فاديا دعبول
تحولت تسمية نهر الموت الواقع على الساحل الشمالي لمدينة بيروت الى فعل وواقع مؤلم، اذ لا يمكن للمرء ان يمر، بشكل خاص، تحت الجسر وفي محيطه، وعلى حدود النهر، الا ان يطبق انفاسه، ويعبر مسرعا، هربا من رائحة الصرف الصحي الكريهة المنتشرة في المكان، والتي اقل ما يمكن ان يقال عنها بالمعنى العامي الشائع “بتقتل”.
أسباب هذا التلوث تعود وفق تأكيد رئيس بلدية الجديدة البوشرية انطوان جبارة الى بعض اصحاب صهاريج نقل المياه المبتذلة الذين يعمدون على تفريغ حمولتهم في “راغارات” الصرف الصحي في المنطقة. ورغم محاربة البلدية لهم، وتصديها لاعمالهم غير القانونية والمضرة بالبيئة، بمختلف الوسائل، الا انهم لا يتوانون بين الحين والاخر عن القيام بذلك على حد تعبير جبارة. حتى انهم، تجنبا للمواجهة مع البلدية في نطاقها الجغرافي، باتوا يفرغون حمولتهم في بياقوت التي تصب في نهر الموت، ومنه في البحر”.
وفي ظل التعديات على النهر من قبل بعض المسالخ والمعامل ومزارع الحيوانات والصرف الصحي، يرى جبارة ان “البلد كله يتخبط في مشكلة النفايات والصرف الصحي، وهي تحتاج الى محطات للمعالجة للتخلص منها بشكل جذري”، لافتا الى مشروع دراسة وضعها مجلس الانماء والاعمار، منذ سنوات، لحل مشكلة الصرف الصحي في نهر الموت ومناطق اخرى، الا انه اصطدم بمعارضة اهالي برج حمود.
ولفت الى محطة التكرير المخصصة لمعالجة مياه الصرف الصحي لمناطق بحمدون وصوفر وعاليه وبعبدا وصولا الى بيروت من جهة وللمتن الاعلى والمتن والاشرفية من جهة اخرى.
وقال: “ان الاعتراضات على مشروع مجلس الانماء والاعمار مستمرة منذ اكثر من عشر سنوات ومستندة على رفض اهالي برج حمود في ان تكون منطقتهم مصبا لمجاري ما يجاوز مليون و200 الف مواطن، مطالبين بتعديل الدراسة، في حين ان مجلس الانماء والاعمار يصمم على تنفيذ المشروع في كل مرة يعرض فيه الموضوع للبحث او لدراسة جديدة. وقد ورد اقتراح مؤخرا بان تقام محطة تجميع لمياه الصرف الصحي في منطقة نهر الموت ومحطة للمعالجة في برج حمود وذلك من باب تخفيف الضغط على برج حمود التي اعتمدت ايضا من ضمن المناطق المخصصة لاقامة معامل لفرز النفايات”.
وان كانت مشكلة الصرف الصحي في نهر الموت على ابواب الحل، حيث استهلت المرحلة الاولى بالتنفيذ في القسم الاول من الشبكة منذ اشهر، بعد ان رصد البنك الاوروبي لها ميزانية قدرت بنحو 18 مليون يورو لمد الشبكات وانشاء المعمل. الا ان المشكلة تبقى في الادارة والتشغيل والصيانة. اذ ان هناك العديد من محطات تكرير المياه المبتذلة انشئت ولم تعمل في ظل عجز البلديات المالي، وتدني مستوى الجباية، وصعوبة امكانية استيفاء تعريفات خدمة الصرف الصحي من المواطنين لتغطية جزء من تشغيلها، اضافة الى اسباب تقنية في حالات كثيرة.
كما انه في ظل استمرار معارضة اهالي برج حمود، والمدة الزمنية التي يستلزمها تنفيذ الشبكات والمحطات، وعجز البلديات المالي والفني عن التشغيل والصيانة تبقى مشكلة الصرف الصحي في نهر الموت مصدرا للتلوث البيئي والخطر الصحي، مع ما يعكس ذلك من اضرار اقتصادية واجتماعية وسياحية على المنطقة لا تعوض.
والى حين انشاء محطات المعالجة الموعودة وتحويل مياه شبكات الصرف الصحي اليها تظل الانبعاثات الكريهة المصحوبة بمياه المجارير المتجهة للبحر، تزكم انوف السكان واصحاب المحال التجارية والمارين.