ليس جديداً موقف “حزب الله” المتبني لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وليست جديدة الإطلالات الإعلامية الهجومية لأركان وأعضاء الحزب التي تروج لهذا الترشيح، لكن الجديد ما كشفه خطاب ناري للنائب نواف الموسوي الذي كشف الكثير من مكنونات حزبه وأهمها ازدراء العملية الديمقراطية وكل الحياة السياسية في لبنان.
وقالت مصادر إن الموسوي اعتبر أن الرئيس الفعلي والحقيقي يجب أن يكون رئيس “التيار الوطني الحر”، وإذا لم يحصل ذلك وذهبت الرئاسة إلى غيره، تكون سرقة موصوفة واغتيال للشراكة والتعددية والتوازن، داعياً “من يحمل سيف النقد على رئاسة الجمهورية، أن يزيح سيفه جانباً، وأن يسمح بإعادة الحق إلى أصحابه”.
من جهته، اعتبر قيادي وسطي “أن هذه النبرة الاستعلائية للنائب في حزب الله تعبر عن تجاهل فظ، لكل مبادئ الديمقراطية على طريقة التنظيمات الأصولية المتطرفة التي تشارك في الانتخابات، إذا ضمنت الفوز فيها، وإذا لم تربح تنقلب عليها فوراً”.
وقال القيادي لـ”السياسة” إن “حزب الله بسلوكه التعطيلي المعروف لاستحقاق الرئاسة، يفرض بقوة سلاحه معادلة “عون أو الفراغ وما تصريح الموسوي إلا تأكيد لذلك”.
وأضاف “إذا اعتبر البعض عن حق أن انتخابات الرئاسة تجري فعلياً خارج مجلس النواب، من خلال موازين قوى ومشاورات بين الفرقاء السياسيين محليين وخارجيين، للوصول إلى اسم توافقي، فإن كلام الموسوي يناقض روحية التوافق هذه، وهو لا يلغي الانتخابات وحدها، وإنما يريد إلغاء الفرقاء جميعاً، ليكون وحده من يقرر”.
وأكد أن توقيت هكذا خطاب ليس بريئاً، لأن “حزب الله” يشارك في طاولة الحوار الجديدة وعلى جدول أعمالها البند الأول هو رئاسة الجمهورية، لذا فإنه يوجه رسالة للجميع وفي مقدمهم راعي الحوار الرئيس نبيه بري، بأن لا يتفاءلوا بتحقيق أي نتيجة”.
واعتبر أن “الأمر مرهون بقرار إيراني صارم، بتعليق وضع لبنان على مذبح التفاهمات التي تريدها طهران مع الغرب حول ملفات المنطقة لذلك يجهض حزب الله الحوار وهو لا يزال في بداياته”.
وأضاف “في الخطاب نفسه تبرز الازدواجية في المواقف، فالموسوي يرحب بدعوة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، إلى ستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، وهو يقصد أن يساعده الجميع في الحرب التي يخوضها ضد بعض التنظيمات المسلحة في سورية، حرب افتعلها حزب الله” بنفسه حين تورط في أزمة خارج الحدود، فاستدرج هذه الأزمة إلى لبنان”.
ورأى أن “هذا يعبر عن عقلية وسلوكية الحزب الانتقائية، فهو يريد الدولة اللبنانية حسب الحاجة، ويرفضها ويعطلها ويسقطها أيضاً حسب الحاجة”، معتبراً أن “حزب الله” يتلطى خلف العماد عون لتعطيل الرئاسة، وقد بات معروفاً أنه لا يتمسك بترشيحه، إلا كورقة ضغط تسبب التعطيل والفراغ بداية، ثم تفيد على طاولة التفاوض الإقليمي لاحقاً. ولأن مواعيد التسويات لم تحن بعد، ولا يبدو في الأفق أي إمكان لحصول أي تفاوض، فإن لعبة رفع السقوف تصير مباحة، والواقع أن أحداً لا يأخذ على “حزب الله”، تبني ترشيح هذا أو ذاك، ولكن المستغرب أن يحتكر الحزب الأمر لنفسه، فيلغي الآخرين، على الأقل كلامياً.