Site icon IMLebanon

“شجرة النفايات” لم تثمر بعد!

Wastes4

 

 

أمطرت الثلثاء في البقاع، ونجت بيروت من كارثة بيئية. وإذا كان الحراك في الشارع يحاصر الحكومة المغيبة لثلاثة أسابيع اضافية، على ما توقع وزير الاقتصاد ألان حكيم، كما مؤتمر الحوار الوطني الذي يعقد اجتماعا ثانيا اليوم خلف شريط شائك يمنع بلوغ المتظاهرين قاعة المتحاورين، فان الفيضانات التي ستسببها أمطار محتملة، ستحاصر سكان بيروت الكبرى ومحيطها، إذ انها ستجرف معها النفايات المكدسة لتقفل المجاري، وتتسبب بمستنقعات تنمو فيها كل أنواع الحشرات الناقلة للأمراض.

أما وزير الاشغال العامة غازي زعيتر الذي عقد مؤتمرا صحافيا قبل يومين لتبرئة ذمته من الانعكاسات السلبية للامطار، فقال لصحيفة “النهار” إنه “أعطى تعليماته لتنظيف كل الطرق الدولية والمجاري ونهر الغدير من النفايات”. لكنه أضاف أن “البلديات فاتحة على حسابها فهي ترمي النفايات في أي مكان وقد رمتها على الطرق الدولية، ولم تجد الشركات التي لزّمتها رفع النفايات مكاناً لرميها وقد احترت في أمري صراحة إذ لم نجد مكاناً نضع فيه النفايات”. وعن رؤيته للحل قال: “لست وحدي من يحلّ قضية بهذا الحجم. الحل يتطلب التعاون بين الحكومة والبلديات”.

واشارت “النهار” أن ماراتون الاتصالات التي أجراها وزير الزراعة أكرم شهيب في شأن تنفيذ خطة النفايات التي أقرها مجلس الوزراء الاربعاء الماضي، إضافة الى الاتصالات الموازية التي جرت بعيدا من الاضواء، يفترض أن تؤتى ثمارها خصوصا أن تسهيلات ظهرت في موضوع المطامر في عكار والبقاع والناعمة.

صحيفة “السفير” رأت ان اجتماع اللجنة الفنية المكلفة متابعة ازمة النفايات، والتي يرأسها وزير الزراعة اكرم شهيب، بدد امس، بعض التفاؤل الذي ظهر امس الاول في شأن تقدم الحلول لمعالجة ازمة النفايات، اذ تبين ان الحلول لا تزال بعيدة على كل المستويات، لا سيما لتنفيذ المرحلة الانتقالية الطارئة.

وقالت “السفير”: “صحيح ان الحوارات مع الجمعيات البيئية كانت ايجابية لناحية اختيار آلية المعالجة، الا انه لم يظهر تقدم ملموس على صعيد اختيار مواقع المعالجة، لا في شأن مطمر الناعمة حيث تبيّن أن الموضوع لا يزال يحتاج الى بحث ومناقشات وتدخلات من أطراف فاعلة، ولا بالنسبة لمكب برج حمود، اذ ان الدراسات التي أنجزت امس لمعرفة كيفية معالجة المكب لم تناقش بعد مع الجهات المعنية لا سيما في منطقة برج حمود”.

وقد كشفت مصادر مطلعة لـ«السفير» ان الخطة التي ستعرض على المعنيين بملف برج حمود تتضمن إنشاء حاجز بحري وردم مساحة تقارب 500 ألف متر مربع بكلفة تقارب 85 مليون دولار اميركي، على ان تعالج هذه المنطقة بعد ذلك ما بين 750 و800 طن يوميا من النفايات، وتقام في المساحة المردومة حديقة عامة وارض للاستثمار. اما الموقع الذي تم اختياره في منطقة المصنع، فقد تم التراجع عنه بعدما تبين انه يمكن ان يؤثر سلبا على المياه الجوفية، وهناك امكانية لاستبداله بمكان قريب من الحدود لم يتم ترسيمه بعد مع سوريا.

ويبدو ان موقع سرار في عكار هو الوحيد الذي تقدم البحث في شأنه بإدارة مباشرة للملف من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي سيواصل اجتماعاته مع فعاليات في المنطقة لشرح الخطة المقترحة، بعد ان اجتمع امس مع وزير الزراعة اكرم شهيب واللجنة الفنية وتم التنسيق في شأن استكمال الخطوات التنفيذية لقرار مجلس الوزراء مع بعض التعديلات.

وقد تبين ان دراسة القوانين التي تسمح للحكومة بفرض رسوم وضرائب على المواد التي تتحول الى نفايات لم تنجز بعد، كما ان لا خطة واضحة لكيفية ادارة المرحلة الانتقالية، باستثناء تكليف «سوكلين» استكمال إقفال خلية في مطمر الناعمة خلال فترة أسبوع بعد نقل بعض النفايات المتراكمة اليه وإقفاله وتأهيله بحسب شروط العقد.

اما كيفية نقل النفايات الى المواقع المختارة والآلية والتوقيت، فلا تزال مدار بحث وجدل. ولم يعرف حتى الآن من سيقوم بهذه العملية وهل سيتم فرز النفايات في المعامل قبل نقلها ام تفرز في موقع المعالجة؟ وهل سيتم نقل النفايات بعد كبسها وتغليفها ام من دون ذلك كما يطرح البعض؟ وما هو نوع الشاحنات التي ستنقل هذه النفايات وعددها؟ إذ اقترح البعض ان يشتري مجلس الإنماء والاعمار شاحنات كبيرة مجهزة بآلة ضغط لكبس النفايات وسحب العصارة منها قبل نقلها.

وتبين ان سعر الشاحنة الواحدة يمكن ان يزيد على 200 ألف دولار أميركي وان الحاجة هي الى ما لا يقل عن 50 شاحنة. الامر الذي يطرح تساؤلا عمن سيدفع هذه الكلفة للتشغيل لمدة 18 شهرا، مع العلم ان الفترة المتوقعة لشراء هذه الشاحنات وشحنها قد تمتد الى أكثر من سبعة أشهر! كما ثمة تساؤلات حول كيفية تلزيم إنشاء المطامر، من ضمن الخطة الطارئة، مع العلم ان إجراء المناقصات يتطلب بعض الوقت، أي ما لا يقل عن ثلاثة أشهر.

وبعد ان تعثرت عملية جمع نفايات العاصمة بيروت أمس لامتلاء المكان الموقت في الكرنتينا، تدخل وزير الداخلية ومحافظ مدينة بيروت امس وتم التوسع في المكان لاستيعاب المزيد من نفايات العاصمة لمدة اربعة او خمسة ايام اضافية، لحين ايجاد الحلول.

من جهتها، قالت مصادر النائب وليد جنبلاط لـ”الأخبار” إن “هناك قراراً في الحكومة وعند القوى السياسية لحلّ أزمة النفايات بشكل سريع”.

وقالت إن “المشكلة محصورة في توفير توافق سياسي على خارطة المطامر أو المكبات المؤقتة”، موضحة أن “الاتصالات في ما خص مكبّ مجدل عنجر انتهت الى نتيجة سلبية، وأن البحث قائم عن بديل، بعدما تبين أن المكب على السلسلة الشرقية يهدّد المياه الجوفية. وتحدثت المصادر عن موافقة من حزب الله على اختيار موقع آخر دون تحديده”.

أما بشأن مطمر “سرار”، فقالت المصادر إن “هناك اعتراضاً مصدره اتحاد بلديات الجومة واتحاد الشفت، ويجري التواصل سياسياً مع العماد عون ونائب رئيس الحكومة الاسبق عصام فارس لمعالجة الامر، إذ إن رئيسي الاتحادين هما سجيع عطية قريب من فارس، وأنطون عبود قريب من العماد ميشال عون”.

وفي ما خصّ مطمر الناعمة، تقول المصادر إنه “عندما يصرّ المجتمع المدني على إغلاق الناعمة، فستتحول نقمة الناس عليهم”. وشددت على ما قاله الوزير أكرم شهيب من أن مطمر الناعمة لن يفتح وحده.

من جهتها، تحدثت أوساط مطلعة على الحركة الحثيثة الجارية في هذا الصدد، لصحيفة “الراي” الكويتية، عن إحتمال حصول تطور إيجابي في غضون الـ 48 ساعة المقبلة من أجل إنطلاق تنفيذ خطة شهيب التي وافق عليها مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، وذلك بعد تطعيم الخطة بتعديلات بناء على مطالب الجهات المعترضة عليها، ولكن من دون تغيير جذري فيها، وخصوصاً لجهة اعتماد مطامر للنفايات، وتوزيعها على عدد من المناطق بشكل متوازن، وسط تغطية شاملة من القوى السياسية، التي أعادت تأكيد هذا الغطاء اول من أمس في اجتماع لجنة البيئة النيابية التي تمثلت فيها جميع القوى والكتل النيابية.

وقالت الأوساط نفسها لـ”الراي”، إن ثمة إمكانية لبدء تنفيذ الخطة من خلال الشروع في نقل أكوام النفايات المكدسة في بيروت وجبل لبنان خلال يومين على الأكثر، اذا سارت الامور كما هو مرسوم لها وما لم تطرأ عقبات في اللحظات الاخيرة، وهو أمر يصعب استبعاده ولا بد من لحْظه دائماً وسط المناخ المحتقن الذي يسود واقع هذه الأزمة وكذلك الوضع الداخلي العام.