر التسعينيات – الانهيار الاقتصادي الذي نشأ في العالم النامي – هو أن هذه الواقعة تطوّرت على مدى عدة أشهر، في حين أن الأزمة الآسيوية كانت صدمة مفاجئة.

وقال ديفيد لوبين، رئيس اقتصاديات الأسواق الناشئة في سيتي جروب: “باللغة الطبيّة، حالة المريض مُزمنة، وليست حادة”. وأضاف: “الأسواق الناشئة لديها مشكلة دائمة تَنتُج عن اثنتين من الصدمات التي لا يُمكن عكسهما. الأولى هي نهاية عصر شهد نموا سريعا يقوده الاستثمار في الصين. والأخرى تراجع نمو التجارة العالمية إلى مستويات لم نشهدها منذ جيل”.

نقاط الضعف التوأم هذه تعطينا سمة مميزة للتعريف. الضيق الحالي في الأسواق الناشئة كان مدفوعاً حتى الآن من ضعف الاقتصاد الحقيقي أكثر مما هو من ضغوط الأسواق المالية.

وفي أعقاب الأزمة المالية عام 2008/ 2009، الديناميكية في اقتصادات الأسواق الناشئة ساعدت في جرّ العالم مرة أخرى إلى النمو، بينما استُنزِف الزخم الآن تقريباً. وفي النصف الأول من هذا العام أصبحت الأسواق الناشئة بمثابة الخصم الصافي لنمو التجارة العالمية للمرة الأولى منذ عام 2009، بحسب بيانات جمعتها شركة أكسفورد إيكونوميكس للأبحاث.

ومن حيث الناتج المحلي الإجمالي، من المرجح أن ينخفض نمو الأسواق الناشئة إلى 3.6 في المائة هذا العام، وهو أدنى مستوى منذ عام 2001 – إذا تم استثناء أزمة عام 2008 /2009 التي نشأت في الولايات المتحدة، وبالتالي كانت بمثابة صدمة خارجية بالنسبة للأسواق الناشئة. لكن التأثير على اقتصادات الأسواق الناشئة المُصدّرة للسلع الأساسية شديد بشكل خاص، مع انخفاض متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي بسرعة نحو الصفر.

وقال نيل شيرينج، كبير خبراء اقتصاد الأسواق الناشئة في شركة كابيتال إيكونوميكس في نيويورك: “هذا ليس تكراراً لسلسلة الموجات التي انتشرت في جميع الأسواق المالية في العالم في أواخر التسعينيات وأدت إلى الإخفاقات المصرفية الشاملة. إنها أزمة نمو”.

ولاحظ أن جزءا من تلك الأزمة كان بسبب ضعف الطلب: عكس تدفّقات رأس المال، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، وتباطؤ نمو الائتمان. وجزء آخر بسبب المشكلات الهيكلية من جانب العرض، مثل سوء توزيع الموارد في الصين، واستمرار انخفاض الاستثمار في البرازيل وروسيا، والتنظيم المُفرط في الهند والمكسيك.

وأضاف: “نعم، هناك نشاط كالغثاء في بعض الأسواق. نعم، تركيا تبدو ضعيفة. نعم، سأقلق بشأن عجز الحساب الجاري في جنوب إفريقيا. لكن لن يتم محو الاقتصادات بالطريقة التي كانت عليها الأرجنتين في عام 2001 أو البرازيل في عام 1999. نحن لم نشهد ذلك الألم الحقيقي المفاجئ. هذا يعتبر بمنزلة تحرّك بطيء”.

ديفيد هونر، المدير الإداري في بانك أوف أميركا ميريل لينش، قال إن اقتصادات الأسواق الناشئة تُعاني موجة انكماشية تؤدي إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي وإلى عملية بيع سريعة للأسهم والعملات. لكنه يتساءل: “الشيء نفسه ينطبق على أستراليا وكندا. فهل هما في أزمة؟”.

وخلاصة القول، بحسب هونر، هي أنه لا توجد أية أزمة في الأسواق الناشئة طالما العجز عن سداد الديون لا يُصبح مصدر قلق كبير.

وقال: “فيما يتعلّق بتلك المسألة، أسواق الائتمان لا تزال متفائلة، وكذلك نحن”، مُشيراً إلى أن الديون السيادية أصغر بكثير بالنسبة إلى احتياطيات النقد الأجنبي مما كانت عليه خلال الأزمات السابقة في الأسواق الناشئة. وأضاف أن استدامة ديون الشركات كانت أكثر إثارة للقلق.

لكن احتمال أن الاحتياطي الفيدرالي قد يرفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2006 يُضيف عدم اليقين إلى توقّعات الأسواق الناشئة القاتمة. هونج تران، العضو المُنتدب في معهد التمويل الدولي، يقول إن احتمال تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة أدى إلى تدفّقات خارجة كبيرة لرأس المال من الأسواق الناشئة، على الرغم من تباطؤ نمو الإنتاجية في الأسواق الناشئة.

وقال تران: “إن الرياح المُعاكسة اليوم أكثر حدّة مما كانت عليه في الأزمة الآسيوية. على الرغم من أن الصعوبات أقل حدّة مما كانت عليه قبل 15 عاماً، إلا أنها ستكون طويلة أكثر”.