سلوى بعلبكي
بعد أعوام من الانتظار، يبدو ان بورصة بيروت وضعت على سكة الخصخصة بدليل طلب وزير المال علي حسن خليل من الحكومة الموافقة على خطة لتحويل بورصة بيروت شركة مساهمة كإجراء تمهيدي نحو خصخصتها.
القرار الذي اتخذه وزير المال هو جزء من قانون الاسواق المالية الذي صدر عام 2011، ونص على أن يجري التحويل على مرحلتين. الأولى تقتصر على تحويل البورصة شركة مساهمة، على ان تكون كل أسهمها مملوكة من الدولة. أما المرحلة الثانية فتتم فيها خصخصة البورصة وتحديد شروط عرض الأدوات المالية للاكتتاب العام أي طرح أسهمها للعموم بعد سنة من إقراره، على أن يتم بعد ذلك بعد طرح أسهم الشركة (بورصة بيروت) أمام المستثمرين.
القرار يمثّل التوجه العام القائم في كل البورصات العربية، وهو ما كان طالب به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مراراً بتحويل البورصة شركة مملوكة من الدولة تمهيداً لخصخصتها. فهل لخصخصة البورصة ايجابيات، وما هي الاجراءات التي ستتخذ في هذا السياق؟
عند الحديث عن خصخصة البورصة من البديهي أن يستنفر المجلس الاعلى للخصخصة، ولكن الأخير لم يتلق أي تكليف بالعمل في هذا الاطار. ويؤكد رئيسه زياد حايك لـ “النهار” أن لا قانون لخصخصة البورصة، وتالياً ليس هناك شيء قانوني لنعمل عليه، علماً أننا حاضرون للعمل اذا تم تكليفنا من مجلس الوزراء”.
الا أن المسألة برأيه ليست مسألة خصخصة، إذ لكي يكون لدينا بورصة مشابهة للبورصات العالمية يجب أن تتم خصخصة قطاع الاتصالات. فالبورصة يجب أن يكون فيها عمق، أي أن تدرج فيها شركات كبيرة يتعدى عدد اسهمها الـ 100 ألف سهم.
من هنا، يعتبر حايك أنه من الأهمية أن يتم التعجيل بإطلاق شركة “ليبان تيليكوم” التي تم تأسيسها منذ عام 2002 ومن ثم خصخصتها. فطرح اسهمها يشجع التداول فيها، بدليل أن سهم “التيليكوم” أهم سهم مدرج في بورصات العالم، باستثناء لبنان الذي يعتبر سهم شركة عقارية هو الاهم. فسهم “سوليدير”، هو الاهم في البورصة، ولكن شركة “سوليدير” هي شركة عقارية وليست كشركات الاتصالات التي يحصل فيها على الدوام تغيير في الاستراتيجيات وتاليا يجب أن يكون اساس البورصة. عدا عن ذلك، فإنني لا ارى للبورصة أي مستقبل اذا كانت تدار من القطاع العام أو من القطاع الخاص.
ويصر حايك على موقفه، عبر تأكيده ان نجاح البورصة مرتبط بخصخصة قطاعي الخليوي والاتصالات عموماً، وكذلك تأسيس “ليبان تيليكوم” ليكون ثمة امكانات لتداول أكبر عدد ممكن من الاسهم ومنحها تالياً زخماً أكبر لا سيما حيال استحداث أدوات مالية جديدة، أو جذب المستثمرين. ولكنه يشير الى “ان الوزراء غير مستعدين للقيام بهذه الاجراءات. فالفساد متغلغل في قطاع الاتصالات منذ 13 عاما، بدليل أن القوانين الخاصة به لا تطبق، على رغم انهم أوجدوا الهيئة الناظمة للاتصالات، ولكن من دون صلاحيات”.
أزعور: لتكن ملكيتها متاحة للجميع
خصخصة بورصة بيروت ليست توجهاً جديداً عالمياً، اذ يتم خصخصة البورصات لمنحها المزيد من الزخم حيال التفتيش عن أدوات جديدة أو شركات مدرجة. ولحظ القانون في لبنان خصخصة البورصة الحالية مع امكان أن يكون هناك شركات أخرى.
ولكن السؤال هو: هل في مقدور لبنان استيعاب أكثر من بورصة؟. يرى ازعور أنه “لا إمكان لخصخصة البورصة حالياً لأن الظروف السياسية غير مواتية، لذا ارتأوا أن يتم ايجاد بورصات أخرى تحل تدريجياً مكان البورصة”. فماذا تبقى لتحويل البورصة شركة مساهمة؟. هذا القرار وفق أزعور، يفترض أن يتخذه مجلس الوزراء، بغض النظر اذا قمنا بخصخصة البورصة ام لا.
الى ذلك، يؤكد وزير المال السابق ضرورة تفعيل دور البورصة، علما ان تفعيلها لا يعني بالضرورة خصخصتها، إذ يمكن تحقيق ذلك عبر بقائها في وضعها الحالي. فتحويلها شركة خاصة ليس بالضرورة عنصرا لنجاح تطويرها خدماتيا، وفي الوقت عينه ليس عائقا أمام تطويرها.
وفي حال خصخصة البورصة، ينصح أزعور بأن تكون ملكيتها متاحة لأوسع فئة ممكنة. لسببين أولهما أنه اذا كان هناك من منفعة يجب أن تتوزع على اكبر عدد من المواطنين، وثانيهما لكي لا يكون هناك إمكان لأن يسيطر عليها احد.
كيف يرى مستقبل البورصة في حال تخصيصها؟ في الفترة السابقة عمل أزعور على تطوير الاسواق المالية، فلاحظ أن الذي يعوّق تطويرها هو اعتقاد المصارف أن الاسواق المالية ستأخذ من طريق عملها. ولهذا السبب لم تتطور مصارف الاعمال في لبنان، علماً ان الدولة تتدخل لتطوير هذا النوع من الخدمات عبر تعميم مصرف لبنان 331. أما اليوم، فيرى ازعور أنه “من الضروري تطوير الاسواق المالية لنحمي الاستقرار، لأنه لا يجوز أن يكون تمويل الاقتصاد من الدين بل نريد أن يكون ثمة مشاركة. نريد أن نحمي الادخار وايجاد خدمات مالية جديدة. ويؤكد اخيراً ان تطوير الاسواق المالية أمر مهم، (في حال تمت خصخصة البورصة أم لا)، وذلك لتنويع مصادر تمويل الاقتصاد.